طرحت “المجتمع” موضوع “العلاقة بين الحاكم والعالم” على مجموعة من العلماء والمفكرين الإسلاميين، طارحة سؤالاً وحيداً عن كيفية العلاقة النموذجية بنيهما، محاولة بذلك استقراء مواطن الخلل في هذه العلاقة، واستكشاف السبل العملية الصحيحة لتصحيح مسار هذه العلاقة في واقعنا المعاصر.
وقال د. يوسف القرضاوي: العلاقة بين العالم والحاكم تتمثل في النصيحة والبيان، قال تعالى: (وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ) (آل عمران: 187).
البيان والنصح هو الواجب على العلماء، وقبل هذا كان الحاكم هو العالم أو العالم هو الحاكم، والأصل في الإسلام أن يكون الحاكم مجتهداً أو على الأقل أن يصل إلى مرحلة كبيرة في العلم، فإن لم يكن كذلك استعان بالعلماء، وينبغي أن يكون العالم قريباً من الحاكم يسدده ويرشده ويفتيه، ثم للأسف حدث بعد ذلك انفصال بين العلم والحكم، وأصبح العالم في واد والحاكم في واد آخر، وأخطر من ذلك أن يصبح العلماء في ركاب الحكام، وأن يوجد من العلماء من يبرر لهم أخطاءهم وخطاياهم، ومن يصدر لهم الفتاوى التي تضفي الشرعية على أعمالهم مهما كانت مخالفة للشرع وللإسلام، وهذا هو الخطأ بعينه، وهذا يقتضي أن يستقلّوا مالياً، وكان قديماً لهم أوقافهم الخاصة، وليسوا موظفين في الدولة، فإنها تستطيع أن توليهم وتستطيع أن تعزلهم وتستطيع أن تشبعهم وتستطيع أن تجوّعهم، فهذا هو الخطأ، وقد سأل بعض الأمراء في عصر بني أمية عن سر قوة الحسن البصري فقال: احتاج إلى دينه، واستغنى عن دنياهم.
فقد كان عنده بعض المال الذي كان يغنيه عن مد يده إلى حكام عصره، وكان الحكام محتاجين إلى علمه ودينه، فالمشكلة تكمن فيما إذا كان الحكام مستغنين عن دين العالم، وعلمه، والعالم محتاجاً إلى دنياهم ليعيش، وهذا هو الخطر، ولذلك لا بد من محاولة لإعادة الأوقاف إلى العلماء ليستقلوا بأنفسهم.
[1] العدد: (1044)، ص 32-33 – بتاريخ: 14 شوال 1413هـ – 6 إبريل 1993م.