تحاول الحاجة كفاية الحميدي (90 عاماً) تجميع ذكريات حجها لبيت الله الحرام، ورحلة العمر لها قبل 40 عاماً، وما رافقها من متعة وخطر في وقت واحد، خاصة وأن ظروف السفر والسكن والمعابر تختلف عما هي عليه اليوم.
تقول الحاجة الحميدي من مخيم المغازي وسط قطاع غزة لـ«المجتمع»: في عام 1978م، سجلت للحج برفقة أخي، كنت مشتاقة لبيته العتيق، وبعت بعضاً من مصاغي من أجل هذه الرحلة، كانت حينها تكلفة الحج 100 دينار أردني، أما اليوم فتكلفة الحج أكثر من 4 آلاف دينار أردني، وهو رقم أضعاف ما كان وقتنا.
وتضيف: قبل شهر من التوجه لرحلة الحج ذهبت للمسجد الأقصى المبارك، وصليت فيه، وكذلك ذهبت إليه بعد عودتي من الحج.
طقوس وداع الحجاج
وتروي الحاجة الحميدي كيف كانت الزغاريد المصحوبة بدموع الفراق تنبعث من منازل الحجاج قبل توجههم لمكة المكرمة، وزيارة كل الأحباب والجيران لها، لوداعها، وسط الزغاريد والأناشيد، التي يطلق عليها «التحنين»، وينطلق الحجاج بعدها بقوافل من غزة إلى المعبر مع الأردن؛ لأن جميع حجاج فلسطين في ذلك الوقت، كما تقول، يذهبون في قوافل برية.
وتشير الحميدي إلى أن المركبات التي كانت تقلهم كانت شديدة الحرارة، فهي لا يوجد فيها مكيفات، وتستمر رحلة الذهاب من غزة، ومن ثم إلى الأردن إلى المملكة العربية السعودية 5 أيام متتالية.
وتسرد كيف كانت أيام المبيت في مكة ومنى وعرفات، ونجاتها من التدافع الشديد في منطقة الجمرات بمنى، وتؤكد أن ذكريات الحج ما زالت تسردها لأحفادها، أنها رحلة روحانية.
وتستذكر حادثة مفجعة حدثت معها أثناء عودتها والحجاج الذين كانوا معهم، وهي وفاة صديقة عمرها ورفيقتها في رحلة الحج على الحدود الأردنية السعودية؛ «الله يرحمها ماتت بعد انتهاء رحلة الحج، كان يوماً مؤلماً».
رحلة الحياة
من جانبه، قال الحاج عايد الترابين (85 عاماً) من غزة، لـ«المجتمع»: ذهبت إلى رحلة الحج في عام 1984م، كنت حينها شاباً وسجلت للحج، فلا توجد قرعة حج مثل اليوم، ولا رحلات طيران، وكانت عملية السفر للحج طريقاً برياً، واستغرقت رحلتنا 37 يوماً، ما بين حج، وسفر طريق ذهاب وعودة.
وأشار الترابين إلى أن هناك عادة لا أحبذها، وهو أنهم كانوا يتعاملون مع من يذهب للحج على صعوبة أن يبقى على قيد الحياة، وذلك لصعوبة الطريق وأجواء الطقس الحارة في الأراضي المقدسة، والتزاحم الشديد في مكة، قبل أن تحدث عمليات التوسعة الكبيرة بعد ذلك في الحرم المكي، ومنطقة الجمرات.
ولفت إلى أن حجاج فلسطين كانوا يصرون على زيارة المسجد الأقصى المبارك، قبل أو بعد عودتهم من الحج، فيما يعرف بـ«تقديس الحج».
وعن طقوس الاستقبال والعودة بالسلامة من رحلة الحج، يوضح الحاج الترابين أنه أقام وليمة غداء ضخمة ذبح فيها عجلاً فرحة وقرباناً لله عز وجل على نعمة إتمام الحج والعودة بالسلامة، يتخلل ذلك توزيع الهدايا وماء زمزم على المهنئين.