إن هناك عبارة كثيرًا ما تترد على الألسنة تقول: هذا من رابع المستحيلات فما هو رابع المستحيلات هذا؟ فالمفروض أن هناك مستحيلات ثلاثًا جاء في هذا البيت من الشعر العربي:
يقولون: إن المستحيل ثلاثة … الغول والعنقاء والخل الوفي
وبذلك يقال للأمر بالغ الاستحالة: هذا من رابع المستحيلات وبناء على ذلك يمكن أن نقول أنه من رابع المستحيلات أن يكون آل يهود جديرين بالآدمية التي كرمها الله عز وجل أو جديرين بالإنسانية التي بالإنسان السوي الذي يحترم القيم الأخلاقية ويستشعر بالمبادئ العليا والمثل الرفيعة وقد أنصف الشاعر محمود غنيم رحمه الله حين قال في قصيدته العصماء الذي أشترك بها في مؤتمر دمشق الأدبي عام 1961م.
إني لأنقص للأنذال قدرهمو … إن قلت إن بني صهيون أنذال
ولسنا في حاجة إلى من يقوم لنا آل صهيون أخلاقيًا بعد أن قال فيهم كلمات الحق كتاب الله عز وجل وكشف عن معدنهم الذي هو مصدر كل نذالة وخسة وخبث وغل، وحقد، وضغينة، وبغضاء، ولذلك كان جزاء وفاقًا من الله سبحانه أن يمسخهم قردة خاسئين ووصفهم بأنهم قتلة الأنبياء ومصاصو الدماء ومثالًا فظيعًا للغدر والخيانة والانحطاط والدناءة.
ويبدو أننا نسينا كتاب الله وحكمه في آل صهيون وموقفهم من رسالة الإسلام ومن رسول الله في بداية الدعوة حتى أجلاهم الرسول صلى الله عليه وسلم صاغرين من يثرب وشر من ذلك أننا نسينا ما فعلته عصابات آل صهيون في عرب فلسطين عام 1948م وما قبله وما بعده.
نسينا ما ارتكبوا من جرائم يندى لها جبين البشرية في (اللد و الرملة و دير ياسين) ونسينا إحراقهم المسجد الأقصى ونسينا مجزرتهم البشعة في لبنان تعاونًا مع الصليبية المتعطشة لدماء المسلمين لقد نسي البعض منا من قبل فوضع يده في يد آل صهيون وبهذا الصلح حقق آل صهيون حلمًا لم يكونوا يحلمون به ومن خلال هذا الصلح المشوب بكل الشبهات فجرت «إسرائيل» وعربدت وتمادت في فجورها وعربدتها، جعلت القدس عاصمة لها وحطمت المفاعل الذري في العراق وضمت الجولان وزادت من المستوطنات اليهودية الأرض العربية المحتلة وغزت لبنان وشجعت الضابط الحقير (الرائد سعد حداد) ليقيم دويلة مسيحية جنوب لبنان متاخمة لها، ثم أخرجت المقاومة الفلسطينية راغمة من لبنان وخلا، لها الجو فمارست مع الصليبية اللبنانية وبتشجيع من أمريكا وتواطؤ من روسيا المجزرة البشرية الرهيبة في أيلول الأسود الماضي التي ضاع ضحيتها من العرب والمسلمين عشرة آلاف، ذهبت دماؤهم إلى بارئها تشكو إليه تخاذل العرب وسلبية زهاء ألف مليون مسلم.
ولن تكون هذه الجريمة البشعة آخر جرائم «إسرائيل» لأنها واثقة تمام الثقة من أن العرب والمسلمين لن يفعلوا أكثر من الصياح والهتاف والاحتجاج والاستنكار ومصير كل هذه فرقعات في الهواء تذهب أدراج الرياح.
هذه كلمات تمهيدية كان لا بد منها قبل الدخول في موضوع شريعة الحرب عند اليهود وهي دراسة قام بها عالمان مصريان من أكثر المفكرين تخصصًا في تاريخ اليهود وممن يجيدون اللغة العبرية الأول: الأستاذ الدكتور: حسن ظاظا أستاذ الدراسات العبرية بكلية آداب الإسكندرية والمعار حاليً لجامعة الملك سعود بالرياض والثاني: الأستاذ السيد محمد عاشور خريج كلية تجارة القاهرة ويعمل الآن بتجارة الأقمشة، وقد قدم إلى المكتبة العربية العديد من الدراسات في الاقتصاد الإسلامي وله: الربا عند اليهود – مركز المرأة في الشريعة اليهودية – ودراسات في الديانة اليهودية.
والدراسة تقع في عشرين بابًا، جمعت فأوعت كل شيء عن حقيقة اليهود يقول الدكتور: حسن ظاظا في المقدمة: (الأمة الإسرائيلية نموذج فريد من نوعه من المجموعات البشرية التي عرفها التاريخ وهي تنفرد بجميع المتناقضات في شتى مظاهر الحياة: فهي مثلًا – تدعي أصالة النسب وعراقة الجنس ومع ذلك تقرر أن اليهودي هو من كانت أمه يهودية لانعدام الثقة في أبيه وهي تكاد (تحتكر النبوة) ولا تكاد مع ذلك تتبع نبيًا في إخلاص لا في حياته ولا بعد مماته وهي تقول: إن أبناءها أبناء الله وإن الرب الواحد هو الإله الحليف والحامي والقائد ثم تعبد العجل بعد ذلك كله ويطول سجل المتناقضات لو حاول الباحث استقصاءه في تكوين المجتمع الإسرئيلي الحديث).
ويضيف الأستاذ عاشور أن اليهودي ميال بطبعه إلى اغتصاب حقوق الغير نزاع إلى الشر تواق إلى الحروب على الغير يبذل قصارى جهده لسرقة ما في أيدي الناس ظلمًا وعدوانًا تلك هي طبيعته الشريرة لا تنفصل عنه منذ القدم، ولقد بحثت كثيرًا فوجدت أن تلك الطبيعة تنبع من تراثهم الديني الذي يتمثل في التوراة والتلمود وكتابات الشراح، والمفسرين اليهود، وجدت جميعها تدعو إلى الشر والاعتداء على الغير.
مما يثير الدهشة أن العهد القديم كتاب اليهود السماوي يحمل في ثناياه فكرة الصراع ثابتة مستمرة متصلة تكاد تشمله من أوله إلى آخره وتكاد أسفار هذا الكتاب تشبه ملحمة طويلة دامية مستمرة في كثير من الأحيان تتضمن أخبارًا مجملة حينًا ومفصلة أحيانًا عن صدام بالقوة بين الأفراد أو بين مجموع من البشر لأن طبيعة العنصرية الإسرائيلية لا يمكن أن تتبلور في نفس اليهودي إلا مسبوكة بنيران الحروب فما أن انتهت إقامة هذه الأمة الغربية في فلسطين وتحطمت المملكة التي كانوا قد أقاموها هناك في أعقاب حرب دامية أدار الآشوريين ثم الكلدانيون رحاها عليهم لن ينقطع بذلك تفكيرهم في استعمال قوة السلاح في تنفيذ مخطط مرسوم هو أن تكون فلسطين ركيزة لهم ثم منطلقًا يمارسون منه السيطرة على مقدرات الشرق.
وتتحدث الدراسة عن عقيدة «إسرائيل» وارتباطها بالحرب فأبرز طابع يطبع العقيدة «الإسرائيلية» قديمًا وحديثًا هو ذلك الرباط الوثيق بين (حرب إسرائيل) و (رب إسرائيل) فالحرب في عقيدة بني إسرائيل عمل مقدس فقائد هذه الحرب في زعمهم هو (رب إسرائيل) وجنودها هم (جنود هذا الرب) ويظهر ذلك في كثير من نصوص التوراة المعروف ومن أقوال: (ابن جوريون): (إن يهوه إله إسرائيل هو أيضًا إله الجنود) وتأسيسًا على ذلك تكون حروب «إسرائيل» أيضًا القديمة والحديثة حروبًا مقدسة في نظرهم وتحدثنا الدراسة عن بعض المبادئ العدوانية التي اشتمل عليها التلمود والتي تعتمد على أن الدين اليهودي خير الأديان – الجنة لليهود فقط – السيادة لليهود فقط – الجنس «الإسرائيلي» هو أفضل الأجناس البشري العدل: هو قتل الشعوب جميعًا: ففي هذا التلمود: (من العدل قتل الكافر لأن من يسفك دم كافر يقدم قربانًا لله) والكافر من لم يكن يهوديًا كذلك حرم التلمود الشفقة والرحمة بالنسبة للوثني – كل ما ليس يهوديًا) يقول: فإذا رأيته واقعًا في النهر أو مهددًا بخطر فمحظور عليك أن تنقذه منه لأن الشعوب السبعة
التي كانت في أرض كنعان (فلسطين) والواجب على اليهود قتلها لم تقتل عن آخرها بل هرب بعض أفرادها واختلطوا بباقي أمم الأرض ومن المحتمل أن يكون هذا الوثني من نسل هذه الشعوب.
واليهود ينقضون العهد وهذا يتفق وما أوصت به شريعتهم حيث أمرتهم التوراة بنقض العهود وهذا المبدأ اللاأخلاقي صفة من صفاتهم السيئة ولكي نعرف آل صهيون على حقيقتهم المجردة يجب أن نقف في إيجاز على شريعتهم في الحرب فنتائج الحرب – أي حرب – أما الصلح وإما النصر أو الهزيمة، فإذا كان الصلح، فلك أن تقرأ ما جاء في سفر التثنية: حين تقرب من مدينة لكي تحاربها، استدعها إلى الصلح، فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير، ويستعبد لك، وهذا هو العدل في شريعة آل يهود.
أما إذا كان النصر حليف آل يهود فالويل كل الويل للمغلوب، بنص شريعتهم أيضًا أي أنه كما جاء في سفر التثنية فالدولة المهزومة يجب أن تهدم وتخرب، ويقتل أهلها جميعًا ذكورًا وإناثًا -أطفالًا وشيوخًا-، وكل ما فيها من حيوانات ومواش، وغير ذلك.
وجاء في سفر صموئيل الأول: (فالآن اذهب واضرب عماليق، وحرموا كل ماله، ولا تعف عنهم بل اقتلوا رجلًا وامرأة، طفلًا، ورضيعًا، بقرًا، وغنمًا، جملًا، وحمارًا).
والذي يتتبع الشريعة اليهودية في الحرب يتأكد لديه أن آل صهيون قاموا بمراحل كل ألوان الهمجية حتى في أحط عصور الغاية، والمصيبة أنهم متمسكون بالتوراة، ولكن أية توراة بين أيديهم؟ لقد كتبت التوراة الموجودة بعد موسى عليه السلام بأكثر من ألف سنة، فهي إذن من بنات أفكارهم، ولا يمكن بحال أن تكون الكتاب السماوي الذي أنزله الله سبحانه على موسى: فهي هدى ونور بنص القرآن الكريم.
وخلاصة القول:
أن ديننا يفرض علينا أن نعرف عدونا، ونحن اليوم أمام عدو مجرد من كل قيمة خلقية إنه كالمرأة العربيدة الفاجرة التي لا تقيم وزنًا للقانون ولا الرجال، لأن القانون لا يعمل في هذا الزمان إلا لحساب القوة، ولأن الرجال وضعوا روؤسهم في الرمال كالنعام.
إننا نحس اليوم بنعمة الصلح مع «إسرائيل»، وقد رأينا ما فعله الصلح المنفرد، وكيف جعل إسرائيل تتمادى في صفقاتها وجرائمها، ونحن في موقف المتفرج كل ما فعلناه أننا لجئنا إلى مجلس الأمن وهو مشلول لا يملك من أمره شيئًا، لقد استخدمت «إسرائيل» القوة في ارتكاب جرائمها فلا يردعها إلى القوة، وإلا ظللنا نحرث في البحر، وتقديرنا للعالمين الجليلين الدكتور: حسن ظاظا، والأستاذ محمد السيد عاشور، فقد قدما لنا دراسة قيمة عن حقيقة آل صهيون، ولكن من يقرأ ومن يسمع؟ وحسبنا الله وحده.
_____________________________________
المصدر: المكتبة الشاملة الذهبية.