تصدرت حادثة وفاة الباحثة المصرية ريم حامد في فرنسا «الترند» مؤخراً، وسط غموض واضح أحاط بوفاتها، وتتوقف أبحاثها التي تركزت على مجالات التكنولوجيا الحيوية والجينات، وهي مجالات تحظى باهتمام عالمي نظرًا لتأثيرها الكبير على التطور العلمي والطبي، يبدو أن الباحثة ريم لمست خطاً أحمر، أو اقتربت من ممنوع من ممنوعات العلم، أو رفضت التواطؤ لتكون جزءاً من مؤامرة من المؤامرات الكثيرة التي تحاك، يبدو ذلك من خلال قراءة ما بين أسطر منشوراتها على «فيسبوك» قبل حادثة الوفاة أو بالأحرى الاغتيال، في انتظار ما ستخلص إليه تحقيقات السلطات الفرنسية.
استغاثات
«أنا ريم حامد، طالبة دكتوراة في فرنسا، في أمسّ الحاجة للإبلاغ للجهات المعنية في مصر؛ لأنني تحت المراقبة وأجهزتي تم اختراقها، وفوق ذلك أنا مضطرة حاليًا إلى الصمت وعدم الإبلاغ»، من منشور كتبته على «فيسبوك».
وأضافت: «أستمر في العمل في ظل هذه الظروف، وقد يعني هذا أن أكون متورطة معهم في جريمتهم بقبول أفعالهم بالتجسس، واستخدام التوجيهات السياسية داخل بيئة العمل والسكن الجامعي للتجسس عليّ أيضًا.
أرفض العمل في ظل هذه الظروف، أنا تحت الضغط والمراقبة، ومؤخرًا تم تهديدي بحياتي، والدافع وراء ذلك هو رئيس الوحدة التي أعمل بها».
تورط مع سبق الإصرار
وفي منشور آخر كتبت ريم: «وصلت الجرأة إلى أن تأتي جارتي بالمخدرات، شيء يرفع معدل ضربات القلب، وتظل تبخرها تحت الباب حتى أختنق، وأستدعي الشرطة، لكن لا أحد يأتي، أضع ماء لوقف البخار، وتضيف مواد إلى الماء وتضعها في منزلي، التبليغ لا ينفع والجريمة أمام عينيك طبعاً هل هذا طبيعي هنا ولا إيه؟!».
وتكمل: «الأستاذة (يبدو أنها تقصد جارتها التي سبقت الإشارة إليها) هي نفس الشخص اللي صورتها منشورة على حسابها من قبل لأنها كانت تتجسس على الناس في المبنى مش كفاية إن جريمة انتهاك الأمن الشخصي حصلت، دلوقتي دخلنا في مخدرات أو مواد غير مرخصة اللي أقدر أقوله أنها بتحرق العين والأنف وتزيد ضربات القلب وده بيحصل داخل السكن الجامعي عادي جداً كل ده عشان تغطي على جريمتها الأولى».
وفي منشورات أخرى كتبت: «مؤخراً كل ما أروح مطعم أطلب فيه (طعام) حد ييجي أمامي وينادي على الشخص اللي هياخد الطلب وبعدين الطلب بيتجهز بشكل مختلف».
«ومؤخرًا ارتفع معدل ضربات قلبي نتيجة لذلك، والشخص الذي يأتي أمامي وقح ويقول: إن لديّ مشكلة وهذا لصالحي.. طبعًا أنا ألغي الطلب».
مراقبة الضحية
كتبت ريم في قصة أخرى على موقع التواصل الاجتماعي: «أنا حالياً في محطة الأتوبيس عادي جداً قدامي ما يقرب من.. أشخاص حركاتهم مش مريحة وغير كده لما لاحظت ده اتجهوا إلى البوليس للتبليغ وأنا قاعده في حالي.. تقريباً كانوا بيراقبوا لما اتعرفوا تضايقوا وو حالياً واقفين بيحاولوا يصورني ويعمولوا أي قصه يروحوا بيها».
يذكر أن كل المنشورات التي وثقت بها ريم ما تعرضت له قد مسحت قبل مقتلها مباشرة.
العثور على جثتها أمام شقتها
توفيت ريم حامد، أو قتلت، يوم الخميس 22 أغسطس 2024م، في العاصمة الفرنسية باريس، وقد صرح صالح فرهود، رئيس الجالية المصرية في فرنسا، لموقع «العربية»، أن التحقيق في واقعة وفاة الباحثة المصرية ريم حامد تتم في سرية شديدة، لمعرفة سبب الوفاة، وهل هناك شبهه جنائية أم أن الوفاة طبيعية، مضيفاً أن المعلومات المتوافرة حالياً أنه تم العثور على جثمانها أمام باب الشقة التي تسكن فيها.
وتابع فرهود أن معلوماته حول الباحثة أنها حاصلة على درجة البكالوريوس في البايوتكنولوجي من جامعة القاهرة، والماجستير في علم الجينوم بجامعة باريس ساكلاي، وكانت تجري فيها أبحاثها للحصول على درجة الدكتوراة.
ووفق ما تردد من معلومات، فإن الباحثة المصرية كانت تركز في أبحاثها التي كانت تسعى من خلالها للحصول على الدكتوراة على ما يعرف بالتعبير الجيني، وهي العملية التي يتم من خلالها استخدام المعلومات الجينية لخلق منتجات جينية صناعية، والتركيز على عملية إنتاج البروتينات بناءً على المعلومات الموجودة في المادة الوراثية.
وكانت الباحثة تستهدف من خلال أبحاثها معرفة سبب انتشار بعض الأمراض وسبل مواجهتها.
ردود الفعل
وقد أثار مقتل ريم حامد جدلاً واسع النطاق على مواقع التواصل الاجتماعي، وأكدت وزارة الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج متابعتها لواقعة الوفاة.
وقالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان عبر صفحتها الرسمية على «فيسبوك»، أمس الأحد: في إطار متابعة وزارة الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج لوفاة الباحثة المصرية ريم حامد.
وأضاف البيان أن وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي فور علمه بالحادث أمر القنصلية العامة في باريس بالالتزام الدقيق بإجراءات وسير التحقيق من قبل السلطات الفرنسية، والاطلاع على تقرير السلطات الفرنسية المختصة، لتحديد أسباب الوفاة.
واختتم بيان الوزارة بقوله: إن وزارة الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج تعرب عن أسفها العميق لوفاة المتوفى، وتتقدم بخالص تعازيها لأسرته.
وأصدرت أسرة الباحثة الراحلة بياناً أكدت فيه أن القضية قيد التحقيق من قبل النيابة العامة الفرنسية، ولم يصدر حتى الآن أي تقرير رسمي بشأن الوفاة أو تأكيد أو نفي الشبهة الجنائية من عدمه.
واستطرد البيان: نتمنى توخي الحذر في نشر أي أخبار قد تضر بسير العدالة أو تؤدي إلى المساس بحقوق المرحومة ريم.
واختتم البيان بأن محامي الأسرة على تواصل مع السلطات الفرنسية والمصرية في فرنسا لتنسيق عودة جثمان المتوفاة إلى أرض الوطن.
ماتت أم قتلت؟
إذا كانت الباحثة المصرية ريم حامد قد ماتت في ظروف طبيعية فما قصة المنشورات التي سجلتها على صفحات التواصل الاجتماعي؟! ولماذا مُسحت فوراً بعد موتها، أو قبل موتها بقليل؟!
يذكر أنه في أغسطس 1952م، تم اغتيال عالمة الذرة المصرية سميرة موسى بالولايات المتحدة الأمريكية، أول عالمة ذرة مصرية وعربية، ولم يتم اكتشاف القاتل أو الجهة المسؤولة عن اغتيالها حتى اليوم.
وفي أغسطس 2024م تغتال عالمة مصرية أخرى في باريس، فهل يكشف النقاب هذه المرة عن القاتل أو عن الجهة المتورطة في القتل؟ أم ستسجل القضية ضد مجهول؟!