هل يمكن القول: إن الهندوس المتطرفين بقيادة “ناريندا مودي” قد تمكنوا من حمل الإدارة الأمريكية على تلبية مطالبهم مقابل مساعدة إستراتيجية هندية وقطعاً للطريق أمام الصينيين؟
هل يمكن القول: إن الهندوس المتطرفين بقيادة “ناريندا مودي” قد تمكنوا من حمل الإدارة الأمريكية على تلبية مطالبهم مقابل مساعدة إستراتيجية هندية وقطعاً للطريق أمام الصينيين؟ وهل يمكن القول: إن لعبة خطيرة ستشهدها المنطقة بعد قرار الأمريكيين احتضان الهند واعتبارها الدولة المدللة في المنطقة؟ وهل هناك بداية لحرب باردة وغير باردة ستشهدها المنطقة وأبرز لاعبيها هم الصين والهند وباكستان؟ ويرد على هذه التساؤلات المراقبون والخبراء في المنطقة بقولهم: إن نتائج زيارة الرئيس الأمريكي يوم الأحد 25 يناير 2015م لا تترك أي غموض بأن هناك إرادة لتفجير هذا الصراع وإدخال هذه البقعة من العالم في التوترات والقلاقل لا غير.
نجاح زيارة الرئيس الأمريكي في نظر الهند:
ويقول الهنود: إن زيارة الرئيس الأمريكي حققت أحلامهم وأعلنت رسمياً عن دعمهم في تحقيق ما كانوا يرغبون فيه حتى يتحولوا إلى دولة عظمى في العالم، وإلى دولة تسيطر على شبه القارة الهندية، ولا تسمح لأي قوة في المنطقة بمنافستها، وحسب ما يقوله الهنود: إن الأمريكيين قد لبوا أبرز مطالبهم اليوم، وهي:
أولاً: إنهاء الشروط المانعة للتحول إلى الدولة النووية: فقد أعلن الرئيس الأمريكي إنهاء الشروط التي ظلت مفروضة على النووي الهندي وتعرقله في المنطقة، ولم يعد بعد اليوم أي ممنوعات أمام تطوير الهند لسلاحها النووي، فهي ستكون قادرة على الحصول على الأغراض الضرورية لهذا السلاح من قطع غيار ومواد وغيرها من الآليات التي يحتاج إليها النووي من أجل أن يتطور، ويحولها إلى قوة نووية ضاربة في الأرض، وبعد هذا الإعلان فإن الهند ستكون مثلها مثل العواصم الغربية والقوى الدولية التي تمتلك هذا السلاح بشكل مشروع وقانوني، بخلاف باكستان مثلاً التي لا تزال تواجه الحظر على الحصول على ضروريات السلاح، ومن شأن هذا التطور أن يحول الهند إلى قوة نووية، ويخلي بموازين القوة التي تخشاها باكستان، وتطالب الأمريكيين بعدم التسبب في ذلك؛ لأن ذلك سيعني العودة إلى الحروب في المنطقة والخطر.
ثانياً: الانضمام كعضو دائم في مجلس الأمن: وهذه بدورها أمنية قديمة ظلت تعمل للوصول إليها الهند، وبعد موافقة الرئيس الأمريكي على ضم الهند لتمارس هذا الدور، والسماح لها خلال الإصلاحات الجارية لتوسيع أعضاء مجلس الأمن الدائمين أن تكون الهند هي المرشحة في هذه البقعة من العالم؛ لتحتل منصب عضو دائم العضوية في مجلس الأمن؛ وهو ما يعني امتلاكها حق النقض (الفيتو)، وكان الرئيس الأمريكي قد أعلن دعمه الكامل للهند حتى تُعين في هذا المنصب، وأن بلاده لن تمنعها من تحقيق هذا الحلم التاريخي، وحدوث هذا الأمر بالنسبة إلى باكستان سيمثل لها ضربة موجعة من أجل إعادة إقليم كشمير إليها، أو مواجهة التوسع الهندي في هذه المنطقة، وسيفجر هذا الأمر المنطقة برمتها؛ لأن الهند ستظل تستخدم حقها في النقض ضد باكستان وعرقلتها دولياً؛ وهو ما يعني مزيداً من الفوضى في المنطقة والتوترات لا غير.
ثالثاً: اعتبار الهند حليفاً رئيسياً لأفغانستان: وهذا بدوره أمر ظلت ترفضه باكستان في كل مناسبة، وتطالب الأمريكيين ألا يقوموا بهذا الأمر؛ لأن الهند تهدف بتواجدها الكبير في أفغانستان إلى تقويض الاستقرار في باكستان، والنيل من وحدة باكستان وأمنها لا غير، فلا توجد في نظر باكستان جالية هندية تذكر في أفغانستان، ومن ثم فإن فتح عشرات القنصليات والمراكز الهندية في مختلف أرجاء باكستان لا يهدف سوى إلى تعريض أمن باكستان للخطر، ويبدو أن الرئيس الأمريكي لم يعطِ لمخاوف إسلام آباد أهمية، وأعلن خلال اجتماعه مع الرئيس الهندي أن الهند هي اللاعب الرئيس في أفغانستان، وهي المساهم الرئيس في إعادة بناء مؤسساتها وإعادة أفغانستان إلى الدول المستقرة، واعتبرها الرئيس الأمريكي الدولة الأكثر قرباً من أفغانستان وخدمة لمصالحها واستقرارها، ويجب أن تبقى تحتل هذه المكانة بعد إنهاء القوات الأمريكية تواجدها في أفغانستان.
ويعلق الخبراء هنا في باكستان على نتائج زيارة الرئيس الأمريكي أنها تجاهلت باكستان جملة وتفصيلاً، وتجاهلت أمن باكستان واستقرارها وضربت بها عرض الحائط.
الرد الباكستاني:
وكانت باكستان بدورها لم تكتفِ بالتفرج؛ لأنها كانت تدرك أن الأمريكيين مصرون على تحالفهم الكامل مع الهند، ومستعدون لتلبية مطالب الهند مقابل مصالحهم في هذه البقعة من العالم، ولمواجهة هذا الأمر قررت باكستان في يوم زيارة الرئيس الأمريكي إلى الهند أن ترسل رئيس قواتها المسلحة إلى الصين؛ ليجتمع مع كبار القادة العسكريين والسياسيين، ويعلنون تحالفاً إستراتيجياً كاملاً بينهم، يشمل جميع مجالات الدفاع والجيش والقوة العسكرية، وأعلن القادة العسكريون في الصين أنهم سيقفون مع باكستان بكل قوة وصرامة ضد أي عدوان ضدهم، وضد أي توسع إقليمي ودولي، وأنهم سيعتبرون أمن باكستان من أمنهم، وهي رسالة موجهة بطبيعة الحال إلى الأمريكيين والهنود، وفي وقت يزور فيه الرئيس الأمريكي الهند ويعلن معها عن بداية جديدة في علاقاتهم هدفها إرباك الصين وعرقلتها من جهة، والتصعيد مع باكستان وتقزيمها في المنطقة أيضاً، وعلى الرأي المحلي، فإن أمريكا بتجاهلها مطالب إسلام آباد في إبقاء المنطقة بعيدة عن التوترات الخطيرة وحمايتها حتى لا تسقط في المجهول قد أكدت أنه لا يهمها سوى مصالحها ومطامعها العالمية ولا يهمها استقرار وأمن أي دولة.
الشعارات التي يرفعها الهندوس تتحقق:
وكان أفراد وقادة حزب الشعب الهندوسي بقيادة “ناريندا مودي” عقب فوزهم بالحكم في منتصف عام 2014م قد رفعوا شعارات متطرفة تستهوي الطبقة الهندوسية من خلال رفعهم وإعلانهم عن أهدافهم، أهمها:
– إنهاء الوضع الخاص لمسلمي كشمير؛ حيث إنهم مازالوا يتمتعون بوضع المناطق الخاصة، ويمتلك الإقليم قوانين تختلف عما هو معمول به في باقي أقاليم الهند، فإن مخطط حزب الشعب الهندي المتطرف هو إنهاء جميع المميزات والوضع الخاص أو المتميز الذي ظل الإقليم يتمتع به ويصبح إقليماً هندياً كاملاً يمتثل لتعاليم وأحكام الحكومة المركزية، وهي محاولة لجر الإقليم إلى المواجهة بصفة أن غالبية السكان من المسلمين، ويمثل فيه الهندوس أقلية لا تذكر، وبإنهاء ما كانوا يتمتعون به وضمهم عنوة إلى الحكومة المركزية يكونون قد أدخلوا الإقليم في برميل من البارود والتفجيرات والمواجهات الطائفية والأمنية وغيرها.
– إعلانهم عن غزو باكستان على الطريقة الأمريكية، وعدم المبالاة بسيادتها من أجل القبض على رؤوس الإرهاب التي يبحث عنها وعلى رأسها داود إبراهيم، وحافظ سعيد، وزكي الرحمان لنكوي وغيرهم، حيث أعلن الزعيم الهندوسي “ناريندا” أنه سيقلد الأمريكيين في طريقة دخولهم الأراضي الباكستانية.
– إعلان زعماء الحزب أنهم سيطورون قدرات الهند النووية والصاروخية، وسيضعون أسلحتهم النووية في أتم الاستعداد لمواجهة الخطر الصيني والباكستاني، وخطر التنظيمات المسلحة من أمثال “القاعدة”، و”طالبان”.