بين يدي كتاب عنوانه “صورة العرب في الكتب المدرسية الإيرانية”، دراسة استقصائية علمية، تأليف د. نبيل العتوم.
الكتاب يهدف إلى كشف صورة العرب في المراحل الدراسية (الابتدائي، والإعدادي، والثانوي) في مناهج التعليم الإيرانية، فوزارة التربية والتعليم تعتبر الكتب المدرسة المعين الأكبر في تكريس العداء للعرب، والكتاب يقف على كيفية رسم صورة العربي، وكيف تؤثر تلك الصورة في تنشئة الطالب الإيراني وفي قيمهم وأفكارهم وسلوكهم.
تشويه صورة العرب في الثقافة الفارسية، قديم جداً، وليس وليد اللحظة، فكتب الأدب تصفهم بأحقر الصفات، وأسوأ النعوت، وكراهيتهم وعداؤهم للعرب من قبل الإسلام، واستمر بعده، فقد أرسل الرسول الكريم كتابه إلى كسرى الفرس، وقام ملكهم بتمزيق الكتاب، وزال ملكهم لما فتح المسلمون الفرس في عهد عمر بن الخطاب، وهنا السر في كراهيتهم لهذا الصحابي، فقد حولوا قبر أبي لؤلؤة المجوسي قاتل عمر إلى مزار، واستمر العداء عبر العصور المختلفة إلى اليوم، ومشكلة الفرس أنهم رفضوا الاندماج في الهوية الإسلامية، وغلب عليهم الثأر من هزائمهم التاريخية مع العرب الذين انتصروا عليهم في معركة ذي قار، وما بعدها، وتعاملوا مع العرب بالاستعلاء الشعوبي والعصبية الفارسية.
بعد أن تسلم الصفويون حكم إيران توسعوا في العداء ضد العرب، وفي العهد الشاهي، احتلوا “الأحواز” وسارعوا إلى الاعتراف بــ”إسرائيل” لما أعلنت عن قيامها؛ نكاية بالعرب!
وفي عهد الثورة الخمينية تزداد صورة العرب سوءاً.
فكتب المرحلة الابتدائية تصف العرب بالبدو وسكان الصحراء المرتبطة بالخيمة والجمل، وفي كتب المرحلة الإعدادية يُرسخ في عقل الطالب تخلف قبائل العرب، من خلال الاحتكام إلى السيف لحل مشكلاتهم، وعبادة الأصنام، ومعاقرة الخمر، وقطع الطريق، وإظهار هؤلاء البدو أنهم لا يمتلكون أي حضارة، وتكثر المناهج من استخدام وصف “أعراب” بما تحويه من دلالات.
وفي كتب الثانوية، يظهر العرب بأنهم مجتمعات مليئة بالكذب، والفساد، وفي المقابل تظهر الكتب المجتمع الفارسي بالتفوق العرقي، وأنه أسس حضارة، وبالتالي صار مطمعاً لجيرانه، ولابد من التصدي لهم.
ويواصل المؤلف عقد مقارنة بين العربي والإيراني من خلال الكتب الدراسية في شتى المجالات والاتجاهات، فالعربي عدو لآل البيت بعكس الإيراني، وأنه كافر بخلاف الإيراني، والعربي يهين المرأة والإيراني يكرمها إلى أن تصل المفاضلة بين الكعبة الشريفة والنجف الأشرف، والحرم النبوي والحرم الرضوي!
وفي الجانب الجغرافي، تظهر الكتب اسم الخليج الفارسي، بدل العربي، وضم ملكية العراق والبحرين وجزر الإمارات الثلاث!
تسوق إيران لنفسها من خلال هذه الكتب، فهي تغرس في الطالب الإيراني عظمة التاريخ الإيراني، وحلم بناء الإمبراطورية الإيرانية، وتحذر من خطر الإسلامي السُّني، ويوصفونه بالوهابي، والطالباني، وأن إيران حامية الإسلام الحقيقي وحاضنته في العالم!
أخيراً..
لك أن تتخيل هذا الجيل من الطلاب الذين ستخرجهم هذه المناهج، كيف يخرجون للحياة، وكيف ينظرون إلى جيرانهم العرب؟!