حظي الحوار الذي أدلى به الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي بتقييمات سياسية ونيابية متعددة، تراوحت بين من اعتبر تصريحاته تعبيراً عن العجز ونهاية المنظومة القديمة، ومن يراها اعترافاً بواقع خرج عن السيطرة، واستكمال مشوار بدون معالم واضحة.
فقد انتقد القيادي السابق بحركة نداء تونس الأزهر العكرمي خطاب الرئيس الباجي قائد السبسي الذي خصّ به قناة “الحوار التونسي”، وقال: أنا لا أتمنى لرئيس الجمهورية أن ينتهي النهاية التي شهدت آخر فصولها من خلال الحوار، “سي الباجي خرج” بمعنى “انتهى”، وأشار إلى أن مخطّط توريث حافظ قائد السبسي أعدّه الباجي قائد السبسي، وقال: “سي الباجي هو الذي طلب من النواب في عام 2015 يقولوا لهم اصطفوا مع حافظ وسي الباجي هو اللي يضغط على الوزراء”.
خطاب عجز
واعتبر العكرمي أن ذلك أضرّ بالحزب وقال: نخلة نداء تونس احترقت وبقي فيها المرتزقة والنهّابة والكناترية (المهربين) ولن تقوم له قائمة.
ووصف أمين عام حزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي خطاب السبسي بخطاب العجز بامتياز، معتبراً أنّ إعلان الباجي قايد السبسي القطيعة مع حركة النهضة مرده الصراع حول بقاء يوسف الشاهد من عدمه على رأس الحكومة.
وتابع: إعلان السبسي القطيعة مع النهضة خير دليل على أنّ توافق الطرفين هو توافق مغشوش وغير مبني على قواعد سليمة، هذه القطيعة سببها يوسف الشاهد ولا علاقة لها بالأزمة في تونس وما يعانيه التونسي.. هم (النداء) غير معنيين بمشكلات المواطنين وحالة الإحباط التي يعيشونها.. وهدفهم الوحيد السلطة والمناصب.
واعتبر النائب عن كتلة الائتلاف الوطني وليد جلاّد أن الباجي قائد السبسي كان على غير عادته خلال الحوار، مستغرباً ظهوره الإعلامي في هذا التوقيت تحديداً.
وقال: في العادة خطابات الباجي للشعب التونسي تحمل معاني كبيرة، لكن الله يسامح من نصحه بأن يخرج في التوقيت هذا وبالمحتوى هذا، ونفى جلاد وجود قطيعة بين السبسي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد الذي أكد أنه سيعمل بنصيحة رئيس الجمهورية من خلال التوجه في الأيام القادم إلى البرلمان لإجراء تحوير وزاري.
الابن أولاً
فبعد أشهر من الأزمة السياسية مترامية الأطراف التي تعيش على وقعها تونس في ظلّ صراع واضح ومعلن بين رئيس الحكومة وحزبه نداء تونس من جهة، وبينه وبين الاتحاد العام التونسي للشغل من جهة أخرى، أطلّ رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي في حوار تلفزي لم يحمل جديداً سوى تفضيل ابنه وإعلانه القطيعة مع حركة النهضة وإنهاء التوافق بسبب ما اعتبره ضمنياً عدم إسناد له في موقفه خلال الأزمة المتعلّقة بالنقطة 64 من “وثيقة قرطاج 2”.
فالرئيس السبسي الذي اعتبر أن الوضع في النداء لا يسعده دون أن يوجه انتقاداً واحداً لابنه المدير التنفيذي للحزب الذي يعتبره الجميع سبباً في الأزمة التي حذّر رئيس الحكومة يوسف الشاهد من تسربها إلى أجهزة الدولة في تصريح تلفزي قبل فترة تلقى سيلاً من الانتقادات من قيادات ونواب سابقين في الحزب إلى حد اعتباره جزءاً من الماضي.
عزل السبسي
من أخطر ردود الأفعال على خطاب السبسي ما صرحت به النائبة عن كتلة النداء سابقاً وعن كتلة الائتلاف الوطني حالياً هاجر بن الشيخ أحمد التي قالت: نحن أمام خرق جسيم للدستور، الرئيس لم يعد الضامن للوحدة الوطنية، وأضافت في تغريدة نشرتها على صفحتها الشخصية بشبكة التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: قبل نحو شهرين قلت في نطاق مضيق يجب سحب الثقة من الباجي، وها أنا اليوم أقولها في العلن.
من جانبها، قالت النائبة عن كتلة الائتلاف الوطني ليلي الشتّاوي: ما جاء في الحوار شيء مؤسف، وعبرت عن حسرتها لما جاء في الخطاب، وقالت: الباجي قائد السبسي كبير العائلة، لكن للأسف اليوم أصبح من الماضي، لا يمكن أن يكون لا حاضر تونس ولا مستقبلها، وأنها كانت تتمنى أن يؤدي رئيس الجمهورية دوراً أكبر من الذي أداه، كنت أتمنى أن يمارس دوراً أكبر من هذا ويقوم بدور الأب الذي يجمع أبناءه ولا يفرق بينهم.
السبسي لم ينته
من جانبها، وفي سياق مضاد وتفاعلاً مع ردود الأفعال على مضامين حوار الباجي، قالت الناطقة الرسمية باسم رئاسة الجمهورية سعيدة قراش، في تعليقها على تصريح لزهر العكرمي: الباجي قايد السبسي انتهى، إن هذا الموقف يلزمه.
وأضافت أن رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي لم ولن ينتهي لأنه حامل لمشروع مجتمعي ومشروع دولة وهو رجل دولة وتاريخه يشهد على ذلك، وتابعت بالقول: إن السبسي له مشروع تعليم ومشروع للانكباب على إصلاح البنية التحتية للبلاد، مشيرة إلى أن هناك بعض الأطراف تريد حصر الباجي قايد السبسي في دور الحكم في معارك بين أشخاص.