مع اقتراب نهاية شهر رمضان المبارك لا تزال الكنافة والقطايف أحد ملامح الأطباق الرئيسية على موائد المصريين.
فذلك التجمع الذي يبدو لافتا في أحد شوارع مدينة الفيوم (وسط) هو لمصريين راغبيين في شراء إما كنافة أو قطايف لتجهيزها على مائدة الإفطار التي لا تتزين بهما إلا في رمضان غالبا.
وبينما تعلو أصوات البعض قليلا لسرعة الحصول على طلبهم من تلك العادة السنوية، ينهمك الصانع الستيني، محمد جابر في صناعته للقطايف، وبجواره الثلاثيني وليد محمد ينسج خيوط الكنافة.
و”الكنافة” هي خيوط من عجين، يتم تشكيلها إما بطريقة “بلدي” (يدوية) أو آلية، وكذلك “القطايف” عجين يأخذ غالبا شكل الدائرة، وهما من أشهر الحلويات في بلاد الشام ومصر وتركيا.
وعن تفاصيل تلك الصناعة التي يعمل فيها منذ 3 عقود، يقول جابر: “الإقبال يتزايد كثيرًا في آخر رمضان”.
وفسّر ذلك برغبة الناس في وداع الشهر بأهم أكلاته، إلى جانب تخزين البعض للقطايف التي عادة لا تتواجد طوال الوقت مثل الكنافة.
يبدأ جابر بعجن مكونات رئيسية مثل الدقيق والماء والخميرة، في العجان الكهربائي، قبل أن يفرغ ذلك العجين في أوانٍ ويتركه لفترة تخمير.
وبعد وقت قصير، يقف أمام فرن سطحي صغير، ويملأ معلقة كبيرة بالعجين اللين ويضعه بحركة ماهرة وسريعة على شكل دائرة على الفرن المشتعل.
وما تلبث تلك العجينة أن تنضج تحت أسنة اللهب، وترفع على مائدة خشبية لتبرد قليلا قبل البيع.
ويلتقط وليد طرف الحديث قائلا إنّه “يعشق العمل في صناعة الكنافة والقطايف، وتعلمها منذ نعومة أظافره”.
ويحكي عن صناعته التي تعرف باسم “الكنافة البلدي” قائلا: “عقب تجهيز العجين ووضعه في أوان كبيرة، نملأ كوب معدني كبير به ثقوب من الأسفل بالعجين”.
ويبدأ برش الفرن الدائري الذي أمامه بعجين الكنافة الذي ينزل من الكوب على شكل خيوط، ثم يُتركه قليلًا حتى تنضج، ويرفعه بعد قليل للبيع.
وأشار أنّ توحيد أسعار بيع الكنافة جعل الإقبال أكثر على “البلدي” التي كان يرغب الجميع في شرائها، بعد أن كان الزبائن يهربون منها لارتفاع أسعارها مقارنةً بالآلي.
وتوحدت أسعار الكنافة البلدي والآلي والقطايف بسعر 15 جنيهًا للكيلو (نحو دولار)، بزيادة جنيه واحد عن العام الماضي، وفق الصانع جابر.
ووفق مؤرخين مصريين يعود تاريخ الكنافة في مصر إلى عصر الفاطميين، الذي امتد من عام 969 م (358 هـ) إلى 1172م (567 هـ)، وقد شمل حكمهم مصر والمغرب وبلاد الشام.
وحسب روايات تاريخية عرفت مصر الكنافة قبل بلاد الشام، مع دخول الخليفة المعز لدين الله الفاطمي (932 م – 976 م)، إلى القاهرة، وهو أول خليفة لدولة الفاطميين في مصر، وكان وقتها شهر رمضان، حيث خرج الأهالي لاستقباله بعد الإفطار، وهم يتسارعون في تقديم هدايا إليها، ومن بينها كنافة، وبعدها انتقلت إلى الشام عبر التجار.
أما القطائف فيرجع تاريخ نشأتها واختراعها إلى نفس تاريخ الكنافة وقيل أنها متقدمة عليها؛ حيث تعود إلى أواخر العهد الأموي وفي روايات أخرى للعصر الفاطمي.
وقيل بأن تاريخ صنعها يرجع إلى العهد المملوكي؛ حيث كان يتنافس صنَّاع الحلوى لتقديم ما هو أطيب، فابتكر أحدهم فطيرة محشوة بالمكسرات وقدمها بشكل جميل مزين ليقطفها الضيوف ومن هنا اشتق اسمها القطايف.