في 17 أغسطس/ آب 1988، وبينما كان الرئيس الباكستاني آنذاك، الجنرال محمد ضياء الحق، على متن طائرة مع السفير الأمريكى وعدد من كبار ضباط الجيش، انفجرت الطائرة، وتناثرت أشلاء الجميع.
على مدى 32 عامًا، خلص محققون أمريكيون وباكستانيون، أكثر من مرة، إلى أن تحطم الطائرة كان حادثًا نتج عن خطأ فني، وهو ما ينفيه الوزير الأسبق، محمد إعجاز الحق، نجل “ضياء الحق” (1924: 1988).
وقال “إعجاز الحق”، في مقابلة مع الأناضول، إنه توجد أدلة على أنه كانت توجد متفجرات داخل صناديق “مانجو” على متن الطائرة.
وأضاف أنه تم ضخ “غاز الأعصاب” أيضًا في قمرة قيادة الطائرة لتشويه الطيارين؛ لأن “المتآمرين أرادوا الاستعداد لكافة الاحتمالات، فاستخدموا غاز الأعصاب والمتفجرات وأطلقوا قذيفة مدفعية من الخارج أيضًا”.
وتابع أن يشتبه بضلوع كل من الجنرال “أسلم بيغ”، الذي خلف والده في قيادة الجيش، والجنرال “محمود علي دوراني”، قائد الفرقة المدرعة آنذاك المتمركزة في مدينة مولتان، والاستخبارات الإسرائيلية والهندية، في عملية الاغتيال.
وبتوليه الرئاسة، عام 1978، استمر “ضياء الحق” في قيادة الجيش حتى “وفاته” مع خمسة من جنرالاته والسفير الأمريكي، أرنولد لويس رافيل، إثر تحطم طائرة من طراز “C-130” قرب باهاوالبور، على بعد 330 ميلاً جنوب العاصمة إسلام أباد.
وكان “ضياء الحق” ومن معه قد ذهبوا إلى موقع اختبار في الصحراء لمتابعة استعراض دبابات قتالية من “طرازM-1 / A”، كانت الولايات المتحدة الأمريكية تضغط على باكستان لشرائها.
طائرة ذات 4 محركات
قال “إعجاز الحق”، الذي يؤلف كتابًا يكشف الستار عن التحقيقات المُتَسَتر عليها والهشة في “اغتيال” والده، إن الطيارين فقدوا السيطرة على الطائرة قبل الانفجار؛ بسبب استنشاقهم غازًا معينًا في قمرة القيادة.
وأردف: “إسقاط طائرة ذات 4 محركات، مثلC-130 ، ليست مهمة سهلة، وقد كان المتآمرون يعملون في اتجاهات كثيرة “.
وبدعم من واشنطن، لعب “ضياء الحق” دورًا رئيسيًا في الحرب السوفيتية-الأفغانية (1979: 1989)، بالتنسيق مع “المجاهدين الأفغان”.
وأعرب “إعجاز الحق” عن أسفه لأن الحكومات الباكستانية المتعاقبة لم تمتلك إرادة كافية لإجراء تحقيق في “اغتيال” والده.
وشدد على أن الأمريكيين كانوا يميلون في البداية إلى رفض رواية تحطم الطائرة نتيجة خطأ فني، فوفقًا لبروتوكولهم، يُكلف مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) بإجراء تحقيقات خلال 72 ساعة، في حالة مقتل أي مواطن أمريكي في أي مكان في العالم.
وتابع أن مكتب التحقيقات الفيدرالي “نظر في قضية وفاة السفير الأمريكي بعد 11 شهرًا، عندما تمت إزالة كل أثر للأدلة من الأرض”.
سيناريو التدمير
قال “إعجاز الحق” إن الضباط الباكستانيين الذين حاولوا كشف حقيقة عملية “الاغتيال”، تعرضوا للمضايقة، وتم نقلهم.
واستدرك: العميد الجوي، ظهير زيدي، ورغم كل الصعاب، أخذ أجزاءً من الطائرة إلى مختبر وفحص الحطام والمانجو بعناية.
وتابع أن “الاختبارات الكيميائية أظهرت وجود آثار للأنتيمون والفوسفور والمواد الكيميائية الأخرى المستخدمة في المتفجرات، وأثبتت هذه الاختبارات سيناريو التدمير (الطائرة)”.
وشدد على أن الحكومات الباكستانية المتعاقبة لم تظهر أبدًا قدرة على التحمل والجلد لإجراء مزيد من التحقيقات وتحديد الجناة.
وأردف “إعجاز الحق” أن “الزيدي” أكد أيضًا استخدام غاز الأعصاب، وهو ما يؤكد صحة حديث جون غونتر دين، السفير الأمريكي لدى الهند آنذاك، عن احتمال استخدام “غاز الأعصاب” لاغتيال الرئيس الباكستاني ورفاقه.
ووفقًا لمعلومات جمعها في نيودلهي، لم تمتلك دول كثيرة حينها “غاز الأعصاب”، الذي اخترعه راناجيت غوش وجي إف نيومان، في 1952، والذي يهاجم الجهاز العصبي، ويمنع الجسد من العمل بشكل صحيح.
ولفت “إعجاز الحق” إلى أنه حتى عندما شكلت رواية “الزيدي” جزءًا من تقرير “لجنة القاضي شافي الرحمن”، فإنه لم يتم نشره على الإطلاق.
واتهم الجنرال “دوراني” بإجبار الرئيس الراحل على حضور اختبار الدبابات، بينما لم يكن مهتمًا أبدًا بالحضور.
وتابع أنه وفقًا لسجل “دار الجيش”، حيث كان يعيش والده، اتصل “دوراني” 16 مرة لإقناع والده بالسفر جوًا إلى باهاوالبور.
وشدد على أن والده لم يكن متحمسًا لشراء هذه الدبابات الأمريكية، وكان مهتمًا بالحصول على “نظم الإنذار والتحكم المحمولة جوًا”.
واستطرد: لم يرغب (والدي) بالقيام بهذه الرحلة، لكنه اضطر، وقد حذره وزير الداخلية آنذاك، أسلم خطاك، من أن هناك تهديدًا لحياته، وعليه أن لا يسافر.
وزاد بأن أكرم عوان، وهو ضابط بسلاح الطيران اعتُقل قبل ثلاثة أشهر من “الاغتيال” بتهمة التجسس، قد اعترف بأنه أحضر “غاز الأعصاب”، بمساعدة كل من الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) وجناح التحليل والأبحاث في وكالة الاستخبارات الهندية.
وقال “إعجاز الحق” إنه تلقى تهديدات بسبب مواصلته التحقيقات في “اغتيال” والده.
وأوضح أن رئيس جهاز الاستخبارات الأمريكية في إسلام أباد أبلغه، عبر أخيه، بأن عليه أن يركز على حياته السياسية، ويتوقف عن متابعة القضية.
وختم بأن عملية تشريح جثث الضحايا تم إيقافها آنذاك، كجزء من التستر على “عملية الاغتيال”.