كأن القيامة قد قامت في أحياء يسكنها مسلمون في العاصمة الهندية دلهي؛ حيث تم إحراق مناطق بأكملها من مساجد ومنازل ومحلات تجارية يملكها مسلمون، فإذا أردت معرفة الأسباب أو فهم ما يحدث، عليك فقط أن تدرك أن الإرهاب الهندوسي قد مر من هنا.
مشاهد وصور قاسية وصلتنا من العاصمة دلهي التي تعرضت فيها أحياء منها (سلم فور – مصطفى أباد – جعفر أباد – كردم فوري – بجن فوري – كراول نغر – موج بور – شيو وهار) وهي أحياء تسكنها أكثرية من المسلمين تعرضت للحرق والتخريب، وسُحل مسلمون في الشوارع حتى الموت، ما تسبب في مقتل أكثر من 30 مسلما بحسب ما نشرته وسائل إعلام محلية، في حين يرجح مسلمون ارتفاع عدد الضحايا إلى أكثر من 40 مسلما، غير المصابين، ومساجد كاملة تعرضت للحرق والتخريب، كل هذا فقط خلال يومين.
فالشيخ محمد وكيل (54 عاما) وهو إمام وخطيب مسجد بمنطقة “شيو وهار” في دلهي، استهدفه متطرفون هندوس بالضرب والسحل وإلقاء مادة على وجهه.
وهناك مسجد تعرض للحرق والتخريب كما لم تسلم المصاحف من أيدي المتطرفين
وهناك حي كامل للمسلمين تعرض للحرق على أيدي المتطرفين الهندوس، فيما عزت الشرطة التي لم تكتف بموقف المتفرج بل يشارك عناصرها الجماعات المتطرفة في استهداف المسلمين.
هذه العنصرية دفعت أعدادا من المسلمين إلى مغادرة بيوتهم ومناطقهم هربا من الإرهاب الهندوسي.
هذه الجرائم لم تأت بعيدة عن أيادي حزب “بهاراتيا جاناتا” الحاكم في الهندي والمعروف بتوجهه الهندوسي العنصري ضد المسلمين، فهذا “كابيل ميشرا” القيادي في الحزب يحرض ضد المسلمين وبجواره أحد قيادات الشرطة.
خسائر الحزب الحاكم
جاءت هذه الجرائم بعدما توالت خسائر الحزب الحاكم في الانتخابات المحلية ومنها على سبيل المثل انتخابات العاصمة دلهي والتي بها 70 مقعدا حصل الحزب الحاكم على 8 مقاعد منها فقط، بينما فاز الحزب الليبرالي برئاسة “آرفيند كيجريوال” بـ62 مقعدا الأخرى.
كما أن قانون الجنسية الجديد الذي مررته الحكومة أواخر 2019، والذي ينص على منح الجنسية الهندية لـ6 اقليات دينية من غير المسلمين من دول الجوار المسلمة الثلاثة دون غيرها “باكستان وأفغانستان وبنجلاديش” قد ساعد الرفض الواسع لهذا القانون في صناعة نوع من الوحدة والتقارب بين المسلمين وطبقات مهمشة وليبرليين من الهندوس وغيرهم، كما أن حركة الاحتجاج الرافضة للقانون لا تزال مستمرة، فبعض المناطق مغلقة بسبب الاحتجاجات التي يقودها المسلمون.
من هنا سعى الحزب الحاكم إلى تفتيت هذه الوحدة وإنهاء هذا التقارب، فحرض أتباعه والمتطرفين التابعين لحركة “RSS” وغيرها من المنظمات الهندوسية المتطرفة إلى استهداف مناطق للمسلمين في العاصمة دلهي.
خريطة العنصرية تتسع
سبق ذلك أيضا وتحديدا في أغسطس 2019، إلغاء الحزب الحاكم للحكم شبه الذاتي لولاية “جامو وكشمير” وهي الولاية الوحيدة ذات الأغلبية المسلمة في الهند.
كذلك يأتي في خلفية الأحداث العمل بالسجل القومي للمواطنين في ولاية “آسام” ومطالبة المواطنين بتقديم وثائق تثبت أنهم وعائلاتهم يقيمون في الولاية قبل 24 مارس 1971، ما ترتب ليه 1.9 مليون شخص من بينهم 400 ألف مسلم، ينتظرون مصير الترحيل أو النقل إلى معسكرات إيواء، لأن المستبعدين الآخرين من الجنسية من غير المسلمين في “آسام” وهم 1.5 مليون شخص سيتم منحهم الجنسية مجددا تلقائيا بحسب قانون الجنسية الجديد.