رغم استمرار تباطؤ النشاط في إيطاليا، بدأت الشركات الاستراتيجيّة في ثالث أكبر اقتصاد أوروبي، الاثنين، استئناف العمل تدريجيّا، مع التزامها بتدابير سلامة صارمة لتجنّب طفرة في عدوى كوفيد-19.
تواجه الحكومة الإيطالية معادلة صعبة، إذ تسعى لاحتواء الوباء مع تجنّب تكبيد الاقتصاد أضرارا “غير قابلة للإصلاح”، وفق عبارة رئيس الوزراء جوزيبي كونتي.
وقدمت السلطات، الأحد، جدولا زمنيّا لاستئناف النشاط في البلاد الأكثر تضررا في أوروبا بتسجيلها نحو 26 ألف وفاة، يبدأ الاثنين، مع إعادة فتح الشركات “الاستراتيجيّة”.
وتمارس الشركات المعنيّة خصوصا “الأنشطة الإنتاجيّة والصناعيّة الموجهة أكثر نحو التصدير”، على غرار صناع السيارات والموضة، وذلك لتجنّب تخلّفها عن منافسيها الأجانب.
في ميرافيوري بضواحي تورينو (شمال)، عاد مئة عامل إلى مصنع فيات كرايسلر للسيارات، وسيرتفع عددهم إلى 250 في غضون يومين.
فُحِص المهندسون وقادة فرق العمل أولا عبر جهاز المسح الحراري، ثم سائر العمال، قبل أن يُسلموا معدات حماية: كمامات وقفازات ونظّارات، ويتعيّن على العائدين العمل على النماذج الأوليّة لسيارة فيات 500 الكهربائيّة، على غرار 60 من زملائهم في مصنع آخر في تورينو.
والاثنين، كتبت جريدة لا ستامبا اليومية المملوكة لعائلة أنييلي ألكان صاحبة شركة فيات أيضا، أن هذه “انطلاقة جديدة ستقود إلى عودة كثيرين”، في إشارة إلى الفروع العديدة لشركة السيارات.
أما شركة سافيل، المملوكة لشركتي فيات وبيجو سيتروان الفرنسية، والمتخصصة في صناعة السيارات التجارية والشاحنات الصغيرة، فقد أعادت 6 آلاف موظف (من بين 6700) إلى العمل لإنتاج سيارات دوكاتو في مدينة أتيسا (وسط)، قرب الساحل الأدرياتيكي.
عقمت الشركة كامل الورشة الممتدة على 300 ألف متر مربع، ووضعت 130 جهاز توزيع مواد مطهرة و600 نقطة مجهزة بالمطهرات حتى يتسنى للعمال تعقيم تجهيزاتهم. علاوة على ذلك، يتم فحص درجات حرارة الأشخاص عند دخولهم إلى المؤسسة.
وفي بيان، قال بياترو غوليير، أحد كبار مسؤولي فيات كرايسلر، إن “ما أظهرناه اليوم هو مثال ملموس على التزامنا أولوية حماية موظفينا (…) وهو ثمرة عمل معمّق بين خبراء وعلماء فيروسات، وجرى بالاتفاق مع جميع النقابات”.
لكن شركة السيارات التي تساهم بما يصل إلى 5.6 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي الإيطالي ليست الوحيدة التي استأنفت العمل، فقرب مدينة بولونيا (وسط)، عادت شركة موتو دوكاتي الشهيرة إلى النشاط تدريجيّا، مع إعطاء الأولوية للعمل من بعد بالنسبة الى الأنشطة المتعلقة بالمبيعات والترويج والإدارة المالية.
افتُتحت أيضا أحواض بناء السفن قبل أسبوع، بحضور 10 بالمئة من العمال في مرحلة أولى، ويتوقع أن يعود الوضع إلى طبيعته بوجود كامل فرق العمل في نهاية أيار/مايو أو بداية حزيران/يونيو.
وفي جنوب البلاد الأقل نموّا، أعادت شركات كبرى فتح أبوابها، على غرار عملاق التجهيزات المنزلية ويرلبول، الذي استأنف نشاطه في نابولي بوجود 420 عاملا.
أما في مقاطعة كلابريا، أقصى جنوب شبه الجزيرة، فبدأت شركة هيتاشي رايل المختصة في صناعة مكونات السكك الحديد بالعودة للإنتاج تدريجيّا.
من جهته، لم يتوقف عملاق صناعة الطائرات المدنية والدفاعية ليوناردو إس بي آي عن النشاط عمليّا، لكنّه عزّز، الاثنين، فرق العمل في غروتاليي، قرب مدينة تارانتو (جنوب)، حيث ينتج أجزاء مهمة من طائرة بوينغ 787. ومن ناحية أشمل، ستعيد إيطاليا تنشيط “كامل القطاع الصناعي وقطاع البناء وكذلك تجارة الجملة المرتبطة به” اعتبارا من 4 أيار/مايو، وفق ما أكد كونتي.
عطل الوباء والحجر الاقتصاد الإيطالي، فوفق توقعات الحكومة، ستشهد إيطاليا هذا العام ركودا مع تراجع اجمالي إنتاجها المحلي 8 بالمائة.
ونتيجة ذلك، سيرتفع العجز العام إلى 10.4 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي، مقابل نسبة 2.2 بالمائة كانت متوقعة قبل ظهور الوباء، وسيزيد الدين العام إلى 155.7 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي، أي أكثر بعشرين نقطة مئوية من التوقعات السابقة.
(أسوشييتدبرس)