أقرّ مجلس النواب الأمريكي، في تصويت تاريخي الجمعة مشروع قانون ينص على تحويل العاصمة واشنطن إلى ولاية في سابقة تاريخية رحب بها الديمقراطيون لكنها لن تمر بالتأكيد في مجلس الشيوخ الذي يهيمن عليه الجمهوريون.
وقالت رئيسة مجلس النواب الديموقراطية نانسي بيلوسي: إن جعل واشنطن ولاية يعني “إثبات احترامنا للديمقراطية”.
وأضافت: منذ أكثر من قرنين حُرم سكان العاصمة واشنطن من حقّوقهم الكاملة في المشاركة في ديمقراطيتنا، على الرغم من أنهم يدفعون الضرائب ويخدمون في الجيش.
وأقر القانون بـ232 صوتاً مقابل 180 بدعم من الديمقراطيين، وهي المرة الأولى في التاريخ الأمريكي التي يتبنى أحد مجلسي الكونجرس الأمريكي نصاً من هذا النوع، والمرة الأولى منذ عام 1993 التي يجري فيها التصويت على وضع واشنطن.
لكن القانون الذي يهدف إلى منح سكان العاصمة حقوق تصويت متساوية مع بقية الأمريكيين لن يمر بالتأكيد في مجلس الشيوخ حيث يعارضه الجمهوريون بشكل كبير، وحتى إذا وافق عليه مجلس الشيوخ، سيعطله الرئيس دونالد ترمب الذي يرى أن الجمهوريين ليسوا على هذه الدرجة من “الغباء” لتبنيه.
ويلمح الرئيس الجمهوري بذلك إلى الرهان السياسي الأساسي لهذا النص، فهو يقضي بانتخاب عضوين في مجلس الشيوخ لتمثيل الولاية ما يمكن أن يغير آليات السلطة في الكونجرس.
ووضعت بيلوسي والعديد من النواب الديمقراطيين الآخرين للمناسبة قناعاً صحياً أسود اللون كتب عليه الرقم 51، لأن التصويت يهدف إلى جعل واشنطن الولاية الحادية والخمسين.
وقالت ممثلة واشنطن الوحيدة في مجلس النواب إليانور هولمز نورتون: إن أمام الكونجرس أحد خيارين؛ إما الاستمرار في ممارسة سلطة استبدادية غير ديمقراطية على 750 ألف شخص هم سكان واشنطن، أو الوفاء بعهد هذه الأمة ومُثُلها، عبر التصويت لصالح القانون، ونورتون تتمتع بصفة مراقبة ولا يحق لها التصويت في المجلس.
ونقص التمثيل هذا الذي يشكل لب الجدل، مدون على لوحات تسجيل السيارات في واشنطن بعبارة “ضرائب بلا تمثيل”، وهو شعار يعود إلى حقبة الاستعمار البريطاني.
وعند إنشاء الولايات المتحدة في القرن الثامن عشر، رغب الآباء المؤسسون في أن يكون مقر الحكومة الفدرالية خارج الولايات الـ13 الأولى لتجنب النزاعات؛ لذلك نص الدستور على إنشاء “مقاطعة” في عام 1790، ملحقة بشكل مباشر بالسلطة المركزية.
يعيش أكثر من 705 آلاف أمريكي في “منطقة كولومبيا” الإدارية التي تعدّ معقلاً للديمقراطيين ويفوق عدد سكانها إجمالي عدد سكان ولايتي وايومنغ وفيرمونت مجتمعتين.
وأشارت إليانور هولمز نورتون إلى أن أي فرد في المقاطعة يدفع ضرائب أكثر من أي ولاية أمريكية أخرى، وعدد سكانها أكبر من عدد سكان كل من ولايتي فيرمونت ووايومينغ، وأقرب إلى حوالى ست ولايات أخرى.
وخلال المناقشات في مجلس النواب، قال الجمهوري جودي هايس: إن الأمر يتعلق فعلياً بمحاولة الحصول على مقعدين للديمقراطيين في مجلس الشيوخ.
ورأى النائب الجمهوري مو بروكس أن جهود تحويل واشنطن إلى ولاية هي محاولة من الديمقراطيين لضمان كسب “عضوين اثنين آخرين يساريين في مجلس الشيوخ.
وفي الواقع العاصمة الفدرالية هي مدينة يسارية صوت أكثر من 90% من ناخبيها للديمقراطيين في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، ويمكن أن يغير ناخبوها الأغلبية في مجلس الشيوخ.
وقالت بيلوسي، الجمعة: إنهم (الجمهوريون) يقولون: إن المدينة تضم عدداً مفرطاً من السود والديمقراطيين، ويشكل السود نحو 45% من سكان واشنطن.
وقدم الاقتراع باسم “واشنطن دوغلاس كومونولث”، لتجمع بين اسمي جورج واشنطن، أول رئيس للولايات المتحدة، وفريديريك دوغلاس، وهو أسود وكان من أهم دعاة إلغاء العبودية.
وأشار جودي هايس إلى أن المدينة تضم مقار السلطة الفدرالية، وذكر بأن المقاطعة “تم تمييزها حتى لا تتأثر بأي ولاية”.
لكن الديمقراطيين ردوا بأن الدستور لا ينص على حد أدنى لحجم المنطقة الفدرالية، ويكفي أن تقتصر على المناطق غير المأهولة حول البيت الأبيض ومقر الكونجرس الكابيتول، والمحكمة العليا والمحمية الكبيرة ناشونال مول والمتاحف الفدرالية ومكاتب الحكومة.
وكتب المرشح الديمقراطي للانتخابات الرئاسية جو بايدن أن “دي سي (ديستريكت كولومبيا) يجب أن تكون ولاية”.
وكان تعديل دستوري أقر في مجلس النواب عام 1977 نص على تمثيل سكان وشنطن في الكونجرس، لكن مجلس الشيوخ لم يصادق عليه.
وكانت ألاسكا وهاواي آخر ولايتين انضمتا إلى الاتحاد بفارق 7 أشهر في عام 1959.