ناقشت ندوة حوارية نظمها منتدى مؤسسة عبدالحميد شومان الثقافية بعنوان “حال أدب الأطفال في العالم العربي”، وشارك فيها الكاتبان د. محمود أبو فروة الرجبي، وتغريد النجار، حالة الأدب الموجه للأطفال في العالم العربي والتحديات التي تواجهه، وأدار الحوار مع الجمهور رئيس فريق خدمات القراء الإلكترونية في مكتبة شومان نزار الحمود.
وقالت الكاتبة تغريد النجار: إن العالم العربي شهد خلال العقود السابقة تحسناً ملحوظاً في إنتاج كتب الأطفال، مؤكدة أن الطريق ما زال طويلاً جداً ونحتاج إلى معرفة الأمور التي يجب العمل عليها وتحسينها وتطويرها.
وحول المقارنة بين حال أدب الأطفال في البلاد العربية والعالم، بينت النجار أنه لا يجب مقارنة أدب بأدب آخر وبشكل متواز، فالأدب قد يختلف حتى في أدب الأطفال لأن له خصوصية، فلكل أدب خصوصية معينة وتوجه معين وعرض الأفكار بطريقة معينة.
ولكن هناك بعض الأسس المشتركة في الأدب، وهنا توجد المقارنة التي تتمثل في المواضيع المقدمة للطفل واليافع في كل مرحلة من المراحل، أيضاً تنوع المواضيع التي تقدم للأطفال وفي أسلوب المخاطبة من خلال الأدب والابتعاد عن المباشرة في الوعظ والتمييز ما بين الأدب والمنهاج، مشيرة إلى دور الأهل في تشجيع الأبناء على التوجه نحو الأدب لأنه يثري الخيال ويمتع الطفل ويسعده.
الحاجة إلى تطوير أدب الأطفال
وأوضحت النجار أن العالم سبقنا في مجال أدب الأطفال بمراحل، وقد أنتجوا الكثير من الكتب في هذا المجال وفي جميع المراحل العمرية، مبينة أننا نسير في هذا الاتجاه بشكل صحيح، ولكن بشكل بطيء بعض الشيء، ونحتاج إلى خطة لمعرفة أين نقاط الضعف في الأدب العربي الخاص بالطفل ونعمل على تطويرها.
ونوهت بأن الكثير من أهالي الأطفال يشعرون أن القصص وأدب الأطفال تكملة للمنهج التعليمي، وأيضاً بأن أهمية القصة تكمن في مدى تعليمهم الصدق والأمانة والعديد من الفضائل، وأنه يجب أن يكون للقصة عبرة، مشيرة إلى أنه ليس بالضرورة أن يكون لكل قصة عبرة معينة طالما أنها تشعر الطفل بالمتعة والسعادة، مؤكدة ضرورة أن يقوم الأطفال أنفسهم باختيار ماذا سيقرؤون.
من جانبه، أشار د. الرجبي إلى أن الجهات المعنية في إنتاج الكتب الخاصة بأدب الأطفال لا تراعي وضع الفئات العمرية على هذه الكتب، مبيناً أن بعض الناشرين يعزي ذلك إلى علاقة هذا الأمر بالتسويق وبإشكاليات صغر السوق وقلة المبيعات أحياناً.
ونوه بوجود بعض الاختلافات في تعريف الفئات العمرية في بعض المناطق العربية، مشيراً إلى أن بعض المؤسسات الفكرية والثقافية حاولت تصنيف الكتب حسب الفئات العمرية، إلا أنها كانت محاولات شكلية.
وقال: إن الطفل في عالمنا العربي لا يسير وفق تسلسل معين في القراءة، مبيناً أنه في الغرب يبدأ الطفل في قراءة كتاب معين، وعندما ينتقل إلى مرحلة أخرى يكون هناك العديد من الكلمات الجديدة التي تدخل إلى قاموسه اللغوي والثقافي، موضحاً أن هذا الانتقال يشبه الذي يحصل في المدارس لدينا، لكن لا يوجد لدينا كم من القراءة والالتزام الذي يؤدي إلى الانتقال من مرحلة إلى أخرى.
تأثير الإنترنت على أدب الأطفال
وبين د. الرجبي أن عملية وضع الفئة العمرية على كتب أدب الأطفال تواجه تحديات كبيرة، فبالإضافة إلى نظرة الناشر إلى موضوع التسويق؛ هناك أيضاً عدم الاتفاق على الخصائص العمرية التي لها علاقة بالقراءة، حيث إنه يوجد هناك اختلافات في درجة نمو الطفل نتيجة لما يقرأ.
وقال: إنه مع دخول التكنولوجيا والإنترنت والألعاب الإلكترونية إلى عالم الأطفال، حصلت هناك قفزات مختلفة عند أطفال معينين، حيث أصبح قاموسهم مختلفاً، واختلاطهم بعالم أوسع جعلهم يقفزون أحياناً إلى مراحل متقدمة في أحد المجالات ويتراجعون في مجالات أخرى.
وبين الرجبي أن هناك فرقاً بين الوعظ والإرشاد والتربية، موضحاً أنه يجب على كل قصة أن تكون تربوية ومراعاة الخصائص النمائية والعاطفية والوجدانية للطفل، وأن تتناول القصة الموضوعات التي لها علاقة بالأطفال وباحتياجاتهم لأن القصة في النهاية تحاكي الطفل.
وكان نزار الحمود، مدير الندوة، قد أشار في بداية الندوة الحوارية إلى أن المكتبة العربية تفتقر إلى مراجع يعتد بها لتاريخ أدب الطفل العربي، سوى من بعض الكتب والبحوث والاجتهادات الشخصية لبعض الدارسين الذين حاولوا تتبع البدايات الأولى لظهور هذا الأدب عربياً، وبعض ملامحه الأولى، وأوجه تطوره حديثاً.
وأوضح أن “مؤسسة عبدالحميد شومان الثقافية” مؤسسة لا تهدف لتحقيق الربح، بل تعنى بالاستثمار في الإبداع المعرفي والثقافي والاجتماعي للمساهمة في نهوض المجتمعات بالعالم العربي من خلال الفكر القيادي والأدب والفنون والابتكار.