قبل أن أدخل في موضوع الوثيقة ونقاطها أو عناصرها، لنسأل أولاً هذا السؤال: ما البدعة؟
البدعة هي العمل أو الفعل المخالف للسُّنة، وسميت بدعة لأن فاعلها أو العامل بها أوجدها وابتدعها كعمل في الدين ولم يكن لها أصل في السُّنة أو من فعل مثلها من الصحابة الكرام، والبدعة هي التي تحرِّم حلالاً وتحلِّل حراماً استناداً إلى المتشابه وابتعاداً عن المحكم، وقال كبار علماء الأمة وأظنه ابن حجر، إذا لم تخني الذاكرة، بما معناه وبدقة: “إن كل شيء يتأذى به أو منه الإنسان وهو ليس من طاعة الله تعالى يكون من البدع”، ويقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: “كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار”.
قدم بعض الإخوة المحترمين من المرشحين لمجلس الأمة ما أطلقوا عليه “وثيقة القيم”، وتطاول عليهم بعض قاصري النظر والمندفعين.
وحقيقة، كانت هذه الوثيقة كلها قيماً، وهي رائعة، وكانت تتكون من 11 عنصراً أو نقطة، وكل نقطة من نقاطها تعتبر من أولويات أصول الدعوة إلى الله تعالى، وحينما نتابع نقاطها نعلم أن مَنْ قدمها رجال يعملون في الميدان، ولم ولن تخفى عليهم أوضاع الأمة، وهم يعملون في المجال الدعوي بكل مجالاته التربوية والأخلاقية، والاقتصادية والإعلامية، والقانونية والسياسية، نشعر من خلال هذه الوثيقة وعناصرها أن مَنْ قدَّمها يتعايش في الميدان بشكل دقيق مع الأوضاع، ويعلم بشكل دقيق الهجمة العالمية على الشباب والأجيال لانسلاخها عن دينها وخُلقها تحت مسميات القانون والدستور والحريات الشخصية وما شابه، فلذلك وضعوا هذه النقاط أو العناصر الدقيقة التي هي أقرب إلى العمل والفهم الشامل.
لقد أدركت هذه المجموعة التي وضعت الوثيقة عمل العدو في الساحة المحلية والإقليمية والعالمية بشكل دقيق في محاربة الإسلام والأخلاق والأجيال، فكل من له ولو شيء يسير من الفطنة يعلم ذلك، لأن النقاط المذكورة في الوثيقة فيها الكثير من الفهم لمواجهة الحرب العالمية الماسونية الصهيونية التي تشنها على أمة الإسلام وأجيالها، وذلك من خلال وضع دساتير بعيدة عن الخُلق والدين، وتعمل لمحاربة العادات والتقاليد الطيبة، وذلك من خلال رموزهم العاملين لخدمتهم في العالم العربي والإسلامي، ومن خلال أغبياء الأمة، وأيضاً من خلال مكاتب بعض المخابرات التي تعمل خدماً أذلاء لتطبيق ما يريده الأسياد الماسون العلمانيون!
فلو لاحظنا، وخصوصاً بالسنوات الأخيرة، حرب الماسونية بدأت تطفو بالعلن على الإسلام والمسلمين وشباب الأمة، فلذلك هي تكره من يقدم مثل هذه الوثائق التي تشخّص الواقع الضار بالأمة ومن ثم الحفاظ على الأجيال، وجميعنا يلاحظ كيف الاستقتال من العاملين من خدم صهيون ومشايخهم الذين يصنعونهم للتدليس على الأمة وشبابها، وكيف يعملون وبكل ثقل على نشر الاختلاط في كل الميادين، وعلى نشر الحفلات الماجنة وقلة الأدب والابتذال الأخلاقي، وتعمل بكل ثقلها وبجميع الوسائل طعناً في علوم السُّنة النبوية ومحورها الصحابة الكرام والطعن فيهم، وتبذل كل الجهد ترويجاً للمخنثين واستلطافهم، هذا بالإضافة إلى ما ذكرنا، حرصهم الشديد على وجود دساتير علمانية تسطّح كتاب الله تعالى وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتجرّم الدعوة لمكافحة ما ذكرته هذه الوثيقة المحترمة، ومحور هذه الوثيقة نجده منطلقاً من فهم قول الله تعالى: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ) (آل عمران: 110).
فلذلك كل مبتدع نجده يحارب هذه الوثيقة التي ألمت بالساحة بشكل دقيق وما تريده الماسونية العلمانية؛ فوضعوا هذه الوثيقة مقابل دعواتهم الباطلة.