يصوّت الكنيست الصهيوني، الخميس 29 ديسمبر الجاري، على منح الثقة لحكومة رئيس الوزراء المكلف بنيامين نتنياهو (73 عاماً) مع استمرار الانتقادات الحادة من معارضين للحكومة التي يتردد أنها ستكون “الأكثر تطرفاً” في تاريخ الكيان الصهيوني.
وقالت هيئة “البث” العبرية: إن رئيس الكنيست ياريف ليفين أبلغ الكنيست الإثنين بأن المناقشة والتصويت بشأن تشكيل الحكومة ستجرى في جلسة خاصة للكنيست صباح الخميس رهناً بموافقة لجنة الكنيست.
وللحصول على ثقة الكنيست يجب حشد أصوات ما لا يقل عن 61 عضواً من أصل 120 في الكنيست، ولدى معسكر نتنياهو 64 صوتاً ما يضمن له نيل هذه الثقة.
وفي وقت متأخر من مساء الأربعاء الماضي، أبلغ نتنياهو الرئيس الصهيوني إسحاق هرتسوغ بتمكنه من تشكيل حكومة، وذلك قبل دقائق من انتهاء التفويض الممنوح له لإنجاز المهمة.
مخاوف صهيونية
وتتصاعد تحذيرات داخل وخارج الكيان الصهيوني من السياسات المحتملة للحكومة اليمينية المقبلة لا سيما بحق الشعب الفلسطيني.
فرداً على طلب حزب “الصهيونية الدينية” اليميني المتشدد، والشريك بحكومة نتنياهو، اعتبار أن التحريض على العنصرية لن يتسبب في شطب إمكانية الترشح لانتخابات الكنيست، قال الرئيس السابق للكنيست وعضوه الحالي من حزب “هناك مستقبل” (وسط) ميكي ليفي: أنتم تجعلون دولة “إسرائيل” دولة عنصرية.
وأضاف ليفي، في مداولات لجنة برلمانية، أمس الإثنين، أن “شعوب العالم ستنظر إلينا على أننا دولة عنصرية وسوداء ومروعة”.
وفي الجلسة نفسها، حذر عضو الكنيست من “هناك مستقبل” رام بن باراك من أن هناك مخاوف من أن هذه الدولة ستنهار، ولذلك علينا جميعاً أن نعود إلى رشدنا.
كما استمر رئيس الوزراء المنتهية ولايته يائير لابيد في توجيه الانتقادات الحادة للحكومة المقبلة.
وقال لابيد، في تغريدة: رأينا بالفعل حكومات تأسست في “إسرائيل”، ما يحدث هنا ليس حدثاً عادياً، ما لدينا هو أضعف رئيس وزراء على الإطلاق، وحكومة في حالة فوضى.
“هذه ليست حكومة يمينية كاملة، إنها حكومة جنون كاملة، ليست لدينا نية للجلوس بهدوء، بينما تُفكك دولة “إسرائيل” من الداخل.. هذه حكومة متطرفة دينية وقومية”، بحسب لابيد.
تحالف إجرامي
وشهدت الانتخابات الصهيونية، في نوفمبر الماضي، فوز تحالف الصهيونية الدينية اليميني المتطرف بـ14 مقعداً في الكنيست البالغ عدد مقاعده 120 مقعداً، مما يجعله ثاني أقوى كتلة في ائتلاف رئيس الوزراء المنتخب بنيامين نتنياهو.
وتولى مؤخرا إيتمار بن غفير، زعيم حزب “عوتسما يهوديت” (القوة اليهودية) المتطرف المؤيد للاستيطان الذي يتبنى مواقف عنصرية وسياسات مناهضة للعرب، منصب وزير الأمن القومي، المسؤول عن الشرطة في الكيان الصهيوني والضفة الغربية المحتلة.
وقد بنى بن غفير شعبيته بين قاعدة دينية قومية شابة كمحرّض على المواجهة المسلحة في الشوارع، كما دعا إلى إبعاد العرب “غير الموالين”، وإطلاق النار على الفلسطينيين الذين يلقون الحجارة.
واتفق حزب بن غفير مع نتنياهو على سن تشريع يسمح بفرض عقوبة الإعدام على الفلسطينيين منفذي العمليات ضد قوات الاحتلال والمستوطنين، ووفقاً للاتفاق الائتلافي، سيتم تمرير القانون في الكنيست قبل المصادقة على الميزانية العامة للدولة لعام 2023.
وتضم حكومة الاحتلال الجديدة أيضًا حزب “الصهيونية الدينية”، وعلى رأسها “بتسلئيل سموتريتش” الذي منحه نتنياهو صلاحيات واسعة في الضفة الغربية بما في ذلك سحب صلاحيات من وزير جيش الاحتلال حول المسؤولية عن الإدارة المدنية ومنسق أعمال الحكومة في الضفة، ومنحها لوزير تابع لحزب “سموتريتش”، تحت مسمى وزارة الجيش.
وأشارت صحيفة “الفايننشال تايمز” إلى أن ما يثير القلق بنفس القدر موقف الحكومة المتشدد تجاه الفلسطينيين، لافتة إلى أن نتنياهو، وبن غفير، اتفقا بالفعل على إضفاء الشرعية على البؤر الاستيطانية اليهودية في الضفة الغربية.
واعتبرت أن من شأن ذلك أن يزيد من تعزيز المستوطنات “الإسرائيلية” في الأراضي المحتلة ويؤجج التوترات مع الفلسطينيين في وقت تشهد فيه الضفة الغربية أكثر أعوامها عنفاً منذ عام 2005.
وقالت الصحيفة: إنها علامة مبكرة على أن صعود بن غفير وسموتريتش -وكلاهما يعيش في المستوطنات- سيسرع الاستيطان “الإسرائيلي” الزاحف بالضفة الغربية، مما يجعلها أقرب إلى الضم الفعلي.
وفي استطلاع حديث، أظهر تشاؤم الصهاينة من الحكومة الجديدة، ويعتقدون أن وضع الكيان الصهيوني سيزداد سوءاً في نهاية ولاية حكومة نتنياهو السادسة.
وبيَّن استطلاع الرأي، الذي نشرته الإذاعة العبرية الرسمية “كان” الأحد الماضي، وشمل 551 شخصاً، أن 42% من جمهور الكيان يعتقدون أنه في نهاية ولاية الحكومة الجديدة التي تبلغ 4 سنوات، سيكون الوضع في أسوأ ما هو عليه الآن.
أما فيما يتعلق بـ”قانون بن غفير”، الذي سيخضع جهاز الشرطة إلى وزير الأمن الوطني، فإن 38% من المستطلعين يعارضون القانون، و36% يؤيدونه، كما ظهر أن قرابة نصف ممن تم استطلاعهم غير راضين عن تركيبة الائتلاف.
إلى ذلك، تظاهر آلاف الصهاينة، السبت الماضي، في مدينة حيفا ضد نتنياهو وحكومته الجديدة التي تضم الأحزاب الحريدية والمتدينة وشخصيات من اليمين الديني.
وقال وزير الحرب الصهيوني السابق موشيه يعالون: إن “إسرائيل” تواجه انقلاباً، وإن البلاد تشهد نشوء تحالف إجرامي يطمح إلى تشكيل حكومة إجرامية من شأنها تغيير النظام.
وإذا ما نالت الحكومة المقترحة ثقة الكنيست، ففي نهاية الأسبوع الجاري سيصبح نتنياهو رئيساً للوزراء، ولابيد رئيساً للمعارضة.
ولأول مرة شغل نتنياهو منصب رئيس الوزراء بين عامي 1996 و1999، ثم لمدة 12 عاماً متواصلة بين 2009 و2021.