لم تعد مشكلة التدخين التى يطلق عليها حاليا وباء الغد مقتصرة على مجتمع معين بل اصبحت مشكلة عامة تطال الكبار والصغار وتنتشر بشكل مخيف بين اوساط الاطفال والصبية مما يستدعى العمل على انقاذ الاجيال القادمة من براثن هذه العادة وادراك مدى الخطر الجسيم الذي يهدد جيل المستقبل الذي يعتبر عماد الوطن وامل مستقبله .
ومن اخطر الاضرار الناجمة عن ظاهرة التدخين انتشارها بين الشباب والأطفال الذين هم في سن التعليم لاسيما فى مرحلة المراهقة وهي مرحلة تظهر فيها المشكلات والصراعات النفسية والاجتماعية وغيرها وتبرز من خلالها سمات شخصية للمدخن تتمثل في العصبية والعدوانية والاكتئابية والسيطرة او الهدوء .
الانعكاسات الصحية
ولا تتمثل الخطورة هنا في الانعكاسات الصحية بسبب التدخين وانما فى اثار هذه الانعكاسات من النواحي الاجتماعية والنفسية والتربوية وعلاقة التدخين بالسمات الشخصية مثل الميل الى السلوك الاجرامي والقلق والسمات الهستيرية والاكتئابية والوسواسية وعدم التكيف والتوافق مع المجتمع .
هذا وقد نظمت الأمانة العامة للاتحاد العربي للوقاية من الإدمان بالتعاون مع الجمعية الكويتية لمكافحة التدخين والسرطان ورشة عمل بعنوان «التدخين والإدمان وعلاقتهما بالصحة» حيث تأتي في إطار السعي المستمر لإلقاء الضوء على مشكلة تعاطي المخدرات والتي تعتبر من الانحرافات الاجتماعية التي تخلف أضرارا كبيرة على الفرد والأسرة، وأجمع المختصون على أن التدخين هو البوابة الرئيسية للمخدرات.
28% في الأطفال مدخنون
وكشف المشاركون في الورشة حول التدخين في الكويت عن ارتفاع الإدمان على السجائر بمعدل 28% في الأطفال بين 13 و15 عاماً، كما أظهرت الورشة التي نظمتها الأمانة العامة للاتحاد العربي للوقاية من الإدمان، بالتعاون مع الجمعية الكويتية لمكافحة التدخين والسرطان، تحت عنوان “التدخين والإدمان وعلاقتهما بالصحة”، أن 12% من الفتيات مدخنات بشكل يومي.
وقالت الورشة أن تكلفة التدخين في البلاد ارتفعت خلال عام 2022 إلى أكثر من 500 مليون دينار (الدينار الكويتي يعادل 3.27 دولارات أمريكية).
واتفق المجتمعون على ضرورة تطوير العقاقير التي تساعد في تخفيف الأعراض الانسحابية للمدخن والمتعاطي لأنها مرحلة مؤلمة يمكن أن تكون دافعا للاستمرار بالتعاطي والاستفادة من التقنيات الحديثة لإعادة برمجة الدماغ وإقامة معرض دائم للتوعية من التدخين والمخدرات يتم فيه استخدام الأساليب العلمية والتقنية لإيضاح أضرارهما على جسم الإنسان ويكون مرجعا للشباب والمراهقين وأسرهم.
وشارك بالورشة عدد من المختصين من الكويت ومصر وأدارتها عضوة مجلس إدارة الاتحاد العربي للوقاية من الإدمان د.حصة الشاهين، والتي رحبت بالضيوف وقدمت نبذة عن الاتحاد، مبينة انه نجح في تحقيق الكثير من بنود الاستراتيجية المعمول بها لاسيما فيما يتعلق بفئة الشباب والمراهقين من الجنسين.
التدخين الالكتروني
وتناولت مسؤولة عيادة الإقلاع عن التدخين بالجمعية د.مريم العتيبي أثر التدخين الالكتروني على الصحة، مؤكدة ان الدراسات العلمية أكدت ان نسب الإصابة بأمراض الرئة والجهاز التنفسي ترتفع بين مستخدمي التدخين الالكتروني سواء السجائر أو الشيشة أو غيرهما، بالإضافة الى أمراض تلف الدماغ والفم ومشاكل القلب، لافتة الى ان نسبة الإصابة بالاكتئاب ترتفع بين مستخدمي التدخين الالكتروني إلى 2.4% أكثر من غيرهم، مشيرة الى ان التدخين الالكتروني ليس وسيلة للإقلاع بناء على إدارة الغذاء والدواء الأمريكية”.
بدوره، ذكر استشاري الطب النفسي ونائب رئيس الجمعية الدولية النفسية بمصر د.محمد أبوالعزائم ان ما يصل إليه الدماغ بعد تعاطي المخدرات يصل لفقدان السيطرة على الافعال، وانفصال المتعاطي عن الواقع، بحيث يتم ارتكاب الجرائم الوحشية وهذا ما نخشاه من زيادة الجرائم في دولنا العربية، لافتا الى أن المخدر يؤثر على مشاعر المدمن ويتسبب في تقلب المزاج، ويجعل الفرد منعزلا ويدخل في حالة من الكآبة والحزن والعصبية، معلنا أن نسبة الوفيات بسبب مخدر الهروين فقط زادت إلى 71% في العشر سنوات الأخيرة.
التدخين نوع من الإدمان
من جانبه، اعتبر أمين عام الاتحاد العربي للوقاية من الإدمان د ..خالد الصالح ان التدخين نوع من الإدمان لأن النيكوتين مادة سامة تتفاعل مع النهايات العصبية في جسم الإنسان، وأن ادمان التبغ أكبر مسبب للوفيات التي يمكن تجنبها في العالم، وأضاف الصالح: ذكرت منظمة الصحة العالمية أن هناك أكثر من مليار مدخن حول العالم ومن المتوقع وفاة أكثر من مليون في 2030 بسبب الأمراض الناجمة عن التدخين.
وأوصت الورشة بتطوير العقاقير التي تساعد على تخفيف الأعراض الانسحابية للمدخن والمتعاطي، والاستفادة من التقنيات الحديثة لإعادة برمجة الدماغ ليتفادى الاعتياد على التدخين.
49.9% من الرجال و4.4% من النساء مارسوا التدخين
هذا وقد استنكــرت الجمعيــــة الكويتية لمكافحة التدخين والسرطان في وقت سابق ما تم تداوله عن انخفاض أسعار السجائر في الكويت، مبينة ان ذلك ينعكس سلبا على جهود الجمعية في مجال التوعية من أضرار التدخين وغيرها من الجهات، لافتة الى أن نسبة التدخين في الكويت عالية مقارنة بدول الإقليم وان 49.9% من الرجال و4.4% من النساء مارسوا التدخين.
وأكدت في بيان لها انها ضد ما يقال بأن هناك سيجارة آمنة وخفيفة أو أقل ضررا، فالتدخين وأضراره يشمل كل الأنواع، بل إن مثل هذا النوع من السجائر يدفع المدخن لتدخين عدد أكبر من السجائر للوصول للمستوى المطلوب من النيكوتين، وكذلك السيجارة الإلكترونية، والتي يشاع بأنها تساعد على التخلص من إدمان السجائر، مشددة على ان الدراسات بينت أن خطرها مماثل للسيجارة التقليدية بل تفوقها لاحتوائها على مادة النيكوتين بالإضافة لغيرها من المواد السامة، وقد أصبح التسويق للسيجارة الإلكترونية مدخلا لاستهداف الشباب صغار السن، وحثهم على التدخين، والإدمان عليه، كما أن بائعي السجائر التقليدية يقومون ببيعها لهؤلاء الشباب والمراهقين بالمفرق مهددة حياتهم.
وأشارت ايضا الى أن مادة النيكوتين تؤثر سلبا على الدماغ وتزيد من الرغبة في تجربة المواد الإدمانية الأخرى مثل المخدرات، كما تؤثر على مراكز الانتباه والتعلم والمزاج في الدماغ، متسائلة أين الفائدة في استخدام أي من أنواعها؟ وكيف تتم حماية المدخنين من الأمراض، إذا تم الاستمرار في خفض أسعارها؟، فالمدخن يكون لديه فرصة أكبر للإصابة بالنوبات القلبية، والسكتات الدماغية بالإضافة لأمراض التهاب الشعب الهوائية المزمن وسرطان الرئة وأنواع أخرى من السرطانات مثل المريء والحنجرة والفم والبلعوم وغيرها.
التدخين السلبي
فيما أكد الأستاذ المساعد في قسم طب المجتمع والعلوم السلوكية في كلية الطب بجامعة الكويت د. علي ذياب، أن نسبة الأطفال والمراهقين الذين يتعرضون للتدخين السلبي في الكويت تقارب الـ50 في المئة، بينما لا تزيد هذه النسبة على 30 في المئة عالميا.
وكشف ذياب عن انجاز بحث علمي جديد عن “التدخين السلبي” في الكويت بين فئة طلاب المرحلتين المتوسطة والثانوية في المدارس الحكومية. وأوضح ذياب، وهو رئيس الفريق البحثي، أن فريق البحث ضم كلا من د. عبدالله الطيار، ومحمد المري، مشيرا إلى أن التدخين السلبي له أضرار بالغة على صحة الأشخاص بشكل عام، ويزيد من أمراض السرطان والقلب لدى البالغين، كما أنه يؤدي إلى متلازمة موت الرضع المفاجئ لدى الأطفال ويزيد الالتهابات الرئوية لديهم، ويؤثر على النمو السليم للعقل، ويرفع نسبة الإصابة بمرض الربو.
وذكر ذياب أن منظمة الصحة العالمية لم تحدد معدلا مقبولا للتعرض للتدخين السلبي، أي أن التعرض لدخان سيجارة له أضرار مثل التعرض لدخان أكثر من واحدة. وقال إن العينة ضمت 3836 طالبا وطالبة من المرحلة المتوسطة من المدارس الحكومية في جميع محافظات الكويت، بشكل عشوائي، بينما عينة المرحلة الثانوية ضمت 1936 طالبا وطالبة.
وأشار إلى أن نتائج البحث أثبتت أن 45 في المئة من طلاب المرحلة المتوسطة، و51 في المئة من طلاب المرحلة الثانوية المشاركين في البحث أكدوا تعرضهم للتدخين السلبي في المنازل. وأشار إلى أن نسب التدخين السلبي في المنازل مرتبطة بالمستوى التعليمي للأب والأم، إضافة إلى مستوى دخل الأسرة، فكلما قل المستوى التعليمي للوالدين ومستوى دخل الأسرة كان الطالب معرضا للتدخين السلبي بشكل أكبر.
وأشار إلى أنه وجد أن 59 في المئة من طلبة المرحلة المتوسطة، الذين حصل آباؤهم على الشهادة المتوسطة أو ما دون ذلك، يتعرضون للتدخين السلبي في المنازل، بينما 33 في المئة من طلبة المرحلة المتوسطة، الذين حصل آباؤهم على التعليم الجامعي أو أعلى، يتعرضون للتدخين السلبي في المنازل.