ما زلنا نذكّر وننبه الحكومة لخطر المفاسد في الكويت التي هي شديدة ووخيمة العقبى.
إذا كانت الدهشة من الاستمرار في المعاصي قائمة، فإن الدهشة من الإبطاء وتوفير العلاج، وتأخر الحكومة في تنظيف مجتمعنا من الرذائل… الدهشة من هذا الموقف قائمة أيضاً.
ولا يسع المرء إلا أن يطرح بعض الأسئلة:
– لماذا يترك الفساد يتبختر في الكويت، وكأننا لسنا في مجتمع مسلم؟
– لماذا لا يغضب المسؤولون على محارم الله، في حين أنهم يثورون إذا مست شخصية مهمة؟
– بل لماذا لا يكون الغضب أمام الله أشد وأقوى من الغضب في سبيل شيء آخر؟
– هل التهاون في تطهير المجتمع الكويتي من الفساد يؤدي إلى غفلة عن هذا الفساد؟
– كيف يغفل من يتولى أمور الدولة؟
فوضت امرأة مسلمة إلى الله في أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فلما سمع الخليفة الراشد وسألها: وما يدري أمير المؤمنين يا أمة الله؟
فقالت: سبحان الله، يتولى أمورنا ثم يغفل عنا، إن الإنسان العادي يسأل عن نفسه يوم القيامة، لكن ولي الأمر يسأل عن الأمة كلها، وإذا كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه اهتز خشية من أن يسأله الله عن عثرة بغلة في العراق، فكيف إذا عثر الفساد أقدام الشباب؛ بسبب شيوع المجلات الخليعة، أو دخل الفساد بيوت الناس عن طريق التلفزيون وأفلامه الماجنة؟!
إن عثرات الطريق الخلقي والسلوكي أخطر وأفدح مسؤولية بين يدي الله من عثرات الطريق الجغرافي.
إن الربا، وهو آفة تجر المصائب جراً، لا يزال ينتشر وبصور بشعة في قسم كبير من المعاملات، فماذا قال الله عز وجل في الربا؟ قال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ. فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ) “البقرة: 278-279”
وإن آفة الاختلاط في الجامعة والحفلات المختلطة الساهرة.. إن هذا لا يليق بأمة مسلمة تنشد تربية جيل على الفضيلة والخلق يرعى حقها ويدافع عن كرامتها.
– هل التقليد الأعمى لما يطبق في جامعات الغرب المنحل تقدم علمي؟!
– هل ظهور الطالبات على المسرح راقصات مغنيات تقدم حضاري؟!
إن هذا تطبيق لمخططات صهيونية لا تريد للمجتمعات الإسلامية إلا الدمار والتبذل والبعد عن الدين والأخلاق والقيم.
والقمار يفتك بشبابنا على موائد «الفليبرز» ويفتك بآخرين على موائد حمراء في بيوت سرية وعلنية.
ضياع دين.. ضياع خلق.. ضياع مال.. ضياع وقت.. تعطل عن العمل.. واستهتار..
وفتح لا نهائي لباب الاختلاسات والمخالفات المالية.. فالمقامر كلما ازداد خسراناً؛ ازداد شرهاً في الحصول على المال بأية وسيلة حتى يعود إلى مائدة القمار من جديد.
– أين وزارة الشؤون الاجتماعية؟ وأين وزارة الداخلية؟
والعربدة والرقص والخمور في الفنادق يمارسها السكارى، وكأنهم في شيكاغو أو حانات الحبشة!
الخمر محرمة شرعاً ممنوعة قانوناً، ومع ذلك تدخل الكويت، وتُقدَّم في الفنادق وغير الفنادق.. كيف دخلت؟ باسم من؟ وتحت حماية من؟
– هل هناك امتيازات ترفع البعض فوق القانون؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما أهلك من كان قبلكم، كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عيه الحد، وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها».
إننا نواجه عدوان اليهود ومن هم وراء اليهود، وهذه حالة تقتضي اليقظة.. لا السُّكْر.. وصحو الحراس لا غيبوبة المخمورين.
والتلفزيون.. ضج الناس بالشكوى من انحطاط وإسفاف معظم إرساله، بينما المسؤولون عنه غير مكترثين.
الأفلام المسفّة -صورة وكلاماً ومعنى- تغزو التلفزيون وتؤذي العائلات في بيوتها بالقبيح من المشاهدة المنكرة.
الإعلانات التي تهدر القيم.. وتهدر كرامة المرأة؛ من أجل ربح الذين لا يتقون الله ولا يخافون يوم الحساب.. تزحم التلفزيون.
كل يوم يخدش التلفزيون الآداب العامة، وهو جهاز حكومة يمنع قانونها خدش الآداب العامة!
زار الرئيس الجزائري هواري بومدين الكويت في مطلع هذا الشهر، مناسبة الزيارة جادة؛ فهي تشاور في ظروف المعركة، ومرحلة لم تجف بعد دماء الجرحى والقتلى.
ثم هناك مناسبة عظيمة هي أن أيام الزيارة كانت ذكرى انفجار ثورة الجزائر.
في هذه الظروف لم يقدم تلفزيون الكويت مشاهد رائعة من ثورة الجزائر، وإنما قدم رقصة جزائرية!
هذا عدم لياقة، وفقدان للإحساس بآلام الأمة ومشكلاتها، وهذه المساوئ والمفاسد أمثلة مما هو منتشر.
التغيير بيد السلطة.. ومن ثم فالحكومة مسؤولة بين يدي الله عز وجل مسؤولية كبيرة وجسيمة عن هذه الأوضاع.
ولن ترفع المسؤولية حتى يتم العلاج وتؤدي الأمانة.
[1] العدد (177)، عام 1973م، ص10.