من المعلوم أن كلية الشريعة قد تأسست في الكويت بمرسوم أميري لكي يناط بها مهمة تعليم وإعداد جيل من الشباب الكويتي في العلوم الإسلامية المختلفة، وهو ما تحتاجه الدولة والبلاد لسد ثغرة كبيرة في الكفاءات الشابة في مجال الفقه الإسلامي والتربية الدينية.
ولقد صادفت الدفعة الأولى من خريجي الكلية صعوبات في الالتحاق بمهمة تدريس مادة التربية الإسلامية في مدارس وزارة التربية بحجة حاجتهم لدبلوم تربية، أو بحجج أخرى واهية يطرحها بعض موظفي الوزارة على طالبي التوظيف من الكويتيين، مع العلم أن هؤلاء أجدر بهذه المهمة من معظم مدرسي التربية الإسلامية المتعاقد معهم في المدارس الذين يفتقد كثير منهم للمؤهلات العلمية المطلوبة لهذه المادة التربوية الحساسة.. بل إن معظمهم يتم تعيينهم دون حصولهم على أي مؤهل تربوي كما طلب قبل مدة من الكويتيين.
ونحن نعتقد أن أصحاب القرار في الدولة لا يرضون بهذا الوضع، فكيف يتجرأ من هم دونهم من الموظفين على عرقلة دخول خريجي الشريعة إلى الأجهزة التربوية الرسمية والإسهام بدورهم المهم في حماية وتدعيم العلم الشرعي والتربية الدينية لدى النشء الجديد.
فهناك في بعض الأجهزة الحكومية الأخرى فئة مندسة على المجتمع الكويتي وغريبة عنه بعقائدها المنحرفة وفكرها العلماني المضاد لنور الشريعة الإسلامية السمحاء، هذه الفئة ترى في خريجي كلية الشريعة عدواً لدوداً لفكرها المظلم، وعقبة في وجه خطط التغريب والعلمنة التي تحاول تنفيذها في البلاد.
وقد كان سمو أمير البلاد هو المبادر بإنشاء هذه الكلية، وهو الحريص على رؤية خريجيها من الشباب المتنور بالعلم الشرعي الصحيح يحتلون أماكنهم الشاغرة في أجهزة الدولة المختلفة سواء في وزارة التربية أو وزارة الأوقاف وكذلك وزارة العدل.
وهذا التوجه من قبل سمو الأمير يأتي تلبية لدعوة قرآنية كما ورد في قوله تعالى: (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً ۚ فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) “التوبة:122”.
وقد كان جدير بإدارات وزارة التربية أن تعضد هذه الدفعة المباركة من خريجي كلية الشريعة لا أن تقف حجر عثرة في طريقهم، لا سيما وأن وجودهم يسد ثغرة مهمة، ووجود أعداد متزايدة من الشباب الكويتي الحامل للفقه الإسلامي يعتبر مفخرة للكويت ولشعبها، وضرورة ملحة، ولا سيما في هذا الظرف.
وقد أصبح أكيداً خلال العقد الحالي أن الحاجة ماسة إلى انتشار العلم الشرعي الصحيح، ووجود الفقهاء المتنورين بين أفراد الشعب، فقد ظهرت الآن بعض القوى الإقليمية التي ترفع لواء البدعة وتعضد الخرافات والمعتقدات المنحرفة عن نبع الإسلام الأصيل الصافي، بل وتسعى لفرض عقائدها المشبوهة وترويجها بين المسلمين بالترغيب والترهيب.
ولا شك في أن مواجهة هذا الخطر لا يكون إلا بمقارعته بصف متين مرصوص من أهل العلم والفقه الشرعي الصحيح الذي جاء به الرسول | من رب العالمين، الذي سار عليه من بعده سلف هذه الأمة الصالح.
وإن وجود أعداد متزايدة من الدعاة المتنورين الحائزين للفهم الشرعي الإسلامي هو خير ضمان لاستمرار وترشيد وتقويم الصحوة الإسلامية المباركة، وهم بإذن الله سد منيع أمام الفساد والمفسدين في البلاد.
وفي الختام، أملنا كبير بأن يتدخل كبار المسؤولين ومن بينهم السيد وزير التربية شخصياً من أجل أبناء الكويت، وليثبت للرأي العام حرصه على فتح المجال الوظيفي أمام أبناء هذا الوطن الحبيب.
[1]( (العدد (834)، عام 1987م، ص8.