تسعى الدول الغربية إلى فرض وصايتها على شعوب الأرض قاطبة؛ من خلال عولمة مجموعة من القيم التي تسود مجتمعاتها، وذلك بعد أن يتم صياغتها في إطار فضفاض يسمى حقوق الإنسان، من خلال هيئة الأمم المتحدة التي أسستها الدول العظمى عام 1945م لتكون أداة لها في حكم العالم، وبالتحديد من خلال لجان المرأة والطفل بها؛ حيث تتم صياغة مفردات تلك المنظومة الغربية في صور مواثيق واتفاقيات دولية، يتم طرحها على الحكومات للتوقيع عليها، مع فتح الباب لوضع التحفظات على بعض بنودها المختلف عليها، ثم التصديق عليها من خلال المجالس النيابية في الدول المختلفة، التي يتبعها عملية تغيير وتبديل شاملة للقوانين؛ لتصبح هذه الاتفاقيات مرجعية تشريعية إلزامية تحلّ محلّ المرجعيات الأصلية للمجتمعات المختلفة، رغم تعارضها الشديد مع الدين والقيم التي تحكم المجتمعات.
وتأتي الضغوط الدولية بأشكالها المتعددة؛ لجعل تلك الاتفاقيات المرجعية التشريعية الوحيدة التي تحل محل كل المرجعيات التشريعية لشعوب العالم، في تناقض غريب بين ما تدعيه منظمة الأمم المتحدة من حماية للديمقراطية والحريات، ومن احترام الثقافات وأديان شعوب العالم المختلفة، وما تمارسه بالفعل على أرض الواقع.
وتحمل هذه المواثيق الدولية رؤية أحادية لقضايا المرأة والطفل، رؤية تعبر عن الفكر النسوي الغربي «الراديكالي»؛ حيث ترتكز على عدد من المصطلحات المطاطة؛ منها: العنف ضد المرأة، والجندر، والصحة الإنجابية وغيرها، مع ربطها جميعًا بالتنمية المستدامة.
كما تدعو إلى إطلاق الحريات الجنسية من زنى وشذوذ، في مقابل التضييق على الزواج ورفع سنّه، وغير ذلك من الأفكار التي تخالف الإسلام، وتؤدّي إلى تفكيك الأسرة وهدمها.
وإسهامًا من المؤلفة في الكشف عن هذه المخططات، وحتى لا تصل المجتمعات الإسلامية إلى ما وصلت إليه المجتمعات الغربية من انحلال وتفكك للأسرة ونتائج اجتماعية مدمّرة؛ فقد قامت بهذه الدراسة المهمة لبيان أهم الإستراتيجيات والسياسات التي رسمتها المواثيق الدولية للمرأة والطفل لهدم الأسرة.