يصادف اليوم الأحد 27 أغسطس الذكرى الـ22 لاغتيال الأمين العام للجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين أبو علي مصطفى، الذي استشهد بقصف «إسرائيلي» استهدف مكتبه في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة عام 2001.
ويُعد مصطفى أول قيادي تغتاله «إسرائيل» بصواريخها خلال «انتفاضة الأقصى»، إذ قصفت مروحيات الاحتلال بصاروخين مكتبه في رام الله أثناء تواجده فيه؛ ما أدى إلى تفتت جسده واستشهاده على الفور.
عُرف الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بمواقفه الوطنية خلال «انتفاضة الأقصى»، وجمعته علاقات طيبة مع الفصائل والقوى كافة، ومشهود له بالتفاني في عمله الجماهيري والسياسي لتحقيق أهداف وغايات شعبه.
وقبل جريمة الاغتيال تعرّض مصطفى خلال مسيرته النضالية لعدة محاولات اغتيال، أبرزها كانت في بيروت والأغوار الأردنية، لكنه استطاع مواصلة عمله بالسر والعلن.
ومنذ عودته إلى أرض الوطن عام 1999م بعد رحلة اغتراب طويلة أمضاها ما بين الأردن وسورية ولبنان، كان القيادي الوطني الكبير يدرك أنّه في خطر دائم، لكنّه فضّل الموت في فلسطين، وهو صاحب المقولة الشهيرة: «عُدْنَا لنقاوم لا لنساوم».
تاريخه النضالي
ولد مصطفى علي العلي الزبري في بلدة عرابة بمحافظة جنين عام 1938م، حيث كان والده مزارعًا في البلدة، ودرس المرحلة الأولى في بلدته، ثم انتقل عام 1950م مع بعض أفراد أسرته إلى عمّان، وبدأ حياته العملية وأكمل دراسته فيها.
وفي سن الـ17 ربيعًا انتسب مصطفى إلى حركة القوميين العرب التي أسسها جورج حبش الأمين العام السابق للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، عام 1955م، وبعدها بعامين اعتقل ومثل أمام محكمة عسكرية وقضى 5 سنوات في سجن «الجفر» الصحراوي بالأردن، وبعد خروجه من المعتقل تسلّم قيادة منطقة الشمال في الضفة المحتلة.
شارك في تأسيس «الوحدة الفدائية الأولى» التي كانت معنية بالعمل داخل فلسطين، كما خضع للدورة العسكرية لتخريج الضباط الفدائيين في مدرسة «أنشاص» المصرية عام 1965م.
وفي أعقاب حرب يونيو 1967م قام وعدد من رفاقه في الحركة بالاتصال مع جورج حبش لاستعادة العمل والبدء بتأسيس مرحلة الكفاح المسلح.
ومنذ انطلاق الجبهة الشعبية، قاد مصطفى دوريات الفدائيين الأولى نحو الوطن عبر نهر الأردن؛ لإعادة بناء التنظيم ونشر الخلايا العسكرية، وتنسيق النشاطات ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
وخلال تلك الفترة، كان مطاردًا من قوات الاحتلال واختفى لعدة أشهر في الضفة في بدايات التأسيس.
تولى مسؤولية الداخل في قيادة الجبهة الشعبية، ثمّ المسؤول العسكري لقوات الجبهة في الأردن إلى عام 1971م، وكان قائدها أثناء معارك المقاومة في سنواتها الأولى ضد الاحتلال، كما شارك في معركة الكرامة 1970م، وحرب جرش-عجلون في عام 1971م.
وفي أعقاب حرب يوليو 1971م غادر الأردن سرًا إلى لبنان، وفي المؤتمر الوطني الثالث عام 1972م انتخب نائبًا للأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
التوجهات الفكرية
كان مصطفى يؤمن بأن المقاومة المسلحة لـ«إسرائيل» يجب ألا تتوقف، ويجب ألا ترتبط بالمواقف السياسية المتغيرة للسلطة الوطنية الفلسطينية، وكان يردد: «معركتنا وصراعنا مع «إسرائيل» مسألة إستراتيجية لا تخضع لأي اعتبارات، حتى وإن كانت الظروف الآن تتحدث عن تسوية أو سلام، فنحن لا نعتبر ما هو قائم تسوية ولا سلاماً، نحن نعتبر أن من حق الشعب الفلسطيني المشرد والواقع تحت الاحتلال أن يناضل بكل الأشكال بما فيها الكفاح المسلح، لأننا نعتبر أن الثابت هو حالة الصراع، والمتغير قد تكون الوسائل والتكتيكات.. هذه سياستنا».
ويعتبر مصطفى السلطة الفلسطينية امتداداً وإفرازاً من إفرازات «أوسلو» التي رفضها وقاومها على مدى السنوات الماضية، غير أنه كان يعتبر منظمة التحرير الفلسطينية شيئاً مختلفاً عن السلطة الوطنية، وكان يدعو إلى المحافظة على وحدة المنظمة التي نظر إليها على أنه بالإمكان أن تكون أداة وحدة سياسية للشعب الفلسطيني رغم كونها «مشلولة ومعطلة الأيدي»، على حد وصفه.
يقول: «نحن نميز بين سلطة هي امتداد لأوسلو واتفاقات أوسلو ومنظمة التحرير التي هي حصيلة إنجاز وطني فلسطيني، وبالتالي نحن مطالبون بأن نعمل على إعادة بنائها، وإعادة بناء مؤسساتها».
العودة للوطن
مع نهاية سبتمبر 1999م، عاد إلى أرض الوطن، وقال مقولته التاريخية الشهيرة: «عُدْنا لنقاوم وندافع عن شعبنا وحقوقنا ولم نأتِ لنساوم».
وتولّى مسؤولياته كاملة كنائب للأمين العام حتى عام 2000م، ثمّ انتخب في المؤتمر الوطني السادس أمينًا عامًا للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وظل يشغل هذا المنصب حتى استشهاده عام 2001م.
وطوال حياته مزج القيادي الوطني الكبير بين العمل السياسي والكفاح المسلح، وكان يردد دائمًا أنّ الوسيلة الوحيدة لتحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني هي المقاومة بجميع أشكالها.
_________________________
المصدر: «وكالة الصحافة الفلسطينية» (صفا)، «الجزيرة نت».