يعد كتاب «بيت المقدس في إستراتيجية النبي صلى الله عليه وسلم» أحد البحوث التي تسلط الضوء على دور النبي محمد صلى الله عليه وسلم في صياغة الفتح الإسلامي الأول لبيت المقدس من الخطة الأولى إلى التنفيذ، للمتخصص في دراسات بيت المقدس د. عبدالله معروف.
وتأتي أهمية الكتاب لبيان دور النبي صلى الله عليه وسلم وأثره في الأحداث والوقائع التي وقعت في مدينة بيت المقدس التي تكللت بفتحها على يد المسلمين.
ويطرح العديد من الأسئلة من قبيل: ما الذي دفع المسلمين نحو فتح بيت المقدس؟ وماذا كان دور النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الأحداث؟ وهل مهَّد النبي بنفسه هذا الفتح، أم أنه لم يول اهتماماً إلى تلك المنطقة؟
كما ينظر الكتاب إلى جوانب متعددة من السيرة النبوية العطرة كمحاولة لإعادة قراءتها وتحديد أوجه الارتباط فيها ببيت المقدس.
العلاقة النبوية ببيت المقدس
يتناول الكتاب فرضية مفادها أنّ النبي محمداً صلى الله عليه وسلم هو من خطط بداءة وأصالة للفتح الإسلامي لبيت المقدس، ووفق هذه الفرضية، فإن أبا بكر الصديق، وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما إنّما قاما بتنفيذ خطة النبي صلى الله عليه وسلم وتحقيق مراده، وبناءً على هذه الفرضية، فإن جميع الحملات العسكرية الإسلامية التي سبقت فتح تلك المدينة إنما كانت تطبيقاً لهذه الخطة.
ويصف المؤلف، في مقدمة الكتاب، الفتح الإسلامي الأول لبيت المقدس في القرن السابع الميلادي بأنه نقطة تحول كبرى في تاريخ العالم في القرون الوسطى؛ ذلك لأن بيت المقدس كان يرزح تحت حكم واحدة من أقوى إمبراطوريات ذلك الزمان، ألا وهي الإمبراطورية البيزنطية.
واستطرد في المقدمة، قائلاً: لذا كان لا بدّ أن يتطلب فتحٌ بهذه العظمة والأهمية تحضيراتٍ كبيرةً وتخطيطاً على أعلى المستويات كي يتم الظفر به وبلوغ الغاية منه.
ويضيف: بينما يعزو معظم الناس، سواء كانوا من المختصين أو العامة، الفضل في فتح بيت المقدس إلى الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وينسبه آخرون إلى أبي بكرٍ الصديق، خليفة المسلمين الأول، رضي الله عنه، إلا أنّه قلّما يشارُ إلى دور النبي محمد صلى الله عليه وسلم وخطته لفتح بيت المقدس، مع أنّ تأثيره لا يخفى في الأحداث والوقائع التي أدت إلى فتح تلك البلاد المقدسة.
ويقسم الكتاب إلى مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة، يقدم الفصل الأول خلفية تاريخية للنظرية المتعلقة بخطة النبي محمد صلى الله عليه وسلم لفتح بيت المقدس والأسباب المحتملة لوضعها، ويتناول هذا الفصل بعض الأحداث الأساسية التي تبلورت من خلالها مكانة بيت المقدس في الإسلام، وهذا يشتمل على النصوص القرآنية التي ورد فيها ذكر هذه المنطقة، كسورة «الروم»، كما يقف هذا الفصل أيضاً عند رحلة الإسراء والمعراج، واتخاذ المسجد الأقصى قبلة للمسلمين في الصلاة في مرحلة مبكرة من الإسلام.
وفي الفصل الثاني يبرز المؤلف دور الوثائق التاريخية في إثبات أو نفي وجود خطة لفتح بيت المقدس لدى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ويتطرق هذا الفصل إلى العديد من الوثائق الأساسية التي تعود إلى عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
ويتناول المؤلف في هذا السياق ثلاثة أصناف من الوثائق، هي: الرسائل الدبلوماسية، والإقطاعات، والمعاهدات السياسية أو عهود الأمان، حيث يحللها المؤلف ويوظفها لفهم العلاقة بين النبي صلى الله عليه وسلم وبيت المقدس، على اعتبار أن هذه الوثائق يمكن لها أن توضح طبيعة هذه العلاقة، وما إذا كان من الممكن النظر إليها كخطة لفتح بيت المقدس.
ويأتي الفصل الثالث والأخير ليناقش مرحلة التحركات العسكرية التي حدثت في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي مرحلة التقدم الفعلي للنبي محمد صلى الله عليه وسلم نحو فتح بيت المقدس، وهي الخطة التي يرى المؤلف أنها يمكن أن تثبت أو تدحض النظرية التي تفترض وجود خطة وضعها النبي صلى الله عليه وسلم لفتح المنطقة.
ويقدم هذا الفصل عرضاً مهماً لجميع الغزوات والسرايا التي حدثت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ومواقعها، وذلك بالاستعانة بجداول وخرائط تُظهر مواقع هذه السرايا والغزوات ووجهاتها.
للاطلاع على الكتاب وتحميله من هنا.