هذا المقال يعبر عن صدمة النائب مايك جالاجر من نتيجة استطلاع رأي أجرته مؤسسة هارفارد/هاريس لقياس الرأي العام، أظهر ميل كفة الرأي العام الأمريكي لأول مرة لصالح الحق الفلسطيني.
وقد اتهم النائب جالاجر تطبيق «تيك توك» بأنه مخدر رقمي صيني يغسل أدمغة شباب أمريكا لتحريضها ضد البلاد (أمريكا) وحلفائها.
المقال، المنشور على موقع «فري برس»؛ وتعني حرية الصحافة، ينطوي على لغة عدائية للحق الفلسطيني، وانحياز واضح للكيان الصهيوني، يصل بالنائب الأمريكي إلى ترديد أكاذيب فجة لشيطنة وتشويه المقاومة الفلسطينية.
نص المقال
وفقًا لاستطلاع هارفارد/هاريس للرأي العام، فإن 51% من الأمريكيين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و24 عاماً يعتقدون أن هجمات «حماس» «الإرهابية» الوحشية على المواطنين «الإسرائيليين» الأبرياء، في 7 أكتوبر، كانت مبررة.
قرأتُ تلك الإحصائية في الوقت الذي اعتقدت فيه أنني رأيت كل شيء ولم يعد يصدمني شيء بعد أن أمضيت أسابيع في مشاهدة مقاطع الفيديو وقراءة القصص التي توثق «فظائع» «حماس» مباشرة، من جثث محترقة وقطع رؤوس الأطفال واغتصاب النساء وتقييد الأطفال بجانب آبائهم وتشويه الجثث، لقد رأيت المسيرات في جامعات النخبة تحتفل بجرائم «حماس»، ورسائل أعضاء هيئة التدريس التي تبرر للإرهابيين فعلتهم، اعتقدت أنني شهدت الانحطاط الأخلاقي، اعتقدت أنني رأيت أسوأ ما في الإنسانية.
ولكن يبدو أنني كنت مخطئًا!
كيف وصل بنا الانحطاط إلى هذا حيث غالبية الشباب الأمريكيين لديهم مثل هذه النظرة المتردية أخلاقيًا للعالم؟ كيف أصبح العديد من الشباب الأمريكيين يؤيدون الإرهابيين الذين اختطفوا مواطنين أمريكيين ويعارضون حليفًا رئيساً لأمريكا؟ من أين كانوا يحصلون على أخبار مزيفة كهذه حتى يتبنوا هذه النظرة المقلوبة للعالم؟
الإجابة باختصار، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وبالأخص وبشكل متزايد عبر تطبيق «تيك توك»، حيث إنه ليس مجرد تطبيق يستخدمه المراهقون لإنشاء مقاطع فيديو رقص واسعة الانتشار، بل يعتمد عليه عدد متزايد من الأمريكيين لمتابعة الأخبار، فقد أصبح «تيك توك» محرك البحث الأول لأكثر من نصف جيل «زد»، حيث إن 6 من كل 10 أمريكيين صاروا يدمنون «تيك توك» قبل أن يتموا السابعة عشر من عمرهم، ويسيطر على هذا التطبيق الحزب الشيوعي الصيني خصم أمريكا الأول الذي لا يشاركنا مصالحنا أو قيمنا، فبايت دانس الشركة الأم لـ«تيك توك» شركة صينية، وفي الصين لا يوجد شيء اسمه شركة خاصة، والدليل على ذلك فإن نائب رئيس شركة بايت دانس تشانج فوبينج، هو أيضًا رئيس خلية الحزب الشيوعي داخل الشركة.
نحن ندرك تمامًا خطورة هذا التطبيق؛ لأن التطبيق لديه عدة إصدارات، وفي الصين يستخدم تطبيق «دويين»، وهو نسخة معدلة من «تيك توك» تحوي نفس خصائصه، ولكنها أكثر أمانًا وإفادة حيث تقوم هذه النسخة بعرض تجارب علمية للأطفال ومحتويات تعليمية أخرى، ويقتصر استخدامه على 40 دقيقة فقط يوميًا، أما هنا في أمريكا، تم ضبط خوارزمية التطبيق باحترافية لإعطاء الأولوية لاستقطاب المحتوى الغاضب والهراء الذي يسبب الإدمان في أحسن الأحوال، ويروج للدعاية الخطيرة في أسوأ الأحوال، وبعبارة أخرى، فقد قررت شركة بايت دانس والحزب الشيوعي الصيني أن يحصل أطفال الصين على الاستفادة، بينما يحصل أطفال أمريكا على المخدرات الرقمية.
إدمان «تيك توك»
ونحن أصبحنا مدمنين عليه بالكامل، حيث إن 16% من المراهقين يستخدمون التطبيق «بشكل شبه مستمر»، واليوم، 69.7% من الأمريكيين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 12-17 عامًا، و76.2% تتراوح أعمارهم ما بين 18-24 عامًا، و54% تتراوح أعمارهم ما بين 25-34 عامًا يستخدمون «تيك توك».
ويمكن للحزب الشيوعي الصيني فرض رقابة على المعلومات والتأثير على الأمريكيين من جميع الأعمار في مختلف القضايا من خلال تعديل خوارزمية «تيك توك»، بالإضافة إلى صياغة الحقائق التي توصف من وجهة نظرهم بالدقة والاستنتاجات التي يستخلصونها من الأحداث العالمية.
إذا كنت تشك في أن الحزب الشيوعي الصيني قد يكون متحيزًا ضد «إسرائيل» أو ضد اليهود أو ضد الغرب أو أي شيء آخر فلتلقِ نظرة على التطبيقات الخاضعة تحت سيطرته، حيث إنه في 31 أكتوبر ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن منصتي «بايدو» و«علي بابا» الصينيتين قد قامتا بمحو «إسرائيل» حرفيًا من خرائطهم، ويُظهر برنامجي الخرائط الأكثر استخدامًا على نطاق واسع في الصين محيط الأراضي «الإسرائيلية» لكن بدون إطلاق اسم «إسرائيل» عليها، وقد لا يحدث ذلك لبعض الوقت.
نحن نعلم حقيقة أن الحزب الشيوعي الصيني يستخدم «تيك توك» لفرض دعايته ومراقبة وجهات النظر التي تعارض الحزب، وقد أكدت التقارير أن التطبيق قد استخدم للتجسس على الصحفيين الذين كتبوا مقالات سلبية عنه، ونشرت وسائل إعلام حكومية صينية عبر «تيك توك» معلومات مثيرة للجدل حول سياسيين أمريكيين قبيل الانتخابات النصفية.
وجدت العديد من التقارير أن «تيك توك» يقوم بمراقبة وقمع المحتوى بخصوص تركستان الشرقية والتبت وميدان تيانانمن وغيرها من القضايا الحساسة للحزب الشيوعي الصيني، حيث قام «تيك توك» أيضًا بقمع المحتوى المتعلق بقضايا المثليين، بل حظر مؤقتًا ناشطًا مسلمًا أمريكيًا مراهقًا عندما انتقد معاملة الحزب الشيوعي الصيني لمسلمي الإيغور.
كل هذا لا يشكل مفاجأة بالنسبة لأولئك الذين يعرفون الحزب الشيوعي الصيني، حيث تعد الدعاية والرقابة من السمات الأساسية لفلسفة حكم الحزب الشيوعي، بل في الواقع، نشأت كلمة غسيل الدماغ كترجمة حرفية للمصطلح الصيني «xinao»، الذي استخدمه الشيوعيون الصينيون الأوائل لوصف نظامهم بسبب إعادة تشكيل معتقدات وأفكار أعدائهم الرجعيين.
ساحة معركة بلا قتال
يدرك شي جين بينج أهمية حرب المعلومات، أو كما يسميها «ساحة معركة بلا قتال»، وفي نص يتعلق بـ«العمل السياسي العسكري»، أعلن شي أن انهيار النظام دائمًا ما يبدأ في عالم الأفكار، وأن تغيير الطريقة التي يفكر بها الناس هي عملية طويلة الأمد، وبمجرد اختراق الخطوط الأمامية للفكر الإنساني، يصبح من الصعب كذلك حماية الخطوط الدفاعية الأخرى.
لقد أوضحت إدارة بايت دانس أنها تستطيع التلاعب بالمحتوى الذي بدوره يؤدي إلى التلاعب بالعقول بناءً على طلب الحزب الشيوعي الصيني، وفي عام 2018م قام الحزب الشيوعي الصيني بتعليق منصة «توتياو» لأنها تنشر محتوى يتعارض مع قيم الاشتراكية الأساسية، واعتذر مؤسس بايت دانس، في موجة من النقد الذاتي المذل، عن إخفاقه في احترام «القيم الأساسية الاشتراكية»، و«الانحراف عن توجيهات الرأي العام»، و«الفشل في إدراك أن القيم الأساسية الاشتراكية هي أساس التكنولوجيا»، وأعقب ذلك إعلان «بايت دانس» عن إستراتيجية جديدة لتوظيف 4000 مراقب إضافي نزيه وملتزم بالقيم الأساسية الاشتراكية للتكنولوجيا الخاصة بها.
محاولات حظر «تيك توك»
واستأجرت «تيك توك» و«بايت دانس» جيشًا من جماعات الضغط لتغطية آثارهما في الولايات المتحدة، بمن في ذلك أعضاء سابقون في الكونجرس ومجلس الشيوخ الذين يعملون وقتًا إضافيًا لتعطيل الجهود التشريعية لحظر «تيك توك» أو منع بيعه لشركة أمريكية، ومما يدعم أيضًا هذه الجهود هو حقيقة أن مستثمرين أمريكيين ذوي نفوذ كبيرة يقومون باستثمار مئات المليارات من الدولارات من أجل إنجاح «بايت دانس».
على الرغم من التعقيدات المتعلقة بتنظيم تدفق بيانات المعلومات عبر الحدود، اتخذ كل من مجلس النواب والشيوخ إجراءات صارمة لحظر التطبيق على أجهزة الحكومة الفيدرالية، وكذا فعل عدد متزايد من المحافظين الديمقراطيين والجمهوريين، وقد سنت أستراليا وكندا والاتحاد الأوروبي حظرًا مماثلًا على الأجهزة الحكومية، في حين حظرت الديمقراطيات الرائدة مثل الهند التطبيق تمامًا.
وبالتالي، يعد «تيك توك» في أفضل الأحوال برنامج تجسس تابعاً للحزب الشيوعي الصيني، ولهذا السبب حظرته الحكومات على الهواتف الرسمية، أما في أسوأ الأحوال فـ«تيك توك»، ربما يكون أكبر عملية ضارة وخبيثة تم تنفيذها على الإطلاق.
وقد حذر مدير وكالة الاستخبارات المركزية ويليام بيرنز، ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كريستوفر راي، ورؤساء استخباراتنا جميعًا من التهديد الذي يشكله «تيك توك» على الأمن القومي، حيث إن هذه التحذيرات بالإضافة إلى الدعاية المتفشية المناصرة لـ«حماس» على التطبيق يجب أن تكون سببًا في استفاقة الأمريكيين.
دعوة لحظر «تيك توك»
وقد جادل البعض بأن من حق «تيك توك» دستوريًا أن يتواجد، وأن حظره من شأنه أن ينتهك حقوق الأمريكيين بموجب التعديل الأول للدستور، لكن بالتأكيد الدستور الأمريكي لا يقتضي السماح لتطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي التي يسيطر عليها خصومنا الأجانب بالسيطرة على السوق الأمريكية.
وفي الواقع، يتمتع الكونجرس بتاريخ طويل في منع الشركات الخاضعة لسيطرة أجنبية من العمل داخل قطاعات حساسة في الاقتصاد الأمريكي، بما في ذلك وسائل الإعلام، وقد منعت هيئة الاتصالات الفيدرالية على مدى قرن من الزمان الملكية الأجنبية المركزة لأصول الإذاعة والتلفزيون لأسباب تتعلق بالأمن القومي، وتقيد القوانين واللوائح المختلفة اليوم شركة هواوي التي تسيطر عليها بكين من بناء بنية تحتية للاتصالات في السوق الأمريكية، حتى مع عمل هذه البنية التحتية مثل «تيك توك» كمنصة ناقلة للخطاب.
ما يهم في هذا الأمر هو أن حظر هواوي أو حظر «تيك توك» لا يقيد حرية خطاب الأمريكيين بأي شكل، بل على العكس من ذلك فإنه يحمي مياديننا العامة من المراقبة والتأثير الضار والرقابة والدعاية التي يمارسها أي عدو أجنبي.
إن السماح لكيان يسيطر عليه الحزب الشيوعي الصيني بأن يصبح الطرف المهيمن في أمريكا سيكون كما لو أننا عدنا لعام 1962م، قبل أزمة الصواريخ الكوبية مباشرة عندما سمحنا لبرافدا وجهاز الاستخبارات السوفييتية «كي جي بي» بشراء صحيفة «نيويورك تايمز»، و«واشنطن بوست»، و«إيه بي سي»، و«إن بي سي».
وطالما ظل تطبيق «تيك توك» والسيطرة على خوارزمياته في قبضة الحزب الشيوعي الصيني، فإننا بهذا نتنازل عن القدرة على فرض الرقابة على خطاب الأمريكيين لصالح خصم أجنبي، حان الوقت لكي يتخذ الكونجرس الإجراءات اللازمة، هذا هو الوقت الأمثل لحظر «تيك توك».
_______________________
نائب جمهوري، ممثل الدائرة الثامنة للكونغرس في ولاية ويسكونسن، رئيس اللجنة المختارة بمجلس النواب المعنية بالصين.