من مؤهلات النجاح للمدرِّب المتألِّق في أي دورة تدريبية الاستعداد الجيد والمسبق لها، ففي إحدى الدورات طرحت هذا السؤال: هل ذهب أحدكم إلى القطب المتجمد الشمالي أو القطب الجنوبي؟ طبعاً السؤال غريب!
ولكن أجابني أحدهم أنه ذهب إلى منطقة قريبة من القطب المتجمد الجنوبي، فسألته: ماذا رأيت هناك؟
حتماً هناك ظواهر كثيرة، ولكن أهم ظاهرة فيها تُعرف بـ«الجبل الجليدي» (Iceberg)، إنها ظاهرة عجيبة، ومنظر رائع خلاب!
إن سنحت لأحدكم فرصة لزيارة القطب المتجمد الشمالي أو القطب الجنوبي، فلا يفوّت فرصة النظر إلى «الجبل الجليدي»؛ سيرى أن ما يظهر من هذا الجبل فوق سطح الماء جزء يسير، على حين أن معظمه مخفيّ تحت سطح الماء.
هل منكم من يعلم النسبة الظاهرة من «الجبل الجليدي» فوق سطح الماء نسبة إلى حجمه الكلي؟ فقد قدرها العلماء بـ10%؛ وبمعنى آخر، إن ما يظهر فوق سطح الماء هو عُشر الجبل الجليدي كله.
على المدرب المتألق أن يستعد جيداً قبل عرض دورته ويلم بآخر تطورات موضوعها
ولكنْ، ما علاقة هذا الموضوع بمرحلة «الاستعداد المسبق للدورة التدريبية»؟
إن المدرب المتألق هو الذي يدرك أن ما يراه المتدربون منه في أثناء الدورة يساوي 10% من استعداده المسبق الذي يبذله في منزله ومكتبه الذي يقدر بنحو 90% من وقته! فعندما يتم تكليف المدرب بالإعداد لدورة تدريبية، فإنه يتبع الخطوات التالية:
الأولى: معرفة الهدف العام من الدورة:
من المهم جداً أن يدرك المدرب أن معرفة الهدف العام للدورة هو الطريق نحو ضبط البوصلة إلى الاتجاه الصحيح؛ وأول ما يبدأ به في دورته هو التأكد من وضوح الهدف العام في أذهان المتدربين.
ومن الجيد أن يبدأ المدرب ببعض التمارين الرمزية التي يحبها المتدربون، ومنها «تمرين البوصلة»، الذي يهدف إلى توحيد الهدف العام في ذهن المتدربين بصورة رمزية ومسلية، وهو كالتالي: يطلب المدرب من المتدربين أربعة أمور بعد استعمال البوصلة لمعرفة جهة الشمال، وإعلان ذلك لهم: ارفع أصبعك السبابة إلى السماء، أغمض عينيك، أشر بأصبعك تجاه الجنوب الجغرافي، افتح عينيك وارصد نسبة من معك في نفس الاتجاه.
وهنا يقوم المدرب بالتعليق قائلاً: كلنا نمضي قُدماً نحو تحقيق الهدف العام من الدورة، فمن يعرف جهة الشمال فهو يعرف جهة الجنوب؛ وعليه لا أريد أن أرى واحداً منكم يشير بأصبعه نحو جهة أخرى غير الجهة التي نشير جميعنا إليها.
نستخلص من ذلك أن المدرب المتألق هو الذي يوضح للمتدربين أهمية معرفة الهدف العام من الدورة التدريبية.
.. ويوضح للمتدربين الهدف العام والأهداف التفصيلية للدورة التدريبية ببداية العرض
الثانية: معرفة الأهداف التفصيلية للدورة:
كما الهدف العام، فإن على المدرب أن يوضح الأهداف التفصيلية للدورة للمتدربين، ويعرضها لهم؛ حيث إن أهم فائدة من وراء توضيح الأهداف التفصيلية الإحساس الزمني لسيرورة الدورة، وأهمية كل هدف تفصيلي فيها، ومقداره الزمني لتحقيقه، وليس شرطاً أن يغطي المدرب كل أهداف الدورة التفصيلية.
مثال على ذلك: في إحدى الدورات التدريبية لجامعة الكويت بعنوان «فن اتخاذ القرارات وحل المشكلات»، بقي في نهايتها هدف تفصيلي واحد لم أستطع تغطيته، وكان «حول النماذج المتنوعة في حل المشكلات»، حيث كانت لديَّ قناعة أن المتدربين قد نالوا من المعرفة في أثناء الدورة ما يغنيهم عن معرفة هذه النماذج.
وقد توصلت، من خلال خبرة تجاوزت 37 عاماً في عالم التدريب، إلى قناعة أن المتدرب لا يعترض على هدف تفصيلي لم يتم عرضه في الدورة، وأن رضا المتدربين عن الدورة يقاس بحيويتها، ونشاط المدرب فيها، وإدخال عنصر المرح والتسلية، وكذلك التنافس والتحدي، ومعرفة المتدربين بكيفية تطوير أنفسهم.
لذلك، على المدرب المتألق أن يحرص على حيويته ونشاطه طوال مدة الدورة، وإدخال المرح والتسلية والتنافس والتحدي فيها، وكذلك تطوير المهارات والقدرات لدى المتدربين.
الثالثة: مواكبة آخر التطورات في موضوع الدورة:
المدرب المتألق هو الذي يحيط نفسه علماً ومعرفة بآخر التطورات في موضوع الدورة التدريبية، ويكون ذلك بالطرق التالية:
– الدخول إلى مواقع المكتبات الإلكترونية، وشراء كتاب أو كتابين حديثين في موضوع الدورة، وقراءتهما؛ لإحاطة نفسه بآخر التطورات في موضوع الدورة.
– استعمال متصفح عالمي مشهور؛ لمعرفة آخر المقالات التي تطرقت لموضوع الدورة، وقراءتها.
– الانخراط في دورة إلكترونية عن بُعد، مدتها سويعات، ومدفوعة الأجر، حول موضوع الدورة، وتوجيه أسئلة للمدرب فيها حول آخر التطورات في موضوع الدورة.
– الجلوس مع صاحب الاختصاص لمدة نصف ساعة؛ لمعرفة آخر تطورات موضوع الدورة.
– استعانة المدرب بخبرته الشخصية حول آخر المواقف التي تعرض لها في موضوع الدورة، وسردها للمتدربين.
ولنضرب مثالاً: في إحدى الدورات التدريبية للمركز العلمي التابع لمؤسسة الكويت للتقدم العلمي، كانت الدورة بعنوان «بناء الفريق الناجح»، استعنت بمنتَج أمريكي يعرف بـ«المدير المحصن ضد الرصاص»، في عرض آخر ما توصل إليه علم الإدارة في مجال بناء الفريق الناجح، وعرضت لقطة للمدربة العالمية «باتريشا فريب» في مجال بناء الفرق الناجحة.
.. ويحرص على حيويته ونشاطه وإدخال المرح والتسلية والتنافس والتحدي بالدورة
الرابعة: إعداد وتصميم شرائح الدورة:
هناك فن وأصول في إعداد وتصميم شرائح الدورة التدريبية، أهمها:
– أول شريحة في العرض تحتوي على عنوان الدورة، ويفضل أن يكتب العنوان بحجم خط (66–72).
– تحت العنوان في أول شريحة، يتم كتابة اسم المدرب، واسم المؤسسة، وتاريخ الدورة، بحجم خط أصغر نحو (40).
– ثم ينبغي أن يكون هناك عنوان واحد لكل شريحة، ويفضل أن يكتب بحجم خط (40-60).
– يُنصح باستعمال صورة واحدة فقط لكل شريحة، وتكون معبرة عن موضوع الشريحة.
– يُنصح، كذلك، ألا يزيد عدد الكلمات في كل شريحة على 36 كلمة، ويفضل أن تكتب بحجم خط (28-36).
– لا يزيد عدد الأسطر في كل شريحة على 6 أسطر.
– لا يزيد عدد الكلمات في كل سطر على 6 كلمات.
– لا يزيد نوع الخطوط المكتوبة على نوعين (النسخ والرقعة مثلاً).
– لا يزيد حجم الخطوط في كل شريحة على حجمين.
– ينبغي أن يكون التنسيق بين الصور والمحتوى واضحاً ومرتباً.
– يفضل أن تكون الصور أصلية، ومن مصدرها الأصلي، ويفضل تجنّبِ أخذها من الإنترنت؛ ما لم تكن متاحة لعموم الناس من دون قيود.
– ينبغي عرض الشرائح على مساحة تغطي معظم الشاشة، وتكون على بُعد 3 – 6 أمتار من المتدربين، وتعرض الشرائح على الشاشة بواسطة مسلاط (بروجكتور) قوي الإضاءة، ويكون حجم الشاشة بحدود «2×2 متر».