تحدثنا في المقال السابق عن الوسيلة الرابعة، وهي: إجراء مسابقات تدريبية، واقترحنا إجراء مسابقة لصور المشاهير والتعرف إليها، ومسابقة في كيفية التعامل مع الشخصيات الصعبة، ومسابقة لمربع إدارة الوقت والأولويات، ونستكمل في هذا المقال أنواع المسابقات التي تجذب المتدربين:
مثال (1): في إحدى الدورات التي عقدت في مدينة الخفجي بالمملكة العربية السعودية لشركة عمليات الخفجي المشتركة، وكانت بعنوان «الأدوار المنتجة وغير المنتجة للمديرين»، وكان عدد هذه الأدوار 40 دوراً.
تم توزيع قائمة لهذه الأدوار، ثم قمنا بعرض مواقف عملية لمديري المؤسسات على شاشة العرض بصورة عشوائية، وطلبنا من كل فريق التعرف إلى الموقف وتحديد الدور الذي يؤديه هؤلاء المديرون!
هذه المسابقة حفّزت المتدربين، ونشرت روح التنافس بينهم، وهي بلا شك أفضل بكثير من سرد هذه الأدوار على صورة محاضرة فلسفية وتنظيرية.
المسابقة تحفّز المتدربين وتنشر روح التنافس بينهم وأفضل من سرد محاضرة تنظيرية
مثال (2): في إحدى الدورات التدريبية لشركة ناقلات النفط الكويتية، وكانت حول الثقة المتبادلة بين المديرين وأفرادهم، أجرينا مسابقة حول الشركات العالمية التي أعلنت إفلاسها بسبب تدهور الثقة المتبادلة بين المسؤولين فيها وموظفيهم.
قمنا بعرض شعارات تلك الشركات، وطلبنا من المتدربين التعرف إلى اسم تلك الشركة.
لم يصدق كثير من المتدربين أن شركات عملاقة مثل الخطوط الجوية العالمية (TWA)، والخطوط الجوية الأمريكية (Pan American)، وشركة الطاقة (Enron)، قد أعلنت إفلاسها بسبب نقص الثقة المتبادلة بينها وبين عملائها الداخليين والخارجيين!
مثال (3): في إحدى الدورات التدريبية لمؤسسة البترول الكويتية، وكانت حول «الاتصال الفعال مع العملاء»، عرضنا مقتبسات من أقوال مأثورة، وطلبنا من المتدربين استعمال أحد المتصفحات البحثية على شبكة الإنترنت لمعرفة أصحاب تلك المقولات.
ومثال ذلك، سألنا المتدربين: من قائل هذه العبارة: «احكم على الإنسان من نوع أسئلته التي يسألها بدلاً من أجوبته»، أو من قائل هذه العبارة: «قد لا يكون لديك القدرة لإجبار الناس على محبّتك، ولكن لديك القدرة لإجبارهم على احترامك»، الأولى قالها: فولتير، والثانية قالها المدرب المصري المتألق إبراهيم الفقي.
هذا أفضل بكثير من عرض القول المأثور، والكشف عن قائله بطريقة ليس فيها تنافس ولا تحدّ.
مثال (4): في إحدى الدورات التدريبية لمركز التدريب البترولي، وكانت حول «أهمية وضوح الرسالة لدى المؤسسات الناجحة»، تم عرض الرسالات التي تبنتها الشركات العملاقة في العالم، مثل: أبل، وميكروسوفت، وشركة وول مارت، وجوجل.. وغيرها، وطُلب من المتدربين التعرف إلى تلك الشركات باستعمال متصحف بحثي على شبكة الإنترنت.
ومثال ذلك: ما المؤسسة التي رفعت لنفسها الرسالة التالية: «تقديم أفضل تجربة مستخدم للعملاء من خلال الأجهزة والبرامج والخدمات المبتكرة»، أو الرسالة التالية: «نعمل على تعظيم قيمة الموارد الهيدروكربونية في دولة الكويت؛ من خلال عمليات الاستكشاف، والتطوير، والإنتاج؛ لضمان تحقيق الاستدامة»، أما الرسالة الأولى فهي لشركة أبل الأمريكية، وأما الثانية فهي لشركة نفط الكويت.
هذه الطريقة أفضل بكثير من سرد رسالات المؤسسات وأسمائها من دون بذل جهد من قبل المتدربين لمعرفتها.
مثال (5): في إحدى الدورات التدريبية لإحدى الشركات في القطاع النفطي حول المواهب الإدارية، تم عرض عبارات تنقصها كلمات، وطُلب من المتدربين البحث عن الكلمات الناقصة من لقطة فيديو يتم عرضها.
هذه الطريقة تجعل المتدربين يتابعون ما يعرض في لقطات الفيديو من معلومات، ويحرصون على كتابتها في مذكراتهم.
ومثال ذلك، املأ الفراغ في العبارة التالية: «علينا أن نجد حلاً لهذه المشكلة، إذ لا يوجد هناك مكان للـ..»، وقد تم حينئذ عرض لقطة فيديو من فيلم «أبوللو 13»، فالمتدرب الذي تابع اللقطة بعناية يعلم أن الكلمة المفقودة هي كلمة «الفشل».
مثال (6): في إحدى الدورات التدريبية لبنك الائتمان في دولة الكويت، وكانت حول «تحديات التغيير في العصر الحديث»، تم عرض عبارات ولكنها ناقصة، وتم الكشف عن الحرف الأول للكلمات الناقصة، وطُلب من المتدربين التعرف إلى تلك الكلمات.
ومثال ذلك: هناك عشرون «د» يقوم بها «م» في شركات «ن»، ويبدأ التنافس بين المتدربين في التعرف إلى الكلمات الناقصة التي تبدأ بالأحرف «د»، «م»، «ن».
لعلك عرفت، أيها القارئ، أن الكلمات الثلاث هي: «دوراً»، و«مديرون»، و«ناجحة»، فتصبح العبارة: «هناك عشرون دوراً يقوم بها المديرون في شركات ناجحة»، ومن باب الطرفة، قال أحدهم في كشفه لهذه الكلمات: «هناك عشرون دماراً يقوم بها المفسدون في شركات نائمة»! فأخذ المتدربون يضحكون!
الناجح في إدارة المشاعر هو الفائز بالتعرف إليها وإدارتها لإقامة علاقات دائمة معها
مثال (7): في إحدى الدورات التدريبية لمركز ابن الهيثم التابع للهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، وكانت بعنوان «كيف تصبح شخصية كاريزمية جذابة؟»، طلبنا من المتدربين تقييم أنفسهم لـ16 سؤالاً، ورصد درجة لكل سؤال ما بين صفر إلى 10 درجات بحسب موافقتها لشخصيته.
ثم تم عرض النتائج وتوزيع هدايا للأعلى رصداً وفق 8 أسئلة فقط المتعلقة بالشخصية الكاريزمية، أما بقية الأسئلة فلم تكن لها علاقة بالشخصية الكاريزمية، لأنها تدور حول الثقة بالنفس ولا تتعداها للآخرين، ووضحنا من خلال هذه المسابقة أن الشخصية الكاريزمية تتطلب التعامل مع الآخرين، وأن الثقة بالنفس مكملة للشخصية الكاريزمية وليس أساساً لها.
فأصبحت الفكرة واضحة في أذهانهم؛ إذ ليس شرطاً أن تكون الشخصية الكاريزمية واثقة من نفسها، فتم توصيل هذا المفهوم الإداري من خلال مسابقة لطيفة وظريفة وخفيفة.
مثال (8): في إحدى الدورات التدريبية للصندوق الكويتي للتنمية العربية لمجموعة من المهندسين الجدد، وكانت بعنوان «الذكاء العاطفي طريقك للترقية»، عرضنا مجموعة من الصور لمعالم أوجه مختلفة، تعبر عن مشاعر مختلفة، وطلبنا من المتدربين -بعد توزيعهم في مجموعات– التعرف إلى تلك المشاعر.
المشاعر والتعرف إليها أساس الذكاء العاطفي، والنجاح في إدارة تلك المشاعر وتوجيهها نحو إقامة علاقات ناجحة الأساس الثاني للذكاء العاطفي، والمشاعر تختلف؛ فمنها ما يعبر عن السعادة، ومنها ما يعبر عن الحزن، ومنها ما يعبر عن الخوف، ومنها ما يعبر عن الأمن، وهكذا حال المشاعر تختلف باختلاف تعابير الوجه.
إن المدرب المتألق يدرك أن الناجح في إدارة المشاعر هو الناجح في التعرف إليها، وإدارتها لإقامة علاقات ناجحة ودائمة معها.
هذي 8 أمثلة لمسابقات يستعملها المدرب المتألق في نشر الحيوية والنشاط والحماسة والطاقة بين المتدربين في دوراته التدريبية.