في بعض الأحيان يتفاجأ الإنسان باضطراب في معدته مما يترتب عليه أن يتقيأ ما فيها، وهنا يأتي سؤال: ما حكم صيام هذا الإنسان في هذه الحالة خاصة إذا امتلأ الفم بهذا القيء؟
القيء إذا ذرع الإنسان من دون اختياره فلا شيء عليه، وصومه صحيح، هذا ما ذهب إليه جمهور العلماء، ولو عاد شيء من القيء إلى جوفه بغير اختياره فلا يبطل صومه؛ لأنه كالمكره.
وإنما الذي يُفطر، تَعَمُّدُ الإنسانِ القيءَ، بعلاج أو بغيره، كأن يضع يده في فمه حتى يقيء ما في بطنه؛ لما ورد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: «من ذرعه القيء فليس عليه قضاء ومن استقاء عمداً فليقض» (رواه أبو داود (2380)، والنسائي في «الكبرى» (2/ 215)، والترمذي (720)).
فلو أحس الإنسان بأن معدته تموج، وأنها ستُخرج ما فيها نقول له: لا تمنعه ولا تجذبه؟ قف موقفاً حياديّاً لا تستقئ، ولا تمنع؛ لأنك إن استقيت أفطرت، وإن منعت تضررت، فدعه إذا خرج بغير فعل منك فإنه لا يضرك ولا تفطر بذلك.
الاحتلام في نهار رمضان
تساؤل آخر: رجل نام بعد صلاة الظهر ثم استيقظ فوجد نفسه محتلماً فما حكم صيامه؟
صيامه صحيح، فإن الاحتلام لا يبطل الصوم؛ لأنه بغير اختيار الإنسان، وقد رُفع القلم عنه في حال نومه؛ لما ورد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رُفِع القَلمُ عن ثلاثةٍ: عن النَّائمِ حتَّى يستيقظَ، وعن الصَّبي حتَّى يحتلِمَ، وعن المجنونِ حتَّى يَعقِلَ» (أخرجه الترمذي (1423)، والنسائي في «السنن الكبرى» (7346)، وأحمد (956) وحسَّنه البخاري).
ومن المناسب التنبيه على ما يفعله في هذا الزمان كثير من الناس يسهرون في ليالي رمضان، وربما يسهرون على أمر لا ينفعهم أو يضرهم، ثم إذا كان النهار يستغرقونه كله في النوم فإن هذا لا ينبغي، بل الذي ينبغي أن يجعل الإنسان صيامه محلاً للطاعات والذكر وقراءة القرآن وغيرها مما يقرب المسلم إلى الله سبحانه وتعالى.
استعمال السواك والطيب للصائم
التسوك للصائم سُنَّة في أول النهار وفي آخره، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «السواك مطهرة للفم مرضاة للرب» (أخرجه البخاري معلقاً: كتاب الصوم، باب السواك الرطب واليابس للصائم)، وقوله صلى الله عليه وسلم: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة» (أخرجه البخاري، كتاب الصيام، باب السواك الرطب واليابس للصائم، ومسلم: كتاب الطهارة، باب السواك، 25)، وأما الطيب فكذلك جائز للصائم في أول النهار وفي آخره سواءً كان الطيب بخوراً، أو دهناً، أو غير ذلك، إلا أنه لا يجوز أن يستنشق البخور، لأن البخور له أجزاء محسوسة مشاهدة إذا استنشقه تصاعدت إلى داخل أنفه ثم إلى معدته، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم للقيط بن صبرة: «بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً» (أخرجه أبو داود (2366) واللفظ له، والترمذي (788)، والنسائي (87)).