أن تأتي علامات النصر على ألسنة الأعداء خير من التصريح بها على ألسنة المقاومة، وأن يقولها معلقون عسكريون وخبراء إستراتيجيون صهاينة خير من محللين سياسيين عرب، وأن يؤكدها قادة وجنرالات «إسرائيليون» سابقون خير من العمل على نشرها، وأن يُثبِتها مسؤولون صهاينة أفضل دعاية للمقاومة الفلسطينية وحركة «حماس».
المتحدث باسم «حماس» للإعلام العالمي!
كرَّس الجنرال الصهيوني يتسحاق بريك نفسه للدفاع عن حركة «حماس» أمام القوات العسكرية الصهيونية، وكأنه المتحدث باسمها للإعلام العالمي، أو أحد عناصرها، بل أضحى علامة فارقة في تاريخ الحرب الصهيونية الدائرة على قطاع غزة؛ لكونه يشكك دومًا في قدرات الجيش الصهيوني، ويعظِّم في المقابل من قدرات المقاومة الفلسطينية.
بريك جنرال كرَّس نفسه للدفاع عن «حماس» أمام القوات العسكرية الصهيونية!
خلال الفترة الماضية، ومع اشتداد عود المقاومة الفلسطينية في القطاع، خرج الجنرال بريك، رئيس لجنة الشكاوى السابق بالجيش الصهيوني، للحديث عن مجريات الحرب، معدداً أسباب إخفاق قوات بلاده العسكرية التي تتسلح بأعتى الأسلحة العسكرية الصهيونية والأمريكية حول العالم، أمام القدرات المحدودة لحركة «حماس»، مؤكدًا أن جيش بلاده فشل عملياتيًّا في غزة أمام المقاومة الفلسطينية، رغم الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني في القطاع.
تصدى الجنرال بريك، في مقال مطوَّل بصحيفة «معاريف»، في 17 مارس الجاري؛ للدفاع عن المقاومة و«حماس»، وكأنه أحد عناصر أسلحة الحركة الإعلامية، بعدما أوضح أن قادة الكيان الصهيوني لا يمكنهم الكذب على مواطنيهم لفترة طويلة، خاصة أنه لا يوجد تفكير إستراتيجي أو أي معالجة للمشكلات الحقيقية والفاشلة لبلاده بشأن الحرب على غزة، بعدما فضَّل هؤلاء القادة العيش في الأوهام والأحلام الكاذبة، مؤكدًا غير مرة أن الجبهة الداخلية «الإسرائيلية» غير مستعدة لحرب إقليمية في حال دخول بلاده هذه الحرب؛ لأنها ستكون أصعب وأخطر بآلاف المرات من الحرب في غزة، فهي جبهة مهترئة وضعيفة، ولا يمكنها الاستمرار في أي حرب متعددة الجبهات، سواء أمام إيران أم «حزب الله» اللبناني.
بريك: ما قاله نتنياهو بشأن القضاء على حركة «حماس» خدعة كبيرة
لم يكتف الجنرال بريك بذلك، بل أكد أنه في حال فشل الكيان الصهيوني في إعادة المحتجزين الصهاينة أحياءً من قطاع غزة، فإن عملية «طوفان الأقصى» ستظل في الوعي العام «الإسرائيلي» باعتبارها أسوأ حروب الكيان منذ تأسيس الدولة في العام 1948م، تفوق بدورها حرب 6 أكتوبر 1973م.
المقاومة فكرة.. والفكرة لا تموت
الغريب أن الجنرال الصهيوني أعلن أكثر من مرة أنه التقى بنتنياهو 6 مرات منذ بداية الحرب على غزة، وفي كل مرة يطالبه فيها بوقف الحرب على القطاع؛ بدعوى قوة وصمود المقاومة، مقابل اهتراء وضعف وتردي الوضع العسكري الصهيوني، حتى إنه دعاه إلى تولي منصب وزير الدفاع بدلاً من الجنرال يوآف غالانت؛ ليشدد معها الجنرال بريك على أن «حماس» أو المقاومة فكرة والفكرة لا تموت؛ لأن مقاتلي الحركة الفلسطينية الذين قتلوا خلال الحرب على غزة تم استبدال جيل أصغر سنًّا وشبابًا وخبرة بهم؛ كما أنهم يستعيدون السيطرة على أغلب مناطق وبلدات شمالي غزة، في جميع الأماكن التي تركها الجيش الصهيوني أو ادعى أنه سيطر عليها، وهي الرؤية التي ذكرها أكثر من محلل سياسي «إسرائيلي» في صحف «هاآرتس»، و«معاريف»، و«يسرائيل هايوم» العبرية تحديدًا، من أن عناصر «حماس» تستغل خروج القوات الصهيونية من المناطق الشمالية لقطاع غزة حتى تعود إليها من جديد.
والشاهد أن بريك قد نفى لـ«هيئة البث الإسرائيلية»، في 15 مارس، تصريحات نتنياهو التي تحدث فيها عن تقليص قدرات «حماس» العسكرية، مؤمنًا بأن «بيبي» واهم حينما يرى أن «حماس» في تراجع، وما قاله بشأن القضاء على الحركة الفلسطينية خدعة كبيرة؛ وهي الرؤية التي أثبتها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، حينما أكد أنه حتى بعيد العملية العسكرية المحتملة في مدينة رفح، فإن «حماس» ستبقى موجودة، وهي التصريحات التي فاجأ بها بلينكن «كابينيت الحرب» حينما التقى بأعضاء المجلس بصحبة نتنياهو، السبت 23 مارس، واصفًا حركة «حماس» بأنها بمثابة تحد كبير في غزة.
الجيش الصهيوني يعمل في غزة دون أي فكر إستراتيجي أو قتال تكتيكي
مزاعم النصر الحاسم
في مقابلة أخرى للجنرال بريك مع «الإذاعة العبرية»، أكد أن القتال الصهيوني في غزة لن ينهي «حماس»، ولن يعيد المحتجزين من القطاع؛ لأن الجيش الصهيوني يعمل في القطاع دون أي فكر إستراتيجي أو قتال تكتيكي، خاصة أن «كابينيت الحرب» الصهيوني لم ينجح في استعادة أسير واحد بالقوة العسكرية، رغم تصريحات نتنياهو المتكررة عن مزاعم النصر الحاسم في غزة.
الواضح أن الجنرال بريك يركز في كل مقابلة إعلامية على ضرورة تغيير العقيدة القتالية للجيش الصهيوني خاصة في ظل تراجع أو تقلص عدد الأسلحة الصهيونية، والطلبات العاجلة للسلاح الأمريكي، وقيام مسؤولين صهاينة برحلات مكوكية إلى واشنطن لجلب السلاح إلى غزة، في اعتراف واضح بتفوق وتقدم المقاومة الفلسطينية ومدى تصديها لأعتى الأسلحة حول العالم.
والثابت أن بريك لم يكتف بذلك بشأن الأسلحة الصهيونية، فقد أوضح في 11 فبراير الماضي، أن «تل أبيب» ستشتري طائرات مقاتلة بـ14 مليار شيكل حتى يضعها في «المتحف»؛ ما يعني أنه لم يستخدمها نتيجة لعدم وجود كوادر قتالية عالية داخل الجيش الصهيوني، وأنه لم ولن يستخدمها حيث سيضعها الكيان في «متحف» فحسب لـ10 سنوات فقط، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن إدراك العالم المتقدم يعني استخدامه لطائرات دون طيار وطائرات مسيرة، وليس في حاجة مُلحة للمقاتلات الجوية، إذ أعرب عن دهشته المتكررة من عدم فهم الجيش الصهيوني لمجريات الحرب في غزة خلال الفترة الحالية.