يلجأ الوالدان في كثير من الأحيان إلى ترك طفلهما فريسة لتصفح مواقع الإنترنت، ظناً منهما أن هذا سيشغله عنهما، أو أن متطلبات عصره تفرض عليهما ذلك، بمعنى أنه لا مفر من الإنترنت في يد الطفل.
لكن خبراء التربية وعلماء النفس يحذرون من تعرض الطفل في سن صغيرة للتنمر الرقمي أو التحرش الإلكتروني، أو العنصرية والكراهية، في ظل عالم لا تحكمه الأخلاقيات والقيم، وهو ما يحتم عليك اللجوء إلى «الإنترنت الآمن».
ولعل شعار «الوقاية خير من العلاج» يعد حلاً ناجعاً لتلافي تداعيات وآثار تصفح الإنترنت للصغار، وهو أمر يتحقق من خلال أساليب عدة، ورقابة أبوية، في بعض الأحيان عن بُعد؛ لتعزيز الثقة بينك وبين طفلك، وعدم إشعاره بأنك تنتهك خصوصيته.
ويعني الإنترنت الآمن، تقييم وتحسين سلوكك عبر الإنترنت، والحفاظ على نفسك، وتأمين معلوماتك الشخصية، وتجنب المواقع والروابط المشبوهة، وكذلك المقاطع الإباحية والمنشورات المسيئة للأديان والشعوب، وغيرها من الجرائم التي قد تضع الشخص تحت طائلة القانون.
أولاً: يوصي المختصون بضرورة تثقيف الصغار حول الحفاظ على أمان معلوماتهم الشخصية، وعدم إتاحتها للغير، مثل عنوان المنزل ورقم الهاتف، كذلك الحفاظ على خصوصية الصور الشخصية والعائلية، وبيانات باقي أفراد الأسرة، وعدم قبول طلبات الصداقة من الغرباء، أو تنزيل الملفات المشبوهة، أو الدخول على روابط مرسلة من أشخاص مجهولين.
ثانياً: تؤكد الدراسات التربوية أن تعزيز الوازع الديني لدى الطفل يعد حصناً لا غنى له أمام تغول الإنترنت، وتزايد معدلات إدمانه بين المراهقين والشباب؛ ما يحتم على الوالدين السير على هذا النهج، باستحضار مراقبة الله، وتذكير الصغير بأن الله مطلع على أفعاله، وأنه تعالى يسمع ويرى، قال تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيد) (ق: 16).
ثالثاً: من المهم تفعيل الرقابة الأسرية، باستخدام الأدوات الرقمية، وتسخير التكنولوجيا من أجل ذلك، وهي برامج وتطبيقات متاحة، تتيح للوالدين، مراقبة أبنائهما إلكترونياً، والاطلاع على ما يصلهم من رسائل ومقاطع، أو ما يقومون بتصفحه عبر وسائل التواصل، ومراقبة قوائم الاتصال والرسائل الخاصة بأطفالهم، وتحديد من يمكنه إرسال طلبات صداقة إليهم، والتدخل إذا لزم الأمر بالحجب، أو النصح، أو التوجيه، أو الثواب والعقاب.
رابعاً: يفضل إنشاء حساب طفلك على «فيسبوك» بنفسك، خاصة إذا كان صغيراً أقل من عمر 13 عاماً، والتحكم في إعدادات الخصوصية، واستخدام برامج آمنة مثل «Messenger Kids» الذي يتيح للأطفال فقط مراسلة عائلاتهم وأصدقائهم، والإبلاغ عن المحتوى المشبوه أو الخادش للحياء، وحظر الأشخاص الذين لا ترغب في تفاعل طفلك مع منشوراتهم، كما يمكن للوالدين وضع حد زمني لاستخدام التطبيق.
خامساً: باستطاعة الوالدين تلقي تقارير عن نشاط أطفالهم من خلال تطبيق آمن مثل «Safes» الذي يتيح العديد من الخيارات لمراقبة نشاط الأطفال عبر الإنترنت، ومنع المحتوى غير اللائق، بل يمكن للوالدين إيقاف أجهزة أطفالهم مؤقتاً، مع الأخذ في الاعتبار أنه يمكن للمراهقين التحايل على هذه الأدوات، ما يستلزم إلماماً من الوالدين بالتطور التكنولوجي الحاصل في هذا المجال.
سادساً: تحديد مقدار الوقت الذي يقضيه طفلك على الإنترنت، ومساعدته على وضع أولوياته من حفظ القرآن الكريم، وأداء الصلوات الخمس، والاستذكار، وأداء واجباته المدرسية، ووضع وقت محدد للهو وتصفح المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل، شريطة ألا يكون ذلك قبل النوم، وأن يراعى في ذلك معايير الصحة والسلامة.
سابعاً: توجيه الطفل نحو الالتزام بآداب التواصل عبر الإنترنت، وعدم استخدام ألفاظ بذيئة، أو تداول صور ومقاطع محرمة، أو نقل الشائعات والأخبار الكاذبة، أو أي محتوى مسيء لشخص، أو عرق، أو دين، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار» (رواه أحمد، وابن ماجه).
ثامناً: الحذر من تضييع الوقت، وقضاء ساعات طويلة في تصفح العالم الافتراضي، والتغافل عن الصلاة والذكر، وما ينفع المسلم من علم وعمل، وصلة رحم وغيره، وهي ما يجب أن تلتزم به الأسرة جميعاً، وأن يكون الوالدان قدوة لأبنائهما في ذلك، وتذكير الصغار بذلك.