حثت الشريعة الإسلامية على الصبر، وجعلت من الشخص الصابر المحتسب للأجر منزلة رفيعة، ولذلك نجد الآيات الأحاديث تزخر بالحث على الصبر وعدم الجزع أو الوقوع في اليأس، خاصة عند وقوع المصائب؛ لأن الإنسان حينها يكون إلى الجزع والسخط أقرب منه للرضا والاحتساب، ومن هنا برزت أهمية الصبر في حياة المسلم لكي يتغلب على المنغصات.
وعند التأمل في السيرة النبوية العطرة سنجد العديد من الأحاديث التي تحث على الصبر والتمسك به كحل في وجه النوائب التي تطرأ للعبد في حياته، ليترك النبي صلى الله عليه وسلم لأمته ميراثًا لو تمسكت به، سينجو أفرادها بلا شك من كل مصيبة تخرج أمامهم دون خسائر كبيرة سواء على المستوى المادي أو المعنوي.
وهذه مجموعة من الأحاديث التي تحدثنا عن الصبر وأهميته في حياتنا العملية، التي تقوم بالطبع على اختبار العبد ومدى يقينه في ربه وقضائه وقدره، ولا سبيل لاجتياز هذه الابتلاءات التي يمتحن الله بها عباده سوى بالصبر:
– عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما يصيب المسلمَ من نصَبٍ ولا وصَبٍ ولا هم ولا حزنٍ ولا أذًى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفَّر الله بها من خطاياه» (رواه البخاري، ومسلم).
– عن عطاء بن أبي رباحٍ قال: قال لي ابن عباسٍ: ألا أريك امرأةً من أهل الجنة؟ قلت: بلى، قال: هذه المرأة السوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أُصرَع، وإني أتكشَّف، فادع الله لي، قال: «إن شئتِ صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك؟»، فقالت: أصبر، فقالت: إني أتكشَّف، فادع الله لي ألا أتكشَّف، فدعا لها. (رواه البخاري، ومسلم).
– عن أنس بن مالكٍ قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بامرأةٍ تبكي عند قبرٍ فقال: «اتقي الله واصبري»، قالت: إليكَ عني؛ فإنك لم تُصَبْ بمصيبتي، ولم تعرفه، فقيل لها: إنه النبي صلى الله عليه وسلم، فأتَتْ باب النبي صلى الله عليه وسلم فلم تجد عنده بوَّابين، فقالت: لم أعرفك، فقال: «إنما الصَّبر عند الصدمة الأولى» (رواه البخاري، ومسلم).
– عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من مصيبةٍ يصاب بها المسلم إلا كُفِّر بها عنه، حتى الشوكة يشاكها» (رواه مسلم).
– عن صهيبٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خيرٌ، وليس ذاك لأحدٍ إلا للمؤمن، إن أصابته سراءُ شكر، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراءُ صبر، فكان خيرًا له» (رواه مسلم).
– عن أنس بن مالكٍ قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله قال: إذا ابتليتُ عبدي بحبيبتيه -يقصد عينيه، فصبر، عوَّضْتُه منهما الجنة» (رواه البخاري).
– عن ابن عباسٍ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَن كره من أميره شيئًا، فليصبر عليه؛ فإنه ليس أحدٌ من الناس خرج من السلطان شبرًا فمات عليه، إلا مات ميتةً جاهليةً» (رواه مسلم).
– عن شداد بن أوسٍ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله عز وجل يقول: إني إذا ابتليت عبدًا من عبادي مؤمنًا، فحمِدني على ما ابتليته، فإنه يقوم من مضجعه ذلك كيومَ ولدَتْه أمُّه من الخطايا، ويقول الرب عز وجل: أنا قيدت عبدي وابتليتُه، وأَجْروا له كما كنتم تُجْرون له وهو صحيحٌ» (حديث حسن).
– عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى اللهَ وما عليه خطيئةٌ» (حديث حسن صحيح).
– عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا مات ولَدُ العبد قال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده، فيقولون: نعم، فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمِدَك واسترجع، فيقول الله: ابنوا لعبدي بيتًا في الجنة، وسمُّوه: بيت الحمد» (حديث حسن صحيح).