إن الأقليات المسلمة باختلاف تنوع أماكن تواجدها ولغاتها وثقافتها تشترك في بعض النقاط حتى وإن كانت قليلة، ومن هذه النقاط المشتركة وجود بعض المشكلات الأساسية التي تعاني منها أي أقلية مسلمة في العالم، ولذلك سنقف وقفة متأنية مع هذه المشكلات للتعرف عليها ورصد حجمها وتأثيرها على المسلمين الذين يعيشون في دول ذات أغلبية غير مسلمة، فمشكلات الأقليات المسلمة متعددة الجوانب متشعبة الأوجه، ومنها:
1- الأوضاع الاقتصادية السيئة:
وهذه المشكلة نتجت بالمقام الأول عن سياسات الدول التي تقيم بها هذه الأقليات وتكون مرتبطة بها بشكل كبير، فالعديد من الدول التي تعيش بها الأقليات المسلمة تحرم هذه الأقليات من مجالات معينة في العمل وتسايرها في ذلك القطاعات الخاصة، ونتج عن هذا انخفاض الدخول، ويُضاف إلى هذا نقص بعض المهارات بين مسلمي الأقليات وتفوق تلاميذ مدارس البعثات التنصيرية، بسبب ما تقدمه من فرص التدريب للنصرانيين؛ مما يتيح لهم اكتساب المهارات، ونتيجة هذه الأوضاع يقبل المسلمون في مناطق الأقليات على العمل في مجالات أقل أجرًا أو تنتشر البطالة بينهم، فيعاني الكثير منهم من الاحتياجات الأساسية أحيانًا، ونتيجة لذلك قد يقبل بعضهم بالعمل في التجارة المتنقلة برأسمال قليل وبمقتضى أمر التنقل والتجوال، ولهذا ربما يتحتم فتح المدارس المهنية لتدريب أبناء الأقليات المسلمة لكي ترتفع دخولهم وتتحسن أوضاعهم الاقتصادية، لكي يصمدوا أمام البعثات التنصيرية ويستوعبوا التطور التكنولوجي المتسارع في الوقت الحاضر.
2- مشكلات ثقافية وتعليمية:
وهذه المشكلة من إحدى المشكلات التي تشكل عائقًا كبيرًا أمام حصول هذه الأقليات على أدنى حقوقها الأساسية في الحياة، ولذلك ينبغي التعرف إلى أساليب التعليم الإسلامي في مناطق الأقليات المسلمة، حيث إن أبناء المسلمين يتلقون تعليمهم الديني في كتاتيب متواضعة ملحقة بالمساجد في بعض دول الأقليات، أو في مدارس متطورة إلى حد ما تفتح أبوابها في أيام العطلات الرسمية وتسمى بمدارس «الأحد» نسبة للعطلة الأسبوعية في بعض دول الأقليات المسلمة، أو قد تلقى الدروس الدينية في المساء، وهذا أسلوب يعطي الثقافة الإسلامية بطريقة مجزأة غير منتظمة، أو قد تقوم الأسرة بتلقين أبنائها الجرعات الدينية بالمنزل، والأمر يتوقف على نوعية الثقافة الدينية التي تقدم إلى هؤلاء، ومن يقوم بها وحجم ثقافته الإسلامية، بالإضافة إلى الطريقة التي تقدم بها لأبناء المسلمين.
3- البناء الاجتماعي:
تميل الأقليات المسلمة للعيش في مناطق منفصلة داخل مناطق الأغلبية، وتتجنب الاختلاط لأسباب منها الإلحاد والتحرر كشأن الأقليات المسلمة في أوروبا الغربية، أو بسبب انخفاض مستوى دخول الأقليات في هذه المجتمعات، فمعظم أفراد الأقليات المسلمة وخاصة العمال المهاجرين يبحثون عن الأحياء الفقيرة لانخفاض تكاليف الحياة بها، كما أن الترابط بين أفراد هذه الأقليات غير منظم، ومعظمهم من الأميين؛ لذا فثقافتهم الدينية محدودة، ويجب البحث عن وسائل رفع مستوى ثقافتهم الدينية لتمكينهم من الصمود في وجه حملات الإلحاد، وفي بعض مجتمعات الأغلبية التي تعيش وسطها الأقلية تبرز مشكلات التحدي الوثني لدرجة سافرة تصل إلى حد مهاجمة الأقليات المسلمة بقوة السلاح لإضعاف شوكتهم وتشتيت جمعهم، فالترابط بين جماعات الأقليات المسلمة ضعيف.
4- حق التمثيل في الحكم:
هذا عنصر جوهري بلا شك في حياة الأقليات المسلمة، وعامل ضغط يفجر الأوضاع الداخلية في بعض المناطق من حين لآخر، وهناك أمثلة عديدة عن جوهرية حق تمثيل الأقليات الإسلامية في الحكم لدى جماعات الأغلبية، وكلها تكشف عن محاولة إثبات هذه الأقليات ذاتها والدفاع عن كيانها في محيط الأغلبية، ومحاولة تقرير المصير وإبراز هذا الحق على المستوى المحلي.
إن كبت ممارسة الشعائر الدينية يمثل عنصر إثارة للشخصية المسلمة بشكل عام، كما أن هيمنة الأغلبية وتسلطها عنصر مضاد لإثبات هذه الشخصية، يُضاف إلى هذا أن مجموع القوانين الوضعية التي تفرضها الأغلبية قد تتعارض مع تطبيق الشريعة الإسلامية، وهذا مجال آخر للصدام بين الأقلية والأغلبية في كثير من الأحيان.