بعد ساعات من الإعلان الرسمي عن القبض على الضابط التابع لجهاز المخابرات الهندي الشهير باسم راو، تسارعت الأحداث والتطورات وردود الفعل في باكستان، ووضعت الأحداث التي تلت الإعلان عن اعتقال العميل الهندي في بلوشستان كلاً من إيران والهند في وضعية المدافع عنه نفسها والساعي إلى رفض أي صلة له بهذا العميل ونشاطاته الاستخبارية.
ويقول المراقبون: إن إعلان إسلام آباد عن اعتقال الضابط الهندي مع وصول الرئيس الإيراني إلى باكستان وقبل أسبوع من لقاء مرتقب بين رؤساء وزراء الهند وباكستان جميعها تؤكد أن باكستان أرادت أن تبلغهم رسائل جادة، فإيران ستجد نفسها محرجة؛ لأن الضابط الهندي كان معيناً للإشراف على نشاط الملاحة الهندية في ميناء “جاه بهار” الإيراني وتطويره.
الدور الإيراني
وكان وزير الداخلية جودهري نثار أول من سارع إلى الحديث عن الدور الإيراني في هذا الأمر، وما مسؤولية طهران في حماية الأراضي الباكستانية، ومنع استخدام أراضيها للهند حتى تعبث بأمن باكستان وتهدد استقرارها ووحدتها، ويقول وزير الداخلية الباكستاني: إن على إيران أن توضح مهمة العميل الهندي المقبوض عليه، وماذا كان يفعل تحديداً في ميناء “جاه بهار” الإيراني؟ وهل كانت تعلم حقيقته ومهمته في باكستان؟ وكيف جرى السماح له بعبور الحدود الباكستانية الإيرانية لعشرات المرات واستخدام هوية باكستانية مزورة إلى جانب جواز سفره الهندي؟
ويقول وزير الداخلية: إنه لا يشك في أن إيران كانت لا تعرف عن العميل المثير، وإنها منحته التأشيرة، ويقيم على أراضيها لمدة طويلة بإقامة صالحة، وإنها دون أدنى شك كانت على علم بمهمته في المنطقة وبتحريضه للانفصاليين البلوش بتصعيد نشاطهم الانفصالي وباتصالاته؛ لأنه أجرى العشرات من الاتصالات داخل باكستان، واجتمع مع العشرات من المتمردين في إيران، وكل هذا كان تحت أعين طهران دون أدنى شك، وهي دولة لا تسمح حتى للذباب بأن يطير دون موافقتها، كما تقول الشعارات في هذا البلد.
وحسب التقارير المحلية، فقد ناقش المسؤولون الباكستانيون هذا الأمر مع نظرائهم الإيرانيين عقب الاجتماع الذي نظم بين نواز شريف، وحسن روحاني في إسلام آباد عقب زيارة روحاني لها بتاريخ 25 مارس 2016م وتطرقوا إلى هذا الملف.
الدور الهندي
وعن الدور الهندي، فقد كشفت اعترافات الضابط المقبوض عليه بأن:
– الاسم الحقيقي للضابط في سلاح البحرية الهندي المعتقل هو كل بهوشن يادو، وحصل على تأشيرة إيران تحت اسم حسين مبارك بنيل، وهوية باكستانية مزورة تحمل نفس الاسم.
– عين في منصبه في سلاح البحرية الهندي في عام 2013م، وفتح مكتباً للمخابرات الهندية تحت غطاء قوات البحرية الهندية في الميناء الإيراني، وكانت مهمة المكتب هو زعزعة الاستقرار في بلوشستان وإقليم السند، وحث السكان على الانفصال والقيام بدعم الانفصاليين البلوش على تحقيق أهدافهم.
– وضع قائد المخابرات الهندية مخططاً يقوم على تقسيم كل من بلوشستان وإقليم السند عن باكستان، وتوفير لهم جميع الوسائل الضرورية ليتمكنوا من إعلان عن دولة تضم الإقليمين وتعلن انفصالها عن باكستان، وتحت هذا المشروع الانفصالي رصدت المخابرات الهندية مبالغ مالية طائلة، وركزت على المجموعات الانفصالية التي ظلت قوية وموحدة وعنيفة ضد القوات الباكستانية وأبرزها:
– في السند: وفي إقليم السند وفق ما كشف الضابط الهندي قسمت المخابرات الهندية جهودها على فصيلين، هما:
1- “جيش تحرير السند”؛ حيث استغلت انشغال الجيش بتطهير مدينة كراتشي من الجماعات المسلحة والأفراد المطلوبين وإهماله المناطق خارج الإقليم فأخذت تقدم المال والسلاح وتنظم صفوف “جيش تحرير السند”، وتوفر له جميع متطلباته إلى جانب الضغط عليه ليوحد صفوفه وحملته على الاتفاق على أمير مشترك ليقوده إلى الانفصال عن باكستان، وضم جزء مهم من إقليم السند إلى دولة الانفصاليين البلوش، وقام “جيش تحرير السند” بفتح مقر له بتمويل هندي في شرق مدينة كراتشي، وأطلق عليه اسم “المركز الذهبي” يجتمع فيه قياداته وأفراده سراً مع بعضهم بعضاً، ومع العملاء الهند للتخطيط لهجماتهم وعملياتهم، ويبلغ تعداد أفراد “جيش تحرير السند” ما لا يقل عن 3 آلاف مسلح، يتواجد أغلبهم في المناطق التي يعيش فيها السكان الأصليون في الإقليم والناطقون باللغة السندية، والمقاتلون مدربون على حرب العصابات والتفجيرات والعمليات الانتحارية.
2- التنسيق مع التنظيمات الإرهابية: أما الفصيل الآخر ضمن جهود المخابرات الهندية لإنجاح فكرة الانفصال في السند فهو تنسيقها مع قيادات منشقة عن “طالبان” يقودها شخص اسمه حاجي بلوش، وهو بدوره مقرب من الانفصاليين البلوش، وشكلت بواسطته فرعاً لـ”تنظيم الدولة”، وجمعوا أفراداً أعطوا ولاءهم لـ”تنظيم الدولة”، وبايعوا حاجي بلوش وهو عميل للهند في مدينة كراتشي، وراحوا من خلاله يعملون على تفجير الوضع الأمني في المنطقة ليتزامن مع تفجير مماثل من قبل جيش تحرير السند.