طالبت جماعة الإخوان المسلمين المجتمعين في القمة العربية إلى الوحدة والتلاحم أمام كل التحديات والمخططات التي تحاك ضد المنطقة العربية، داعية في رسالة وجهتها إلى ملوك وقادة القمة المنعقدة غداً الأربعاء في منطقة البحر الميت بالأردن في الدورة العادية التاسعة والعشرين، إلى أن تكون هذه الدورة هي دورة النهوض الداخلي، مشدّدة على ضرورة تجنب النزاعات أو الخلافات.
كما دعت الجماعة المجتمعين إلى إعادة الحق لقضايا الأمة والعودة بمؤسسة الجامعة العربية إلى ما كانت ترجو منها شعوبها.
نص الرسالة:
(إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً {58}) (النساء).
السادة أصحاب الجلالة والفخامة والسمو ملوك ورؤساء وأمراء الدول العربية..
يأتي اجتماعكم اليوم 29 جمادى الثاني 1438هـ/ 28 مارس 2017م في منطقة البحر الميت في المملكة الأردنية الهاشمية في الدورة العادية التاسعة والعشرين، وأنتم على مرمى حجر من بيت المقدس؛ حيث المسجد الأقصى وكنيسة القيامة الأسيرتين، اللذين انتهى بهما التاريخ رغم كل ما خرج من بيانات وقرارات عن القمم السابقة منذ تأسيس الجامعة العربية في عام 1945م وقبل قيام دولة “إسرائيل” بثلاث سنوات، وما خرج عنها من بيانات وقرارات إلى تأكيد وجود نظام فصل عنصري على هذه الأرض المباركة، كما جاء في نص استقالة الأمين العام التنفيذي للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا التابعة للأمم المتحدة (إسكوا) السيدة ريما خلف، التي أعلنتها يوم السابع عشر من هذا الشهر بسبب ضغوط الأمين العام للأمم المتحدة لسحب تقريرها حول الواقع الذي انتهت إليه الأوضاع في فلسطين.
وليس ببعيد عن بيت المقدس وعلى نفس الأرض وحوله وفي يوم استقالة الأمين العام لـ”إسكوا”، سقط مئات القتلى من الرجال والنساء والأطفال الأبرياء في مدينة الموصل الجريحة بغارات جوية قام بها التحالف الدولي وصفها قائد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط بمأساة مع اعتقاده بأنها أمريكية، بينما يواصل الحليف المشارك نفيه، متهماً “داعش” بارتكاب الجريمة بألغام أرضية، ولم يجد الأمين العام إزاءها غير إعلان “قلقه” البالغ! مع تعبير أكثر إيجابية من منسقة الأمم المتحدة السيدة ليزا جراند قالت فيه: “صدمنا لهذه الخسارة”، لينتهي الأمر عند ذلك، ويستمر سفك دماء العرب؛ مسلمين ومسيحيين، على أرضهم من المحيط إلى الخليج وكأننا أمة من غير جنس البشر.
السادة أصحاب الجلالة والفخامة والسمو ملوك ورؤساء وأمراء الدول العربية..
مع بداية اللقاء، نتقدم لمقامكم السامي باقتراح بالوقوف دقيقة حداداً على ضحايا الأمة الذين يسقطون يومياً على ترابها من جراء ما يجري على أراضيها من حروب ونزاعات، ودعوة الشعوب العربية كلها من المحيط إلى الخليج إلى المشاركة فيها، وفي نفس التوقيت لنثبت أننا أمة واحدة بمشاعر واحدة وآمال مشتركة وتحدياً لكل ما يتم الإعلان عنه من مخططات لإفنائها بالنفخ في ميزان النزاعات الطائفية وتقسيم ما هو مقسم، ودفع الشعوب إلى الهجرة الداخلية والخارجية حتى تصل حالة أمتنا إلى أن تكون كالهشيم الذي يذروه الرياح، بعد أن كانت هي صاحبة الحضارة والاحترام على كل الأصعدة.
السادة أصحاب الجلالة والفخامة والسمو ملوك ورؤساء وأمراء الدول العربية..
إن شعوبكم التي أفاءت بخيرها على الدنيا قاطبة وأفاضت بمعارفها وخبراتها على جوانب الحياة الإنسانية المختلفة، لهي على أتم استعداد للنهوض من كبوتها مرة أخرى وتدارك ما فاتها والوقوف خلف قيادتكم بكل عزيمة ومضاء تحميكم وتحمي أوطانها على طريق الاستقلال الحقيقي والتقدم والرقي.
وإذا كانت هذه الشعوب مطالبة بالسمع والطاعة طبقاً لما جاء في الآية الكريمة من سورة النساء: (أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ) (النساء59)، فإن هذه الطاعة التي جاءت بعد الآية التي صدرنا بها الرسالة إلى مقامكم الكريم “أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها”، وهذه الأمانة مقرونة بالحكم بالعدل الذي هو أساس الملك.
السادة أصحاب الجلالة والفخامة والسمو ملوك ورؤساء وأمراء الدول العربية..
لتكن هذه الدورة هي دورة النهوض الداخلي، وما تزخر به دواوين الحكم في كل أقطارنا من مقترحات للنهوض، الكثير والكثير، فاللحظة التي تعيشها الأمة العربية يجب ألا تكون لحظة نزاع أو خلاف، بل هي وقت إعطاء كل ذي حق حقه حاكماً كان أو محكوماً.
وأول شروط النهوض أن يتم إبعاد كل من تقطر يداه بدماء شعبه من محيطكم، وأن تباعدوا بينكم وبين من يجحدون حق شعوبهم في الحرية والانعتاق من إسار العبودية لغير الله سبحانه وتعالى، وأن تنأوا بأنفسكم وأمتكم عن كل من يطلب النصرة من غير الله سبحانه وتعالى القوى القاهر ثم لا يرتكن إلى تأييد شعبه.
السادة أصحاب الجلالة والفخامة والسمو ملوك ورؤساء وأمراء الدول العربية..
أعانكم الله على تأدية أماناتكم، ووفقكم سبحانه وتعالى لما فيه الخير لأنفسكم ولشعوبكم، ودعاؤنا إلى الله سبحانه وتعالى أن يجعل أعمال هذه الدورة إيذاناً بإعادة الحق لقضايا الأمة، والعودة بمؤسسة الجامعة العربية إلى ما كانت ترجوه منها شعوبها.