يتواصل هجوم الجيش المصري على مناطق غرب مدينة رفح بمحافظة شمال سيناء، منذ نحو أسبوع، فيما تؤكد مصادر قبلية لـ”العربي الجديد” أن هجوم رفح الحالي هو الأوسع منذ سنوات، وتوضح المصادر أن الجيش دفع بتعزيزات غير مسبوقة لمناطق غرب رفح خلال الأسبوعين الماضيين، تمهيداً لهذا الهجوم الواسع، والذي طاول مناطق المقاطعة والمهدية ونجع شيبانة وأبو حلو.
وتسبب الهجوم بحركة نزوح كبيرة من المناطق سابقة الذكر، إذ توجّهت عشرات الأسر نحو مناطق العريش وبئر العبد والإسماعيلية، على الرغم من صعوبة الانتقال من مناطق الاستهداف بسبب قصف الجيش، وقد سجّلت حالات عديدة لأسر اضطرت إلى المغادرة من دون أن تتمكن من نقل الأمتعة الخاصة بأفرادها.
وتؤكد المصادر أن اشتباكات عنيفة وقعت بين مسلحي تنظيم “ولاية سيناء” الموالي لتنظيم “داعش”، وقوات الجيش المصري التي هاجمت مناطق غرب رفح؛ ما تسبب بخسائر بشرية ومادية في صفوف الطرفين، وعلى إثر ذلك، استدعى الجيش الطيران الحربي لقصف المناطق المستهدفة في هجومه الجديد، كذلك استعان بالقصف المدفعي على مدار ساعات النهار؛ ما جعل من المنطقة أرضاً محروقة، وفق المصادر.
وتشير مصادر طبية لـ”العربي الجديد” إلى أن القصف المدفعي العشوائي تسبب في قتل وإصابة ما لا يقل عن 25 سيدة وطفلاً، من سكان قرية نجع شيبانة والمقاطعة، واللتين تعرضتا لقصف عشوائي طيلة الأيام الماضية، وتشهد مناطق الهجوم أوضاعاً إنسانية صعبة في ظل انقطاع التيار الكهربائي والمياه وشبكات الاتصال والإنترنت منذ أسابيع، خصوصاً في ظل منْع كمائن الجيش وصول الإسعافات للمدنيين المحاصرين في مناطق غرب رفح.
وفي أسباب الهجوم، يقول خبير عسكري لـ”العربي الجديد”: إن “الجيش يريد الانتقام من محيط مدينة رفح بعد هجوم ارتكاز البرث الذي وقع الشهر الماضي، وأدّى لإبادة كتيبة صاعقة بأكملها بعد إيقاعها بين قتيل وجريح على يد تنظيم “ولاية سيناء”، ويضيف أن “سياسة الانتقام حاضرة لدى الجيش في سيناء، وهذا ما تؤكده الدلائل كافة خلال السنوات الأربع الماضية التي شهدت معارك بين الجماعات المسلحة والجيش، عدا عن رغبته في فتح جبهة رفح بعد عدم نجاح الهجوم على جنوب مدينة العريش قبل أسبوعين، في تحقيق أهدافه”، ويشير إلى أن الجيش لم يحشد إعلامياً لعملية رفح كما حصل في هجوم جنوب العريش، في انتظار النتائج التي ستحملها الأيام المقبلة، فيما يتواصل التعتيم الإعلامي على الأخبار في سيناء أثناء الهجوم، بقطع شبكات الاتصالات والإنترنت.
ويتوقع الخبير العسكري أن يتجه تنظيم “ولاية سيناء” إلى تسخين جبهة غرب العريش وجنوبها خلال الأيام المقبلة، للتخفيف عن مجموعاته التي تتصدى لهجوم غرب رفح، خصوصاً أن الأيام الماضية شهدت تحركاً غير مسبوق لخلايا التنظيم في مناطق غرب وجنوب العريش.
وتفيد مصادر قبلية في مدينة رفح لـ”العربي الجديد” بأن تنظيم “ولاية سيناء” استهدف مجموعة عسكرية كبيرة مشاركة في الهجوم، الخميس الماضي، في منطقة نجع شيبانة، ما أدى إلى مقتل وإصابة عدد كبير من قوات الجيش المصري، وتوضح أن الجيش اضطر لإشراك المدفعية والطيران بسبب صعوبة التقدم ميدانياً في ظل تصدي مجموعات التنظيم للهجوم منذ بدئه قبل أيام عدة، فيما أكدت أن الجيش استطاع نصب كمينين أمنيين غرب رفح بعد إزالة عشرات الأشجار من مزارع المنطقة.
وتعتبر منطقة الهجوم من مناطق تمركز “ولاية سيناء” منذ أشهر طويلة، خصوصاً منطقة المهدية والمقاطعة التي يتحرّك فيها التنظيم بسهولة في ظل غياب الجيش عن التحرك الميداني فيها واكتفائه بالقصف المدفعي طيلة الفترة الماضية، ويشار إلى أن الجيش المصري اكتفى خلال الأشهر الماضية بتمركزه على الطريق الدولي الرابط بين رفح والشيخ زويد، ومنع أي حركة للمدنيين فيه، بينما تمكن التنظيم من تحقيق السيطرة الميدانية في مناطق واسعة من غرب وجنوب رفح والشيخ زويد.