عندما تحدث الطالب المقدسي بشار محمد أبو لبدة (17 عاماً) من بلدة كفر عقب عن تجربة الدراسة في ساحات المسجد الأقصى ومحطة التفتيش والاستفزاز المذل من قبل أفراد شرطة الاحتلال الإسرائيلية، كان حديثه فيه نبرة التحدي والإصرار على البقاء داخل المسجد الأقصى، وألا يكون هناك أعذار تحول دون التواجد داخل ساحات المسجد الأقصى لكل مقدسي أو فلسطيني.
يقول الطالب محمد أبو لبدة الذي نجح في امتحان الإنجاز هذا العام: العام الدراسي لامتحان الإنجاز بدأ في شهر سبتمبر 2017؛ أي بعد معركة البوابات الإلكترونية بشهرين، وقررت أن تكون ساعات الدراسة في سنة الإنجاز داخل المسجد الأقصى ومعي مجموعة من الزملاء، وكنت عندما أنتهي من اليوم المدرسي أتوجه إلى المسجد الأقصى بدلاً من بيتنا ومعي كتبي وحقيبتي المدرسية التي كانت هدفاً لأفراد شرطة الاحتلال على أبواب المسجد الأقصى، وفي كل مرة يوقفنا جنود الاحتلال وتبدأ مرحلة الإهانة والاستفزاز.
وفي إحدى المرات سألني أحد أفراد الشرطة: لماذا تحضر حقيبتك إلى المسجد الأقصى؟ فكان جوابي: جئت للدراسة داخل المسجد، ورد بسخرية: وهل هذا المكان للدراسة؟ فقلت له: المسجد للدراسة والعبادة والمقاومة، عندها انتفض الجندي ورد بعنجهية وبجانبه مجموعة من الجنود: “بلاش فلسفة، الآن بأحملكم (أنقلكم) إلى مركز الشرطة، وهناك يتم عمل اللازم معكم”.
يضيف الطالب أبو لبدة: بالرغم من المضايقات والتفتيش والملاحقة لم أنقطع عن الدراسة اليومية في ساحات المسجد الأقصى، وكانت مواقع دراستي المفضلة على درج قبة الصخرة القريب من منطقة الكأس، وفي المكتبة، وداخل المسجد القبلي، وفي قبة الصخرة، وفي المكتبة الختنية أسفل المسجد القبلي، وينتهي يومي في المسجد الأقصى عندها أعود إلى المنزل؛ فيومي يبدأ من السابعة صباحاً متوجهاً إلى المدرسة، وبعدها إلى الأقصى، ثم العودة مساء إلى البيت؛ فمعظم أوقاتي داخل المسجد الأقصى؛ حيث زرعت معركة البوابات الإلكترونية فينا أن الأقصى يحتاج إلى المقدسيين في كل وقت، ولا عذر لأحد، فالكل مطالب أن يكون داخل المسجد لحمايته من المستوطنين، وكنا نشاهد الاقتحامات داخل المسجد الأقصى بعد انتهاء دوامنا المدرسي، خصوصاً في الامتحانات الوزارية والتجريبية؛ حيث كنا ننهي الدوام مبكراً، ووقت الاقتحام يستوقفنا الجنود، وتنهال علينا الأسئلة عن سبب قدومنا في هذا الوقت، ونحتجز حتى انتهاء الاقتحام، ويكون التفتيش برفع اليدين ورفع الأرجل وإلقاء الحقيبة على الأرض وإفراغ ما فيها بشكل استفزازي، وبعدها يطلب منا جمع الكتب والأغراض لإرجاعها إلى المكتبة.
وأشار الطالب أبو لبدة: النجاح في مثل هذه الظروف يعتبر إنجازاً حقيقياً لا يستهان به، فنحن في حرب يومية بالقدس، نتعرض للتفتيش والذل على الحواجز وأثناء توجهنا للمسجد الأقصى وإلى مدارسنا، والاعتقالات الليلية المرعبة والتهديد بعقوبات وتسجيل الأسماء على أبواب المسجد الأقصى بهدف الملاحقة الأمنية، ومع ذلك فالأقصى هو أولوياتنا نحن المقدسيين، وتعودنا أن يكون المسجد الأقصى الأول في كل شيء في حياتنا، وبعدها يكون ترتيب الأولويات، وسوف ألتحق في تخصص التمريض بالجامعة العبرية، وسيبقى الأقصى أمامي وقبلة حياتي حتى وأنا أدرس أستطيع مشاهدته من الجامعة.