أزمة حقوق الإنسان في مصر، ومساعي القاهرة في الأزمة الليبية، والأوضاع الاقتصادية (الفرنسية – المصرية)، ثلاث أهداف بارزة في جدول زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمصر.
أزمة حقوق الإنسان
كان لافتاً استقبال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي بمطار القاهرة، مساء أمس الأحد، رئيس فرنسا إيمانويل ماكرون، وغياب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي عن استقبال نظيره الفرنسي، رغم أنها الزيارة الرسمية الأولى له للبلاد، لكن من المقرر عقد قمة مشتركة بين الرئيسين، اليوم الإثنين، بعد مباحثات موسعة، بحسب وصف بيان رسمي من الحكومة المصرية، فضلاً عن توقيع عدد من الاتفاقيات، مع التطرق إلى انطلاق فعاليات عام مصر- فرنسا الذي سيشهد فعاليات ثقافية مشتركة بين الجانبين على مدار العام الجاري.
لم يهتم الرئيس الفرنسي ماكرون بمستوى الاستقبال فيما يبدو، وأطلق تصريحات حادة قبيل لقاء نظيره المصري، حيث أكد أن حقوق الإنسان في مصر ينظر إليها بشكل متزايد على أنها في وضع أسوأ مما كانت عليه في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، مضيفاً أنه لا يفهم كيف يمكن التظاهر بضمان الاستقرار على المدى الطويل في هذا البلد، الذي كان في لب انتفاضات “الربيع العربي” وتذوق طعم الحرية، بالاستمرار في التشديد بما يتجاوز المقبول أو المبرر لأسباب أمنية.
ورأى الرئيس الفرنسي أن هذا التشديد يضر مصر نفسها، موضحاً أنه لا يتحدث عن المعارضين السياسيين المسجونين، ولكن أيضاً عن المعارضين الذين هم جزء من المناخ الديمقراطي التقليدي ولا يشكلون خطراً على النظام.
الوضع الاقتصادي
وبحسب خبراء اقتصاديين، فإن الرئيس الفرنسي في زيارته مصر يحاول تحسين ميزانه التجاري السلعي المختل في محاولة لإنقاذ أوضاع بلاده المضطربة، ومواجهة التظاهرات التي طالبت برحيله.
وأوضح الخبير الاقتصادي البارز ممدوح الولي أن الناظر إلى أوضاع الاقتصاد الفرنسي يرصد عجزاً متواصلاً بالميزان التجاري السلعي، منذ عام 2003 وحتى العام الماضي بلا انقطاع، وهو عجز يتوقع استمراره في ضوء شح الموارد النفطية الفرنسية، إذ تنتج أقل من 1% من استهلاكها من النفط، كما تنتج أقل من نسبة واحد بالألف من استهلاكها من الغاز الطبيعي.
وأضاف في تحليل نشره على صفحته الرسمية على “فيسبوك ” أن القرارات التي اتخذها الرئيس ماكرون في الشهر الماضي ساهمت برفع الحد الأدنى للأجور وخفض الضرائب عن أصحاب المعاشات، وإلغاء الزيادة الأخيرة على ضرائب التأمين الاجتماعي لأرباب المعاشات الذين يتقاضون أقل من ألفي يورو، في تحميل الموازنة نفقات إضافية ستساهم في زيادة العجز.
وتوقع الولي أن كل تلك الظروف دفعت الرئيس الفرنسي إلى زيارة مصر إلى محاولة زيادة الصادرات الفرنسية إليها، التي اتجهت للانخفاض خلال عامي 2016 و2017، حسب البيانات المصرية، لتقل من ملياري و484 مليون دولار في عام 2015 إلى مليار و730 مليون دولار في عام 2016، ثم واصلت الانخفاض خلال عام 2017 إلى مليار و480 مليون دولار.
ورجح الولي أن ماكرون سيحاول استعادة صفقات السلاح الفرنسية التي بلغت قيمتها 6 مليارات يورو، عبر بيع طائرات “الرافال” الأربع والعشرين والفرطاقة والسفينتين الحربيتين، لتحريك صفقة شراء مصر لعدد 12 طائرة “رافال” أخرى معطلة منذ عامين، وهو ما دعمه بيان لقصر الإليزيه، فضلاً عن سعيه لجلب أعمال للشركات الفرنسية أسوة بما حصلت عليه ألمانيا بالأمر المباشر في مجال إنتاج الكهرباء بمصر، بعد دخول شركات دول أخرى في إكمال خطوط مترو الأنفاق التي بدأتها الشركات الفرنسية.
سيف الإسلام القذافي
ومن أبرز بنود الزيارة، وفق المراقبين، الحديث عن الأزمة الليبية خاصة في ظل دور مصر المحوري فيها، بالتزامن مع ترويج محسوبين على النظام المصري لضرورة اختيار سيف الإسلام القذافي رئيساً لليبيا في المرحلة المقبلة، رغم أنه مطلوب للمحاكمة الدولية.
وأصدر النائب المصري عبدالرحيم علي بياناً أبرزته الصحف والمواقع المصرية المقربة من النظام أكد فيه أن مباحثات السيسي – ماكرون ستتطرق إلى الملف الليبي، وتأكيد أهمية تضافر الجهود الدولية للتوصل إلى حلول سياسية في تطورات مهمة في هذه المرحلة تحدث في ليبيا وفق البيان.
وبالتزامن مع اهتمام الصحف المصرية الموالية بحملة سيف الإسلام القذافي، كشف اللواء سمير فرج، مدير الشؤون المعنوية بوزارة الدفاع المصرية الأسبق والمعروف بصلاته الأمنية البارزة، مؤخراً أن سيف الإسلام القذافي سيخوض انتخابات الرئاسية في ليبيا، وأنه يتجول حالياً بين القبائل الليبية لحشد شعبيته للتصويت له في الانتخابات المقبلة.