دقائق من الرعب عاشتها عائلة الفلسطيني الكفيف منذر مزهر(47 عاما)، ببلدة الدوحة غربي مدينة بيت لحم جنوبي الضفة الغربية، كانت كفيلة بقلب حياتها رأسا على عقب.
في الساعة الخامسة فجر يوم 20 فبراير الماضي، اقتحمت قوة عسكرية إسرائيلية منزل عائلة مزهر، ودون مقدمات انهالت بالضرب على رب الأسرة.
وإلى جانب فقدانه للبصر منذ نحو 15 عاما، يعاني مزهر عدة أمراض بينها الفشل الكلوي والسكري والقلب.
منذ ذلك الوقت وحياة العائلة انقلبت، لم نعد نشعر بالأمان”، تقول الزوجة إيمان مزهر لـ”الأناضول””.
تسترجع إيمان ذكريات تلك الليلة قائلة: عند الساعة الخامسة فجرا سمع زوجي أصواتا داخل المنزل، اعتقد أن الأبناء استيقظوا مبكرا، فطلب مني تفحصهم لعدم قدرته على الحركة دون مساعدة.
وتضيف وقد كسى الخوف ملامحها: ما إن تحركت عن السرير حتى اقتحم نحو 6 جنود غرفة نومي، صحت، فهجم أحدهم على زوجي وانهال عليه بالضرب وسط صراخي ومحاولتي إبعاده.
تقول: أخبرتهم أنه مريض ولا يبصر، دون جدوى، تعرض للكم مرات عديدة، وحتى أنه تعرض للخنق.
تتسارع أنفاس الزوجة وهي تستعيد التفاصيل المروعة: شعرت أن عينه اليسرى ستخرج من رأسه من شدة الخنق والضرب، حيث تورمت وازرق وجهه.
عاشت إيمان لحظات صعبة، وهي تشاهد زوجها المريض يتعرض للضرب المبرح، ولا تعرف مصير أولادها، بحسب قولها.
وفي لحظة توقعت الزوجة أنها ستفقد زوجها شهيدا، كما تقول.
“لص يضربني”
بدوره يقول منذر مزهر، بحسب “الأناضول”: إنه عاش لحظات عصيبة، لم يكن يعرف خلالها من الذي يعتدي عليه بالضرب.
صرخت على أبنائي ليساعدوني وأنا أقول لهم “لص يضربني”، يضيف مزهر”.
لنحو 4 دقائق كاملة تعرض الكفيف الفلسطيني للضرب بشكل جنوني دون سبب أو ذنبه اقترفه.
ولفت إلى أن أولاده الأربعة كانوا محتجزين في صالة المنزل، حيث تعرضوا للشبح (الوقوف مع رفع اليدين).
وبين أنه طلب من الجنود معرفة سبب الاقتحام للمنزل، والاعتداء عليه، إلا أنه لم يتلق أية إجابة.
وأصيب مزهر بكسور في أصابع اليد، وكسر بالفك السفلي، ورضوض بالوجه والكتف.
وأشار إلى أنه ما يزال متأثرا نفسيا بتلك الحادثة.
وقال: كنا نعيش بأمن في بيتنا، اليوم نعيش حالة من الرعب، إذا ما سمعنا أي صوت نعتقد أن شيئا ما سيحدث، لا يوجد شعور بالأمان نهائيا.
وأردف قائلا: أصعب شيء حدث معي، هو أنني شخص أعمى ولا أعرف من يضربني، أو أين سأتلقى الضربة القادمة.
وقدمت العائلة شكوى للشرطة العسكرية “الإسرائيلية”، وإفادات لعدد من المؤسسات الحقوقية.
إلا أنه وخلال توجه مزهر للشرطة “الإسرائيلية” للإبلاغ عما حدث، أخضعه ضباطا للتحقيق كما لو كان جانيا لا ضحية.
ويقول مزهر: إنه يطالب بحقوقه المادية والمعنوية.
ويحتاج الضحية علاجاً لفكه وزراعة أسنان بتكلفة تصل نحو 15 ألف دولار تقريبا، لا يملك منها شيئاً.
وصف مزهر تصرف الجيش “الإسرائيلي” بالهمجي، مؤكدا عزمه الحصول على حقوقه كاملة.
ويقول رب الأسرة: إن الجيش “الإسرائيلي” اعتقل شابا من ذات العمارة التي يسكنها، ولكنه لا يعرف سبب اقتحام شقته والاعتداء عليه بالضرب بصورة وحشية.
وبدى الرجل عاجزاً عن الحركة في منزله المتواضع، وأظهر كشوفا طبية بحالته المرضية.
وتتطلب حالته الصحية إجراء عملية “قسطرة” كل ثلاثة أشهر، إلى جانب إجراء عملية غسيل كلوي بشكل دوري.
ولمزهر أربعة أبناء، ولا يقدر على العمل منذ سنوات، فبخلاف كونه كفيفاً، يعاني من عدم توازن في الحركة، ويحتاج للمساعدة للتنقل من مكان لآخر.