باق من الزمن أيام قليلة ويحل شهر رمضان المعظم، وسط حالة من الارتباك بين مسلمي العالم بسبب الحظر المفروض على قرابة ثلث سكان العالم ووقف صلاة الجمعة وصلاة الجماعة، وغلق المساجد ومنع التجمعات، ما يعني أنه قد يكون أول شهر رمضان يمر على المسلمين بلا صلاة تراويح أو موائد رحمن أو اعتكاف أو عمرة رمضان.
إذ يعتبر شهر رمضان أحد أكثر الأشهر التي ينتظرها المسلمون بشوق من أجل إحياء شعائره وإضفاء أجواء روحية يمتاز بها رمضان عن غيره من شهور السنة خصوصاً عبر إحياء صلاة التراويح في المساجد والاعتكاف، وإحياء نهاره بالصيام والاحتفال بإطعام أسر وفقراء وعابري السبيل، وقيام ليله.
ويزيد من ألم المسلمين في رمضان أن غلق المساجد أبوابها في وجه المصلين بأوامر حكومية في جل البلدان الإسلامية، مس أيضا أول الحرمين المسجد الحرام وحتى المسجد النبوي وثالث الحرمين وهو المسجد الأقصى، لتختفي لأول مرة عمرة رمضان التي تشهد ازدحاماً شديداً فيهما، واختفاء صلاة التراويح في مكة أيضاً.
حيث فرضت كافة الحكومات العربية والإسلامية حظراً للتجوال أو حجراً منزلياً وتطبيق التباعد الاجتماعي وغلقاً لأغلب الأماكن التي تشهد تجمعات كبيرة؛ مثل الأسواق والمراكز التجارية وحتى المساجد، وبسبب استمرار توغل الفيروس وسقوط الضحايا، لا يبدو أن أمد هذه الإجراءات سيكون قصيراً، وقد نشهد حلول شهر “رمضان استثنائي” في ظل هذه القيود المعطيات وغياب كامل لكافة الطقوس الدينية والاجتماعية التي يشهدها الشهر الكريم.
بل أن عادة تلاقي وتجمع الأسر والعائلات في هذا الشهر الكريم حول مائدة الإفطار، والصلاة الجماعية، سيُحرم منها كثير من المسلمين هذا الشهر بعدما كانت هذه التجمعات العائلية وغيرها تعبيراً عن تضامن المسلمين فيما بينهم.
ويزيد من أزمة شهر الصيام، اقتصادياً، أنه شهر يتميز بأنه أحد أكثر الأشهر التي يزداد فيها إنفاق الأسر على الأطعمة والمنتجات، وترددهم على الأسواق الشعبية والمحلات، كما أنه فرصة للآخرين من التجار والباعة لمصدر دخل مغرٍ خلال 30 يوماً، وكلها أمور معرضة بدورها لعدم التحقق.
فقد أدى انتشار فيروس كورونا لغلق الأسواق وأثر بالسلب على عشرات الموظفين والعاملين في العالم الإسلامي والعالم ككل، وأدى لإفقارهم اقتصادياً بعدما أصبح عمال اليومية مهددين بعدم القدرة على الإنفاق على أسرهم خصوصاً في شهر رمضان، فضلاً عن شراء منتجات رمضان الشهيرة.
وتشهد العديد من المتاجر في مصر والعالم الإسلامي تزاحماً على السلع الأساسية وتجاهل السلع الرمضانية الشهيرة مثل المكسرات ولفائف قمر الدين وغيرها بسبب الأحوال الاقتصادية وحالة الحزن لانتشار الوباء الذي كسر فرحة المسلمين بالشهر الكريم.
ويقول عدد من معدي موائد الرحمن السنوية في مصر: إنهم يتوقعون أن تتأثر موائد الرحمن بشدة هذا العام بسبب منع التجمعات، ومن ثم منع هذه الموائد المتوقع والتحول اللي توزيع الطعام أو أكياس سلع وأغذية للأسر المحتاجة، مشيرين لحالة ارتباك وترقب وانتظار لتطورات فيروس كورونا حتى يحددوا ماذا يفعلون.
وسينعكس هذا بلا شك على المطبخ العربي الذي يشتهر بتنوع الأكلات وموائد الإفطار في رمضان بسبب جائحة كورونا، إذ يتوقع في ظل الأوضاع الاقتصادية السيئة لغالبية الأسر أن يختفي تنوع أطباق رمضان واختلاف أذواقه، وأن تتقلص الموائد بصورة كبيرة بسبب غلق الأسواق وتناقص السلع وتدهور الأحوال الاقتصادية للعاملين في هذا الشهر، والذين قد يلجأ بعضهم إلى موائد الإفطار أو موائد الرحمن حال توفرها.
رمضان بلا مسلسلات
اشتهر شهر رمضان لدى العديد من المصريين والعرب بأنه أيضاً شهر المسلسلات الرمضانية الشهيرة التي تتزاحم على الشاشة الصغيرة، بيد أن إنتاج هذه المسلسلات تأثر بدوره هذا العام؛ حيث لا يزال أغلب الأعمال التلفزيونية والإنتاجات الفنية من برامج ومسلسلات رمضانية متعطلاً بسبب كورونا.
وقد كشف أشرف زكي، نقيب المهن التمثيلية في مصر، عن توقف تصوير عدد من المسلسلات المصرية الرمضانية، في إطار الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا.
وقال: إن 80% من إجمالي عدد المسلسلات المقرر عرضها في رمضان توقف تصويرها في الوقت الحالي، للحفاظ على سلامة الممثلين وكل العاملين فيها.
وأشار إلى أنه خاطب جهات إنتاج المسلسلات التي يستمر تصويرها بضرورة اتباع توصيات النقابة التي أعلنتها في وقت سابق، التي تطالب بتعقيم أماكن التصوير، وعدم تصوير مشاهد بمجاميع خلال الفترة الحالية، وتجنب السفر إلي الأماكن البعيدة لعدم تفشي الفيروس.
العالم يلجأ للدين
وبينما يتوغل الفيروس في العديد من الدول ويؤدي لقتل العشرات يومياً، تتجه دول العالم الأخرى للدين بحثاً عن حل سماوي للقضاء على الفيروس.
فقد حلق القساوسة في إيطاليا بالمروحيات لرقية المدن الإيطالية من الأعلى لطرد كورونا، في مشهد قل تكراره من قبل.
https://twitter.com/alparood2020/status/1243455800527519744
واقترح البابا فرنسيس الأول بابا الفاتيكان على جميع المسيحين أن يوحدوا أصواتهم نحو السماء يوم 25 مارس الجاري ويوم الجمعة 27 مارس “لرفع الصلاة والدعاء”.
أيضاً لم يتخلَّ رئيس أقوى دولة في العالم عن الدين وصلت أمريكا كلها بقرار رسمي من البيت الأبيض للقضاء على كورونا، بعدما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب تخصيص يوم 15 مارس من كل عام “يوماً وطنياً للصلاة” في الولايات المتحدة الأمريكية من أجل رفع بلاء “كورونا” الذي قتل وأصاب الآلاف من البشر حول العالم.
أيضاً اعتصم حاخامات اليهود ورجال الحسبة اليهود الحريديم الأشداء في صلوت مستمرة في القدس والمستعمرات متحدين قرار الحكومة الصهيونية الذي يفرض حجراً صحياً ويمنع التجوال رافعين شعار اللجوء إلى الله لرفع البلاء.
أيضاً توحد المسيحيون والكنائس (الكاثوليكية والأرثوذكسية) في مصر ودول أخرى في أنحاء العالم للصلاة لله لرفع وباء فيروس كورونا المستجد (COVID -19).
ودعا البابا تواضروس بمصر كل المسيحيين كلًّا في موضعه، إلى الصلاة بالاشتراك مع كل كنائس العالم “لأجل تدخل الله وحفظ بلادنا وكل العالم من أخطار وباء كورونا المستجد”، وتضمنت دعوة قداسة البابا أن يصلي الجميع في كل مكان، كل في بيته أو عمله طلباً للرحمة.
كما شهدت مواقع التواصل الاجتماعي دعوات لتنظيم صلاة جماعية، يشارك فيها المسلمين في كل أنحاء المعمورة والدعاء إلى الله للتخلص من وباء كورونا.
وبحسب الدعوات، الصلاة ركعتين لله عز وجل، للدعاء أن يرفع الله سبحانه وباء كورونا عن الأرض ويرحمنا برحمته.