بعد كورونا وانقشاع الغمة بإذن الواحد الاحد سبحانه وتعالى؛ نحتاج الى بناء الثقة في الوطن.
بعد معايشتنا كورونا اتضحت لنا الأمور بشكلها الدقيق سلباً وإيجاباً، ولاحظنا ملاحظات جديرة بالتركيز عليها والاهتمام فيها.
حقيقة لاحظنا تركيز الشباب على السلبيات أكثر منهم من التركيز على الإيجابيات؛ بل لم أكن مبالغاً لو قلت إن البعض ينقب تنقيباً ما بين الأفعال الإيجابية ليصطاد فيها سلبية أو موقع هو غير مقتنع به؛ ليكوّن منه سلبية عامة على الموضوع أو العمل المعني فيعممها على الحكومة والمجتمع، ومن ثم نشر الفزع والخوف وتعزيز اهتزاز الثقة بين المواطن والحكومة استباقاً قبل حصول نتائج المشروع المعني! وهذا إن دل على شيء أيها القارئ الكريم؛ فإنما يدل على أن المسيرة الحكومية ما قبل كورونا عموماً كانت مسيرتها غير سليمة في تصوري، ومن ثم اهتزاز الثقة بهذا الشكل الذي نراه ونعايشه، ودليل على أن المسيرة ما قبل كورونا كانت الحكومة خاطئة في تصرفاتها وخططها واستراتيجياتها أيضاً.. نعم في استراتيجيتها التعليمية والتربوية، والاقتصادية والثقافية، وهذا الخطأ المتغلغل كوّن لنا إنساناً لا يستطيع أن يتعامل مع الانجاز الحكومي بإيجابية وإن كانت تغلب على هذا العمل أو ذاك الإيجابية! ولا يستطيع أن يثق؛ أن هذا الانجاز الحكومي قام من أجل الوطن والمواطن عموماً ومطلقاً ولوجه الله!
لا شك عدم الثقة في الوطن نعني بها التكامل ” الحكومة والرقابة والمواطن ” وبالأخص الحكومة وتشعباتها التخصصية إذا جاز التعبير، ومن أهمها ” مناهج التعليم، إدارات وقطاعات الأمن، والجامعات، والاستراتيجيات الطبية والعلاج، والبلدية وما أدراك ما البلدية ” ونعني قطاعات الحكومة عموماً.
المرحلة القادمة تتطلب من الجميع التعاون وتضافر العمل والجهد وأيضاً.. وغض الطرف أحياناً؛ بل ولعله يكون في بعض الأحيان – غض الطرف – كثير؛ خصوصاً عن أشياء مضت وانتهى فعلها وتفاعلها، ولا يمنع ما دمنا نسعى من أجل بناء الثقة.
أيضاً.. المرحلة القادمة حقيقة؛ تحتاج منا إلى انشاء مواثيق واتفاقيات عديدة بين مؤسسات الرقابة والنقابات والحكومة لتكثيف الرقابة بشكل أسرع وأدق وأكثر مصداقية لتعزيز الرقابة الشعبية الراقية؛ بل لابد من إنشاء لجان ومؤسسات ومجموعات شعبية إذا صحت العبارة من أجل توجيه المسار ومن ثم ترسيخ الثقة ما بين الشعب والحكومة، ولابد؛ لابد؛ لابد من تأصيل مفاهيم راقية وصريحة تبين وتعزز الحياة النيابية وضرورتها، وكيفية اختيار العضو للمجلس شرعاً، ووطنياً، ودستوراً وأخلاقاً.
نعم أيها المواطن، فباختيارك الدقيق والطيب تكون الثقة، فانت باختيارك تصنع الثقة، وأنت من تصنع انعدامها، وأنت تصنع بحسن اختيارك حكومة تحسب حسبة مواطن يجيد الاختيار للرقابة الشعبية، وأنت باختيارك تعمل عكس ذلك، ولا تلومن إلا نفسك، فهذه قضية مهمة، ويجب أن نركز عليها ثقافياً وتعليمياً، وتشهيريا إذا جاز التعبير.. فأي عضو يفرط فيها يجب بيان قصوره إلى الناس من خلال هذه النقابات واللجان الرقابية الشعبية، والمجالس (الدواوين) وأن هذا العضو أحد الأسباب المحورية التي ساهمت في انحدار الثقة في الأوطان، وأنه سبب محوري في احتقار الحكومة للمواطن! وأنه هو وأمثاله يهدم الأوطان، ومثل هؤلاء حقيقة هم في تصوري الشخصي هم تحت عنوان “الخيانة للأمانة” كما أرى وأشاهد وأعايش!
وكما يقول أهل الحكمة السياسية “إن من يدافع عن حقه بقوة يصغى له العالم أجمع ويحترمه والعكس صحيح”.
نعم.. ولا يدافع عن حقك وحق الأوطان من تختاره بمقياس عائلي أو قبلي أو طائفي، وإن كنت لا أرى بأس أن تختار على هذا الأساس؛ ولكن يجب أن تختاره محترماً يشرف العائلة أو القبيلة أو الطائفة، وأن يلتزم بما يرضي الله تعالى وبما يرضي أهل المروءة والرجولة والأخلاق.. والشيء بالشيء يذكر كما يقولون؛ فاذكر مقولة لوالدي يرحمه الله تعالى دائماً كان يذكرها لنا وأختم بها وأوجهها إلى العضو المنتخب وإلى الناخب المواطن، وإلى كل عضو في الحكومة؛ يقول يرحمه الله تعالى: ” إذا ما تخاف الله فلا تجعل الناس تقول؛ أبواه لم يربياه، وإن لم تردعك هذه فلا تجعل الناس تقول في بني وائل رجل دون المستوى، وإذا لم تردعك هذه فلتردعك المروءة والرجولة، وان لم تردعك الرجولة والمروءة لا تأتي إلى البيت! ابحث لك عن حاويةٍ صفراء أو خضراء وأرقد فيها!! “
ــــــــــــــــــ
(*) إعلامي كويتي.