جاء تهديد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بأنها تعتبر قرار الاحتلال ضم أجزاء من الضفة الغربية والأغوار بمثابة “إعلان حرب” على الشعب الفلسطيني، وتهديدها بالتصعيد، ورد وزير دفاع الاحتلال بالتهديد بإجراءات عسكرية ضد غزة، ليعيد السؤال مرة أخرى عن حرب رابعة بين المقاومة والاحتلال.
وقال الناطق بلسان “كتائب القسام” أبو عبيدة عبر كلمة متلفزة: إن المقاومة ستكون الحارس الأمين للشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته، وستجعل الاحتلال يعض أصابع الندم على هذا القرار الآثم، وشدّد على أن خيارات المقاومة عديدة لفرض إرادتها في هذا الملف حتى تكون الأثمان التي سيدفعها الاحتلال غير مسبوقة في تاريخ الصراع معه.
وتنام غزة وتستيقظ على تهديدات الاحتلال بحرب رابعة لا تبقي ولا تذر، لقطاع يعاني من كارثة إنسانية، إذ لا يهدد الاحتلال فقط، بل يستغل كل فرصة للعدوان على قطاع غزة، والحجج كثيرة، معسكر لـ”حماس”، أو نفق للجهاد، أو صواريخ وجهت لغلاف غزة تاهت في الصحراء.
ويرى مراقبون أن دولة الاحتلال تستغل عدوانها على غزة عادة لتمرير قضية معينة، وهذه الأيام تعمل على تنفيذ خطة ضم الضفة والغور الفلسطيني، رغم أنه ليس من مصلحة الكيان الصهيوني إعادة احتلال غزة من جديد بعد أن ذاق الأمرين فيها؛ ما دفع قادته يوماً إلى التمني بأن تغرق في البحر، ليتخلصوا منها.
تهديد صهيوني
وهدد وزير الدفاع الصهيوني ورئيس الحكومة البديل بني غانتس (رئيس أزرق أبيض) أن حركة “حماس” في قطاع غزة ستدفع ثمناً باهظاً في حال قيامها بأي عمليات عسكرية ضد الاحتلال، في أعقاب تهديد “حماس” بالرد حال ضمت تل بيب أي أجزاء من الضفة لدولة الاحتلال.
وجاءت أقوال غانتس هذه في سياق تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام الخميس الماضي، رداً على تهديد “حماس” برد عنيف على خطوة تطبيق “السيادة الإسرائيلية” على مناطق من الضفة الغربية.
وأضاف غانتس: أقترح أن يتذكر قادة “حماس” أنهم أول من سيدفع ثمن عدوانهم، فالجيش الإسرائيلي هو أقوى جيش في المنطقة، وسيكون ثمن أي محاولة لإلحاق الأذى بالإسرائيليين مؤلماً وباهظاً.
تثبيت الردع
وتحرص حركة “حماس” على تثبت الردع مع الاحتلال لمنع عمليات الاغتيالات أو قصف غزة، عبر تدفيع الاحتلال خسائر كبيرة تجبره على عدم الإقدام على العربدة التي اعتاد عليها في غزة.
وعقب المواجهات الأخيرة في نوفمبر 2018، ثم أوائل 2019، نجحت “حماس” والمقاومة في فرص معادلة “صاروخ مقابل صاروخ”، بل أن “المُعادلة الجديدة لرِجال المُقاومة كَرسَت مفهومًا جَديدًا في الحرب، وهو ليس فقط “الضرب مقابل الضرب”، وإنما “المنزل مقابل المنزل”، بحسب اللواء احتياط الصهيوني “رونين إيتسيك” في مقال كتبه بصحيفة “يسرائيل هيوم” 14 نوفمبر 2018.
فأول مرة تهدم دقة صواريخ المقاومة منازل “إسرائيلية” بالكامل رداً على هدم الصهاينة المنازل في غزة، ناهيك عن رهن المقاومة المنطقة المحيطة بغزة ومُستوطنيه رهينَة لصواريخ المُقاومة التي باتَت أكثَر دِقَّة وأكثَر مفعولًا.
وفي آخر المواجهات الصاروخية أوائل عام 2019 سقط أكثر من 700 صاروخ ومقذوفات أخرى من غزة على مستوطنات الاحتلال، اعترض نظام القبة الحديدية منها حوالي 300 فقط، أطلقت على مدن وقرى بجنوب الأراضي المحتلة في 3 أيام، ما اضطر الاحتلال لقبول شروط المقاومة في غزة لوقف القتال بعدما أعلنت أنها ترفض معادلة تهدئة مقابل تهدئة.
وقد أكد الإعلام العبري أن أكثر من 160 صاروخاً أطلقوا من قطاع غزة، منذ صباح الثلاثاء فقط باتجاه مستوطنات وبلدات الاحتلال وحتى الظهر؛ ما يؤكد إصرار المقاومة على الانتقام وإظهار قدرتها على الردع لمنع العدو مستقلاً من القيام بأي مغامرات عسكرية أخرى.
مصير صفقة تبادل الأسرى
هذا التصعيد الكلامي الذي أعقبه إطلاق صاروخين من غزة على مستوطنات الاحتلال، ورد الصهاينة بقف غزة، جاء في وقت تسعى فيه “حماس” للضغط على الاحتلال لتنفيذ صفقة لتبادل الأسرى مقابل جنود صهاينة أسرتهم “حماس”.
إذ قال أبو عبيدة: إن إنجاز صفقة تبادل جديدة للأسرى مع الاحتلال يقف في رأس سلم أولويات المقاومة، مؤكداً أن الصفقة لن تمر من دون أن يتصدرها القادة الكبار والأسرى.
وخلال اجتماع المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الداخل والخارج برئاسة إسماعيل هنية نهاية الأسبوع الماضي، لبحث العديد من القضايا المهمة، وخاصة المشاريع الجارية لتصفية القضية الفلسطينية، وعلى رأسها جريمة القرن ومخططات الضم الاستعماري، أثيرت قضايا القدس والضم الأسري.
فقد توقفت قيادة الحركة، بحسب بيان صادر عنها وصل “المجتمع”، مليًا عند الخطر المحدق بالقدس والأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية، ومحاولات الاحتلال تهويد المدينة المقدسة وتفريغها من سكانها، والوصول إلى التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى المبارك، كما استحضرت الجهود المطلوبة لدعم صمود شعبنا وحماية حقوقنا ومقدساتنا.
فقد خلصت قيادة الحركة إلى موقف واضح أن أي خطوة يقوم بها الاحتلال الصهيوني باتجاه سرقة أرضنا تحت مسمى الضم أو جريمة القرن أو أي مسمى آخر تشكل عدوانًا جديدًا على شعبنا، وعلامة فارقة في الصراع مع الاحتلال، وستبذل الحركة كل الجهود والوسائل المتاحة لمواجهتها، والعمل على إجهاضها بالوسائل والأدوات وفي الساحات كافة في إطار المقاومة الشاملة.
وفي ضوء نقاشات ومداولات المكتب السياسي، خلصت قيادة حركة “حماس” إلى:
– نحذر من المخاطر المترتبة على جريمة الضم التي تنوي قيادة الاحتلال الصهيوني القيام بها، ونجدد رفضنا القاطع لما يسمى بـ”صفقة القرن” بشكل عام، ومخططات الضم وسرقة الأراضي بشكل خاص، حيث نعتبر هذه الخطوة عدوانًا جديدًا صارخًا على شعبنا، وهو أحد فصول الصفقة الجريمة التي تدعمها وتساندها إدارة ترمب العنصرية.
– إننا نعتبر الموقف الفلسطيني الرافض للصفقة ومخططات الضم وسرقة الأراضي هو حجر الزاوية والمرتكز الأساسي لمواجهة هذه الجريمة، ومن هنا فإننا ندعو إلى تحقيق وحدة الموقف الفلسطيني على طريق تعزيز الوحدة الداخلية، والتوافق على خطة وطنية شاملة لمواجهة ومقاومة الاحتلال، وإفشال مشاريعه الخطيرة كمنطلق أساس في إنهاء وإزالة الاحتلال واستعادة حقوقنا الوطنية.
– نثمن كل الجهود الوطنية من مختلف الجهات والفعاليات والقوى، وندعو جماهير شعبنا الفلسطيني إلى الانخراط في أوسع مقاومة ومواجهة شاملة مع الاحتلال، وبذل كل الإمكانات الشعبية والميدانية والسياسية والقانونية والإعلامية والكفاحية، وتعزيز وتكثيف الرباط وشد الرحال إلى القدس والمسجد الأقصى لإجهاض مخططات العدو
– نمد أيادينا للجميع وخاصة لإخواننا من حركة “فتح” وكل الفصائل الفلسطينية من أجل العمل الوطني المشترك، فاللحظة الراهنة يجب ألّا تدع مجالًا للخلافات السياسية، بل تفتح بوابات الوحدة على مصراعيها للاستيعاب الكامل لجهود الجميع وإطلاق المواجهة الشاملة في كل الساحات، كما ندعو إلى عدم المراهنة أو الانتظار لأي متغيرات قد تحدث هنا أو هناك لإحياء مشروع التفاوض.
ندعو إلى عقد اجتماع قيادي وطني مقرر للتوافق على إستراتيجية وطنية شاملة لمواجهة مخططات الاحتلال ومقاومتها، وتحقيق الوحدة الوطنية، ونحذر من الإقدام على أي تنازلات جديدة، أو التراجع عن الموقف الوطني الموحد تجاه أي رؤى أو تسويات تغري الاحتلال بمزيد من القضم لأرضنا والتنكر لحقوقنا الوطنية.