تشهد مصر ارتفاعاً كبيراً في أعداد الإصابات والوفيات جراء فيروس كورونا على المستوى الرسمي، وعلى مستوى الأرقام التي يتحدث عنها المراقبون والأطباء من مستشفيات العزل، بعدما تخطت أرقام الإصابات حاجز الألف وتقترب من 1500، فيما زادت الوفيات بصورة كبيرة وتقترب من الـ50 وفاة يومياً.
وقفز المعدل اليومي للإصابات بفيروس كورونا في مصر 249.5% خلال 29 يومًا فقط من بدء الموجة الثانية، بينما بلغ معدل الوفيات اليومي حتى أواخر ديسمبر 2020 قرابة 3.5 ضعف وفيات اليوم الأول في الموجة الثانية.
ورفع المركز الأمريكي لمكافحة الأمراض (cdc)، تصنيف مصر من حيث الوضع الوبائي لانتشار فيروس كورونا للمستوى الرابع «الأعلى خطورة».
ويقول د. محمد النادي، عضو اللجنة الحكومية لمكافحة كورونا، في تصريح صحفي: إن الأعداد الحقيقية للإصابات بكورونا في مصر قد تكون عشرة أضعاف الرقم الرسمي المعلن، الذي يحصي فقط من يتوجهون للعلاج أو الفحص داخل المنظومة الطبية الحكومية، فيما لا تُسجل الحالات التي تجري التحاليل وتتلقى العلاج في المستشفيات الخاصة.
أيضاً أكد ريتشارد برينان، مدير الطوارئ الصحية بالمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، أن عدد الإصابات بكورونا التي تسجلها الصحة المصرية لا يعكس العدد الحقيقي للإصابات في البلاد.
وبينما تظهر إحصاءات وزارة الصحة أن عدد الوفيات المؤكدة بالفيروس بلغ نحو 7300 حالة، يعتقد البعض أن الأرقام الحقيقية ربما تكون أكبر بكثير من تلك المعلنة، وهو ما أكدته الحكومة بأن الوفيات المسجلة تقتصر على من تأكدت إصابته قبل وفاته عبر فحص “PCR” في معامل ومستشفيات حكومية فقط.
زيادة الوفيات
وكتب العديد من الأطباء تحذيرات في حساباتهم عبر مواقع التواصل من زيادة أعداد الإصابات والضحايا بصورة كبيرة، فيما نشر آخرون صوراً لعشرات الجنازات من أمام المساجد، منها 22 جنازة في مسجد خلال يوم واحد بمدينة السويس، مؤكدين أن تزايد الوفيات مؤشر على أنها وفيات بفيروس كورونا، التي أعلنت مصر وفاة أكثر من 73 ألف مصري بسببها حتى الآن.
وكتب الطبيب محمد حسن، على صفحته عبر “فيسبوك”: “أكتب لكم حالياً من داخل مبنى عزل جامعة المنصورة: الأيام القادمة مظلمة جداً.. مفيش أماكن في العزل لأي حالات جديدة، والحالات متراكمة بالمئات في الطوارئ وبالآلاف في البيوت.. وريحة الموت في كل مكان.. حافظوا على الناس اللي بتحبوهم”.
وخلال أيام قليلة، أعلنت محكمة النقض وفاة رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات المستشار لاشين إبراهيم، جراء إصابته بالفيروس، كما أعلن نادي الزمالك وفاة رئيسه المؤقت المستشار أحمد البكري، متأثراً بإصابته بفيروس كورونا، وتوفي عضوان بمجلس النواب، كما أعلن ممثلون مثل يسرا، وأحمد كرارة، والمخرجة إيناس الدغيدي إصابتهم، وأصيب الإعلاميان وائل الإبراشي، وإبراهيم عيسى، وغيرهما من المشاهير.
وقالت “بي بي سي”: إن نحو 60 ألف حالة وفاة إضافية سجلها معدل الوفيات العامة في مصر أثناء ذروة انتشار فيروس كورونا خلال أشهر مايو، ويونيو، ويوليو الماضية، وهو معدل يتجاوز بكثير متوسط الوفيات في الأشهر نفسها، خلال السنوات الخمس الماضية؛ ما يؤكد تزايد الوفيات بسبب كورونا، بحسب الإحصاءات الرسمية التي أعلنها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
ووفق إحصاءات نقابة الأطباء، هناك أكثر من 248 حالة وفاة بين الأطباء بسبب كورونا، لكن النقابة تشكو عدم الاعتراف بوفاة 200 آخرين من أعضائها بالفيروس، لأنهم لم يتمكنوا من إجراء فحص “PCR”.
ولا تأخذ إحصاءات وزارة الصحة المصرية في الاعتبار نتائج الفحص نفسه إذا أجري في معامل المستشفيات الجامعية أو المعامل الخاصة، التي يبلغ عددها أكثر من 10 آلاف معمل على مستوى الجمهورية.
وبسبب ارتفاع تكلفة فحص “PCR”، وضعت الوزارة قيوداً على استخدامه في مستشفياتها، واقتصر إجراؤه على بعض من تظهر عليهم أعراض متوسطة أو شديدة، كما اعتمدت على تحاليل أخرى مثل تحاليل الدم والأشعة المقطعية على الصدر، لتشخيص المرض وصرف الأدوية للمشتبه في إصابتهم بـ”كوفيد-19”.
وأدى ذلك لارتفاع نسب الوفاة بين مصابي كورونا، مقارنة بالمعدل العالمي، لذا تكررت مطالبات الصحة العالمية بزيادة الفحوص، التي ربما تؤدي إلى زيادة عدد الإصابات المسجلة أيضاً.
وانعكست زيادة حالات الإصابات والوفيات على تعليقات مذيعي “التوك شو” في مصر رغم التعليمات الرسمية بعدم التهويل من المرض، وبدأ إعلاميون مصريون، خاصة من أصيبوا بالفيروس، في الحديث بصراحة عن مدى انتشار الوباء في مصر.
وقال المذيع عمرو أديب: إنه لا علاقة بين مدى الانتشار وبيانات الصحة الرسمية، فيما أكد زميله رامي رضوان الذي عاد لجمهوره بعد التعافي من الإصابة بكورونا، مدى انتشار الفيروس، وأن الواقع يختلف عن البيانات الرسمية، مؤكداً أن صفحات التواصل الاجتماعي تنقل بوضوح مدى استفحال الوباء، بحيث لم تعد العناوين التي نقرؤها للمصريين الآن تخرج عن إما الدعاء بالشفاء والسلامة أو الترحم على الموتى، بحسب قوله.