أحيا الفلسطينيون اليوم الثامن والعشرين من سبتمبر أيلول الذكرى الحادية والعشرين لاندلاع “انتفاضة الأقصى”، وذلك عقب اقتحام المجرم أرئيل شارون رئيس الوزراء الصهيوني السابق باحات الأقصى في مثل هذا اليوم، في عملية استفزازية ليس فقط لمشاعر الفلسطينيين بل والعالمين العربي والإسلامي، وسقط حينها العشرات من الشهداء والجرحى دفاعاً عن الأقصى وطردوا شارون وزمرته من باحاته بالأحذية، وقد مثلت انتفاضة الأقصى محطة هامة في تاريخ الشعب الفلسطيني، وأنهت حقبة من التسويف والمماطلة فيما يتعلق بقطار المفاوضات التي تعطلت في كامب ديفيد وتنكر حينها الاحتلال لكل الاتفاقيات.
ذكرى انتفاضة الأقصى تترافق هذا العام مع تصاعد اعتداءات الاحتلال من اغتيالات واعتقالات وتكثيف للاستيطان والتهويد وهدم المئات من المنازل وتهجير الفلسطينيين من أرضهم التي يواصلون صمودهم وثباتهم ومقاومتهم للاحتلال لإفشال مخططاته الاستعمارية خاصة وأن الاحتلال قد أعلن عن مناطق شاسعة من الضفة المحتلة مناطق عسكرية مغلقة.
الشرارة مشتعلة
واحد وعشرون عاماً مرت وشرارة انتفاضة الأقصى مشتعلة، والتي واستخدم فيها الاحتلال الصهيوني لقمعها كل أنواع الأسلحة من طائرات ومدفعية ودبابات وبوارج حربية، وارتكبت المجازر البشعة، مما أسفر عن استشهاد نحو 4500 فلسطيني وجرح أكثر من خمسين ألفاً، الكثير منهم أصيبوا بإعاقات دائمة نتيجة استخدام الاحتلال لأسلحة محرمة دولياً بالإضافة لتدمير آلاف المقرات والمنشآت والمنازل الفلسطينية وخسائر اقتصادية في مجالات الصناعة والزراعة والتجارة تجاوز 30 مليار دولار نتيجة التدمير المتعمد من قبل الاحتلال لكل روافد الاقتصاد الفلسطيني.
من جانبه قال رئيس جمعية الأسرى والمحررين ” حسام” موفق حميد لـ “المجتمع” إن الاحتلال الصهيوني اعتقل خلال انتفاضة الأقصى في قطاع غزة والضفة وفلسطين المحتلة عام 1948م والتي امتدت إليها شرارة الانتفاضة قرابة 126 ألف فلسطيني من بينهم ما يزيد عن 18500طفل تعرضوا لعمليات تعذيب شديدة في محاولة من الاحتلال لوقف الانتفاضة التي زادت اشتعالاً وسقط 13 شهيداً داخل فلسطين المحتلة عام 1948م، وقد التحمت جماهير الداخل مع الجماهير الفلسطينية في القطاع والضفة وارتوت الأرض بدماء الشهداء دفاعاً عن الأقصى.
استيطان مكثف جدار عنصري
من جانبه قال منسق اللجان الشعبية لمقاومة الاستيطان والجدار صلاح الخواجا لـ “المجتمع” إن الاحتلال ضمن خطة ممنهجة وخلال ما يسمى بعملية “السور الواقي” شرع بإقامة جدار الفصل العنصري الذي يتلوى كالأفعى في عمق الأراضي الفلسطينية بطول يزيد عن 728 كيلو متر والتهم ما يزيد عن 23 في المئة من مساحة الضفة المحتلة بجانب نحو 500 مستوطنة وبؤرة استيطانية شرع الاحتلال في توسيعها في عمق الأراضي الفلسطينية، لافتاً أن الاحتلال يسعى للاستيلاء على 62 % من مساحة الضفة المحتلة.
مسيرة كفاح مستمرة
من جانبها أكدت الفصائل الفلسطينية في بيانات منفصلة لها بمناسبة ذكرى اندلاع انتفاضة الأقصى أن هذه الانتفاضة المباركة التي جاءت دفاعاً عن القدس هي جزء من مسيرة مقاومة وصمود ونضال الشعب الفلسطيني، والتي يراكمون نضالهم بطرق مختلفة وأشكال مبدعة حيث أنه لا انتفاضة ولا هبة جماهيرية كانت تشبه التي قبلها بل تراكم عليها، حيث كانت الانتفاضة الأولى يطلق عليها “انتفاضة الحجارة”، وانتفاضة الأقصى استخدم الشعب الفلسطيني كل الأدوات من أجل التصدي لإجراءات الاحتلال القمعية بحق الأقصى.
ودعت الفصائل الفلسطينية كل قوى الشعب الفلسطينية في الضفة المحتلة والقدس وقطاع غزة، للمشاركة في جمعة وانتفاضة الغضب يوم الجمعة المقبلة، وحرق الأرض تحت أقدام الصهاينة في ظل مواصلته لسياسة القتل والإرهاب والعدوان على المقدسات واستباحة كل القوانين والأعراف الدولية.
ويشار أن انتفاضة الأقصى شهدت العديد من المحطات والمشاهد الحية التي هزت ضمائر العالم من أهمها مشهد قتل الطفل “محمد الدرة” وهو في حضن والده دون اكتراث من الاحتلال لطفولته، مما أشعل حالة غضب في كل أنحاء العالم ترجمت بمسيرات حاشدة جابت العديد من العواصم العربية والإسلامية والعالمية تنديداً بهذه الجريمة، وقد شهدت كذلك تلك الفترة جمع التبرعات عبر موجات مفتوحة من الفضائيات العربية والإسلامية لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني وتوفير العلاج والدواء لجرحى انتفاضة الأقصى التي لازالت فصولها مستمرة حتى يومنا هذا.. ولن تتوقف المقاومة حتى التحرير ودحر هذا المحتل الغاشم.