انتصار جزئي مهم سجلته حملة مقاطعة شعبية بمصر كانت هذه المرة ضد ارتفاع أسعار طبق البيض بشكل وصفه ناشطون لحماية المستهلك بمصر بالجنوني، حيث ارتفع سعره 10 جنيهات دفعة واحدة بالتزامن مع اتجاه حملة أخرى للمنافسة السوقية لإجبار التجار على إعلان أسعار عادلة.
وانطلقت في الفترات الأخيرة بمصر حملات شعبية لمواجهة الغلاء والمطالبة بمقاطعة سلع مرتفعة الثمن، وسط مشاركة واسعة من فئات الشعب التي تتضرر من الغلاء، وهو ما عده مراقبون خطوة مهمة في إطار ترسيخ ثقافة شعبية اقتصادية مقاومة لكل أنواع الجشع.
ثقافة اقتصادية مهمة
من جانبه، يرى الكاتب الصحفي المتخصص في الشأن الاقتصادي إبراهيم الطاهر، في حديث لـ”المجتمع”، أن كل حملة للمقاطعة الاقتصادية في مصر هي خطوة نحو ترسيخ ثقافة اقتصادية إيجابية في إطار حماية حق المستهلك، وتدشين أجيال ذات وعي استهلاكي جيد يقاوم أي جشع أو استغلال من أي جهة.
انتصار جزئي لحملة “البيض” واتجاه للمنافسة في “السيارات”
ويضيف أن ما أعلن بناء على حملات المقاطعة من تغييرات طفيفة في سوق البيض وما سبقه من نجاحات ملموسة في سوق السيارات، يعد إنجازاً بسيطاً يبنى عليه، بجانب التشديد على دور الدولة في المراقبة، ودور جمعيات حماية المستهلك في الملاحقة، ودور الجمعيات الاستهلاكية في تقديم أسعار تنافسية تحد من تجاوزات كبار التجار.
ويشير إلى أن ارتفاع الأسعار في ظل الأعباء الاقتصادية المتوسعة على كل الأسر المصرية يجعل المقاطعة خياراً إجبارياً، عبر ممارسة الاستغناء لفترة ما، في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في ميزانيات الأسر التي تعاني ولا شك من تطورات فيروس كورونا التي ما زالت تعصف اقتصادياً بالبعض.
ويؤكد أن المقاطعة تتطلب وقتاً في مصر كي تكون ثقافة مجتمعية ناجحة بنسبة معقولة في مواجهة جشع التجار، لأنها في هذا الوقت باتت خياراً إجبارياً في ظل العجز عن الشراء.
ويشير إلى أنه رغم أن المقاطعة الشعبية مهمة، لكن يجب على الدولة التحرك في حالة ارتفاع الأسعار العالمية التي تؤثر بالطبع على السوق المصرية القائمة على الاستيراد بنسبة 80%، ما يتطلب تدخل الدولة بدعم القوة الشرائية للمواطن أو الرقابة الحازمة أو التوعية الداعمة لحقوق المستهلك أو إجراء توزان بين العرض والطلب.
انتصار جزئي
وحقق المصريون، بحسب تقديرات غير رسمية، انتصاراً جزئياً في حملات مواجهة ارتفاع طبق البيض، التي منها حملات “خليها تمشش (تفسد)”، و”بلاها بيض”، و”خليها تفقس”، لمواجهة ارتفاع أسعار بيض المائدة.
وأعلنت جمعية مواطنون ضد الغلاء لحماية المستهلك، أبرز جمعيات المجتمع المدني في محاربة الغلاء، انتصاراً جزئياً على استغلال التجار بعد انتهاء حملتها، الثلاثاء 26 أكتوبر، التي جاءت تحت عنوان “خليها تمشش”، والعبارة بالعامية المصرية وتعني “اتركها تفسد”.
وقالت الجمعية، في بيان لها، اطلع عليه مراسل “المجتمع”: حدث انخفاض طفيف في أسعار بيض المائدة، وقد وصل سعر البيض الأبيض 44.5 جنيه، والأحمر 45.5 جنيه، إلا أننا نطالب اتحاد منتجي الدواجن بتخفيض آخر لا يزيد على 40 جنيهاً لطبق البيض.
وأضافت أن هناك استجابة من المواطنين لحملة “خليها تمشش”، تبعها تجاوب طفيف وانخفاض ملحوظ لأسعار بيض المائدة، طبقاً للبيان الوارد من اتحاد منتجي الدواجن.
ويرى محمود العسقلاني، رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء، أنه من المهم تعليم أولادنا ثقافة المقاطعة بشكل مبكر من منطلق تعلم تحمل المسؤولية ومواجهة الغلاء.
وكشف العسقلاني عن أن هناك حواراً مع قيادات الاتحاد وكبار المنتجين حتى نصل للقيمة العادلة لطبق البيض وتثبيته لفترة كبيرة، حتى يحدث الاستقرار المنشود في سوق الدواجن ومنتجاتها.
اللافت هذه المرة انضمام تجار صغار للمواطنين في حملة المقاطعة.
وتداول ناشطون صورة لمشاركة محل بقالة مصري المواطنين مقاطعة البيض بعد الارتفاع الجنوني في أسعاره.
وقال المحل في إعلانه: “نعتذر عن بيع البيض لارتفاع أسعاره”.
خبير: المقاطعة أداة اقتصادية مهمة وتحتاج وقتاً لترسيخها
وبحسب بيانات غير رسمية، فإن تكلفة إنتاج طبق البيض تقل عن 36 جنيهاً، لكنه كان يباع بسعر مبالغ فيه من 55 إلى 60 جنيهاً بالتزامن مع بداية العام الدراسي.
وبدأ الموسم الدراسي بمصر مطلع شهر أكتوبر، وسط أعباء متزايدة وفق مراقبين على الأسر جراء تجهيزات الطلاب ومصروفات المدارس.
ويستهلك المصريون، طبقاً لجمعية مواطنون ضد الغلاء، مليار و200 مليون بيضة شهرياً.
حملات متعددة!
وشهدت مصر في الفترات الأخيرة حملات شعبية متعددة لمواجهة الغلاء والمطالبة بمقاطعة سلع مرتفعة الثمن، منها الأسماك واللحوم: “بلاها لحمة”، و”بلاها سمك”، و”تعالوا نوفر”.
ومن أبرز الحملات في هذا الإطار حملة “خليها تصدي”، لمقاطعة شراء السيارات الجديدة بهدف الضغط على وكلاء السيارات في مصر لخفض الأسعار، وتقليل هوامش أرباحهم المبالغ فيها.
ولاقت هذه الحملة تفاعلاً كبيراً بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، وحققت نجاحات، وفق تقارير متواترة، عبر إعلان وكلاء السيارات على تخفيض الأسعار.
وأعلنت الحملة مؤخراً إنشاء شركة لاستيراد السيارات الأوروبية الكهربائية المستعملة طبقًا للقانون المعمول به في مصر، لتقديم منتج منافس وإجبار شركات السيارات على البيع بأسعار عادلة بصورة دائمة.