“إن مصر ليست نقطة على خريطة الكون، أو خطوطاً رسمها خطاط أو عالم جغرافي، وإنما هي بلد قديم خلقه الله من رحم الطبيعة، ويسري على أرضها من الجنوب إلى الشمال نهر خالد يسري مسرى الدم في شرايين الجسد، وأن جيش مصر لم يكن أبداً جيش احتلال، وما أخرجته مصر خارج حدودها إلا دفاعاً عن أمنها وأمن أمتها”.
كلمات من نور، خطها بيمينه، من ارتقى إلى ربه، أول أمس الثلاثاء، بمصر إثر إصابته بفيروس كورونا، تعزيه جموع واسعة، رأت في مواقفه القضائية نبراس حق وهداية، إنه المستشار الراحل أحمد الشاذلي، أحد أبرز نواب رئيس مجلس الدولة بمصر (الهيئة القضائية المختصة بالقضاء الإداري بالبلاد).
والقاضي الراحل هو من أصدر حكم مصرية “تيران وصنافير”.
عزاء واسع يؤكد: الراحل في ضمير الوطن
سرادق عزاء
وتحولت مواقع التواصل الاجتماعي بمصر إلى سرادق عزاء في الفقيد، وفق رصد مراسل “المجتمع”.
واعتبر الكاتب الصحفي سليم عزوز الاحتفاء الواسع بثبات الفقيد على مبادئه حتى موته، تقديراً وعرفاناً من “الشعوب التي لا تخطئ بوصلتها موضع القبلة”، بحسب تعبيره.
وأكد أن الراحل يكفيه أنه “صاحب حكم مصرية تيران وصنافير” الذي خرج “بحيثيات قمة في الرقي؛ صياغة، ووطنية، واستقامة، وشجاعة، وعدلاً”.
ووصف الكاتب الصحفي أنور الهواري الفقيد بأنه “القاضي العادل الشجاع، وقاضي تيران وصنافير، صاحب “أعظم حكم قضائي” وصاحب القول المبين في هذه القضية”.
ونعى البرلماني السابق والكاتب أمين إسكندر الفقيد قائلاً: “العزاء لشعب مصر بعد أن غيب الموت المستشار الجليل القاضي الشجاع العادل أحمد الشاذلي كل الدعوات بالرحمة والصبر للأسرة والعائلة، ولشعب مصر أن يتمسك بحكمه التاريخي بمصرية تيران وصنافير”.
وأعرب القانوني والمدافع عن حقوق الإنسان شريف هلالي عن حزنه لرحيل القاضي الشاذلي قائلا: “رحم الله القاضي الشريف المستشار أحمد الشاذلي نائب رئيس مجلس الدولة وأحد قضاة مصر الشرفاء والمستقلين”.
وقال الكاتب الصحفي مجدي شندي في نعي الفقيد: “فقدت مصر قامته السامقة، رحم الله قاضياً لم يتهيب من نطق كلمة حق وقرت في ضميره. ستمنحك مصر التي أحببتها الخلود يا سيدي تماماً كالنهر الذي يجري في وريدها”.
وأعربت الكاتبة الصحفية إكرام يوسف عن فخرها بمواقف الراحل، وقالت في نعيه: “ارتقى المستشار أحمد الشاذلي إلى رحمة الله، تصحبه دعوات المصريين الشرفاء بحق، حاملاً كتابه بيمينه مرصعا بأمجاد سيظل يذكرها التاريخ ونحكيها لأحفادنا وترك اسماً سيبقى فخراً لكل من يحمله من أحفاده إلى الأبد.. سنظل نذكر أنه – بعد طعن “هيئة قضايا الدولة” في حكم المستشار يحيى الدكروري بمصرية تيران وصنافير – لم يهتز ولم يساوم على حق، فرفض الطعن وأكد على حق لن يضيع بإذن الله طالما في مصر شرفاء بحق”.
له أحكام بارزة على مدار أكثر من 35 عاماً
أحكام لا تنسى
ولد القاضي الشاذلي عام 1955م في مركز بسيون بمحافظة الغربية شمال العاصمة القاهرة، ضمن عائلة الفريق الراحل سعد الدين الشاذلي، رئيس أركان القوات المسلحة في حرب أكتوبر المجيدة.
وتلقى الفقيد تعليمه القانوني في كلية الحقوق بجامعة القاهرة وتخرج فيها عام 1976م بتقدير جيد جداً، وحصل على دبلومتين في القانون الدولي العام والعلوم الإدارية، وعين بمجلس الدولة عام 1977م.
وقضى الراحل بمجلس الدولة ما يقرب من 35 عاماً أصدر عدداً من الأحكام القضائية المهمة في الإفراج الشرطي والإفراج الصحي وحقوق الموقوفين، وكذلك المحاكمات العسكرية وبطلان خصخصة عدد من شركات القطاع العام كعمر أفندي وطنطا للكتان.