عندما أعلنت وزارة الأوقاف عن إقامة ندوة عن الحركة النسوية، قامت دنيا العلمانيين في الكويت ولم تقعد! وتجلت معاني حرية الكلمة عندهم في أوضح صورها، عندما طالبوا بإلغاء الندوة لأنها ستتكلم عن الرأي الآخر الذي سيكشف زيف هذه الحركة وخطورتها على المجتمع! ولأنهم؛ أي العلمانيين، لا يرغبون بأن يعلو صوت فوق صوت تحرر المرأة من قيود الدين والتقاليد الموروثة، لذلك قرروا شن حملة ترهيبية ضد خصومهم، ونعتوهم بتهمهم المعلبة منذ خمسينيات القرن الماضي، كالظلاميين، الذين يريدون إرجاعنا إلى العصر الحجري!
وعندما تعيد النظر في مطالب هؤلاء الذين يدّعون مناصرة المرأة تجد معظم هذه المطالب ينحصر في توافه الأمور الضارة بالمرأة أكثر من نفعها! فهم يطالبون بإعطاء المرأة الحق أن تلبس ما تشاء من اللباس غير المحتشم، وتكوّن صداقات وعلاقات مع من تشاء بغض النظر عن انعكاس ذلك على سمعتها وسمعة عائلتها الاجتماعية، كما أنهم يؤيدون أن تستغل أبشع استغلال للدعاية والإعلان التجاري، وبعضهم يدرك جيداً أن هذا الطريق يؤدي بالمرأة إلى أن تمتهَن كرامتها عندما تصبح سلعة للمتعة ليس إلا!
كنت أتمنى لو أنني سمعت من أحدهم يطالب بحقوق المرأة المالية والوظيفية، بل العكس، سمعناهم يطالبون بزيادة السن التقاعدية للمرأة، وبرفض إجازة الحضانة المقترحة من بعض النواب الإسلاميين في مجلس الأمة، ورفض مقترحات كثيرة تم تقديمها من التيار المحافظ لإعطاء المرأة دوراً أكبر لرعاية أسرتها وأطفالها.
لقد كانت نظرتهم لدور المرأة نظرة سطحية، فهم كانوا يهدفون إلى أن تبقى المرأة وقتاً أطول خارج البيت، ظناً منهم أن ذلك يساعد على تمرّد المرأة أكثر على العادات والتقاليد، ويعتقدون أن وجودها بالبيت يزيد من تخلف المجتمع.
الغريب أنهم كلما تحدثوا عن حقوق المرأة ضربوا مثالاً فيما وصلت إليه التكنولوجيا في بلاد الغرب، وبالذات في محطة “ناسا” في فلوريدا، وليت شعري ما علاقة المرأة فيما وصل إليه الغرب من تقدم حضاري تكنولوجي؟!
اليوم دأبوا بنغمة جديدة، عندما طالبوا بوقف سيطرة المتشددين وإعادة الفرح للمجتمع! ثم يضربون مثلاً ببعض دول الجوار!
سبحان الله! كشف الله مخططهم، إنهم يعتبرون الكويت الدولة المنفتحة والمتحررة من الكثير من القيود، والمتقدمة على دول المنطقة في مجال الفن والأنشطة الثقافية والترفيهية، يعتبرون ذلك انغلاقاً ويطالبون بالمزيد، وأي مزيد؟
عندما تعرف أن من يطالب بالحركة النسوية أو بتحرر المرأة اليوم هم أنفسهم من طالبوا وما زالوا بحقوق الشواذ جنسياً، وبالسماح للمرأة بالسكن في فندق مع رجل من دون زواج، وبإلغاء مادة التربية الإسلامية من مناهج التدريس، وتخفيض الجرعة الدينية على حد قولهم، عندها تعرف لماذا اعترضوا على ندوة وزارة الأوقاف وطالبوا بإلغائها!
«يأتي زمان يصبح الرجل مؤمناً فيمسي كافراً، أو يمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرضٍ من الدنيا قليل» (حديث شريف).
انتكاسة
لا حول ولا قوة إلا بالله!
قرأت لأحد الزملاء مقالة يؤيد فيها التطبيع مع دولة بني صهيون ويثني على السادات لأنه طبّع، ويعتبر ذلك انتصاراً!
إنه زمن الانتكاسات من كل اتجاه.
_____________________
يُنشر بالتزامن مع صحيفة “القبس” الكويتية.