تعرض المسلمون في النمسا لـ1061 اعتداء عنصريًا في عام 2021، وفقًا لتقرير صادر عن إحدى منظمات المجتمع المدني في النمسا.
وقد تم الكشف عن ذلك في التقرير السنوي المعنون “الهجمات العنصرية ضد المسلمين 2021” الصادر عن التوثيق والإرشاد للمسلمين النمساويين، في 2 يونيو الجاري.
وذكر التقرير أن العام الماضي سجل حدوث 1061 اعتداء عنصريًا ضد المسلمين، موضحًا أن 69% من الضحايا كانوا من النساء، و26% من الرجال.
وأوضح التقرير أن 77% من الاعتداءات العنصرية نفذها رجال، و22% قامت بها نساء، وأشار إلى أن أكثر الاعتداءات عنصرية وكراهية ضد المسلمين كانت عبر المنصات الرقمية بنسبة 65.4%، تليها مجالات الحياة الاجتماعية المختلفة بنسبة 34.6%.
خطاب الكراهية
وكشف التقرير أن خطاب الكراهية والتحريض ضد المسلمين احتل المرتبة الأولى بنسبة 78.5%، وشكلت الإهانات ضد الإسلام والمسلمين 9.1 % من الهجمات، وشكلت الأضرار المادية لممتلكات المسلمين 2.4%، يشار إلى أن عدد المسلمين في النمسا يبلغ نحو 700 ألف نسمة.
وقال مسؤول المركز أوممو سليم توري، في تصريح صحفي: إن عام 2020 شهد تسجيل أكثر من 1400 اعتداء عنصري، مشيراً إلى تراجع عدد الاعتداءات العام الماضي مقارنة بالعام السابق.
وأضاف التقرير أن السبب الرئيس وراء التراجع هو أن الأفراد أصبحوا أقل تفاعلًا اجتماعيًا بسبب قيود فيروس كورونا، مؤكداً أن معظم الهجمات العنصرية تمت عبر منصات الإنترنت.
وأشار إلى أن الخطاب التمييزي والتهميشي الذي ينتهجه السياسيون في البلاد أدى إلى انتشار المقاربات العنصرية.
وقال التقرير: عادة ما يكون دافع السياسيين أو الأحزاب هو تهميش المسلمين وتصويرهم على أنهم خطرون وسن القوانين بناء على ذلك.
وصمة عار شديدة
وقالت الناشطة السياسية والاجتماعية خالدة بكالي: إن المسلمين أصبحوا أكثر عرضة للريبة، وربما الاضطهاد السياسي والإعلامي والشبكي (الانترنتي)، مع تفاقم النزعة المكارثية التي تظهر في الدول الأوروبية تحت عناوين غامضة، مثل القتال، ضد “الانفصالية”، “المجتمعات الموازية”، “الإسلام السياسي” و”التطرف”.
عندما تسللت جائحة كورونا إلى أوروبا، في النصف الأول من عام 2020، كانت الأولوية الصحية لها الأسبقية على المخاوف الأخرى، وسادت مشاعر التضامن المجتمعي الدافئ، وتصدرت صور الأطباء والممرضات وسائل الإعلام التي سلطت الضوء على تضحياتهم.
كانت هناك نسبة ملحوظة من المسلمين بين الأطباء الذين وقعوا ضحايا في الخطوط الأمامية، وكانت هذه رسالة عملية ضد العنصرية وكراهية الإسلام وردًا بليغًا على خطابات التمييز والتحريض.
ثم تأكدت الرسالة بوجود رجال مسلمين ونساء مسلمات بين طلائع الذين كانوا يعملون على تطوير لقاحات ضد كورونا في المعامل الأوروبية.
عنصرية انتهازية
مع اقتراب الانتخابات في جميع أنحاء القارة، واجهت الحكومات انتقادات شعبية بشأن أدائها خلال موسم الوباء والمعضلات الاقتصادية المزمنة، وعادت ظاهرة “الإسلاموفوبيا” إلى الظهور.
بعد الأحداث الأمنية في الدول الأوروبية، تحول النقاش إلى تفسيرات ثقافية جامحة تلقي بعبء أخلاقي ثقيل على عاتق المسلمين، من خلال العودة إلى الاتهامات الصريحة أو المغطاة ضد دينهم وثقافتهم، وتعميم وصمة الشك على الأحياء السكنية التي يتركزون فيها.
السيدات على وجه الخصوص
كانت امرأة تبلغ من العمر 35 عامًا تقف خارج متجر عندما شعرت ببعض الحرارة على جانبها الأيسر لتكتشف أن قميصها بدأ يحترق، بالقرب منها كان يقف رجل يمسك بقداحة، لم تصب المرأة بأذى، لكنها لم تعد قادرة على ارتداء قميصها المثقوب، كان هذا أحد الأمثلة التي أوضحتها رنا إلمير في صحيفة “واشنطن بوست”، وقد كانت هذه مجرد حالة واحدة من آلاف الحالات من جرائم الكراهية ضد المسلمات اللواتي يرتدين الحجاب.
وأشارت المير إلى أنه من المحتمل أن يكون عدد كبير من النساء قد واجهن صعوبات خاصة في الأماكن العامة، مثل الاقتراب الشديد من الغرباء، وكذلك الإساءة اللفظية أو التحرش الجنسي، ومع ذلك، تبدو المرأة المسلمة عرضة لمشكلات إضافية بسبب كونها “مسلمة”.
مع ظهور السياسات والخطابات المعادية للمسلمين، ازداد عدد جرائم الكراهية ضد المسلمين في الولايات المتحدة وأوروبا وخاصة في النمسا.
خريطة عنصرية
في يونيو 2021، أصدرت الحكومة النمساوية خريطة وطنية مثيرة للجدل لمواقع المعالم والمواقع والمساجد الإسلامية ووضعت لافتات في جميع أنحاء البلاد تحذر من المساجد القريبة التي قد تشكل تهديدًا، ومنذ نشر الخريطة المثيرة للجدل، ازدادت الهجمات ضد المسلمين بشكل سريع.
وعلى الرغم من أن هذه المشاعر كانت موجهة ضد الرجال المسلمين والنساء المسلمات على حد سواء، فإنه لوحظ التمييز بين الجنسين حتى فيما يتعلق بمشاعر الكراهية، حيث تتحمل النساء العبء الأكبر.
من الصعب العثور على تقارير عن جرائم كراهية تستهدف النساء أكثر من الرجال، لكن الدراسات تشير إلى أن النساء، وخاصة من يرتدين الحجاب أو النقاب، أكثر عرضة للإهانة، حيث لا مجال للشك في الدين الذي يعتنقنه.
سقف زجاجي
النساء المسلمات في أوروبا مستهدفات بحملات تعبئة مصورة ويتحملن أعباء مزدوجة من التمييز، من خلال وضع قيود متزايدة عليهن على أساس اختيارهن للباسهن في أماكن العمل، وحمامات السباحة، والأماكن العامة، وحتى في مرافقة أطفالهن للمدارس، رغم إعلان الالتزامات الأوروبية بمكافحة جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
ومع ذلك، فقصص نجاح المسلمات في المجال العام كثيرة للغاية، لكن حساسية الموقف المحيط بهن تبدد آمال الأجيال المسلمة الجديدة في الوصول إلى فرص متساوية في مجتمعات متنوعة.
يواجه المسلمون صعوبات متزايدة في الصعود إلى مراتب الحياة العامة في بعض البيئات الأوروبية، وحتى الحالات التي تنجح في تجاوز “السقف الزجاجي”، أي العوائق غير المرئية في طريق النهوض المجتمعي، تواجه ضغطاً يؤثر عليها فيما بعد.
كما حدث مثلاً مع إحسان حواش (36 عاماً)، أول مسلمة محجبة تتولى منصباً حكومياً، ففي 9 يوليو 2021، اضطرت حواش إلى الاستقالة من منصبها كمندوبة للحكومة البلجيكية في معهد المساواة بين الرجل والمرأة، بعد 10 أسابيع فقط من تعيينها، مما أثار احتجاجات في المجتمع السياسي وموجة من التنمر عبر الشبكة العنكبوتية.
__________________
المصدر: “الاستقلال” التركية.