رأى محللان فلسطينيان أن ما شهدته الضفة الغربية خلال الأشهر الأخيرة، من بروز ظاهرة “المطلوبين” مجدداً، وعودة العمل المسلح وعمليات إطلاق النار، يعبر عن حالة تجاوزت محاولات كي الوعي وغسيل الأدمغة، التي سعت بعض الأطراف لفرضها حول طبيعة العلاقة مع الاحتلال.
وقال الكاتب والمحلل السياسي سري سمور: إن ما يجري حالياً من تنامي ظاهرة الاشتباكات المسلحة وعودتها إلى الواجهة، بعد سنوات عجاف تم خلالها استهداف المقاومة، يعبر عن حالة منعشة للمواطن الفلسطيني، في ظل ما يتعرض له من جرائم وحشية “إسرائيلية”.
وأضاف أن ما تشهده الضفة اليوم ليس حالة طارئة، بل صورة غُيبت لعدة سنوات، رغم أنها يجب أن تسود بين قوة احتلالية وشعب محتل.
وشدد سمور على أن عمليات إطلاق النار التي تستهدف القوات المقتحمة للمدن، كما يجري في جنين ونابلس شمال الضفة، وبعض المناطق الأخرى، من شأنها أن تربك حسابات العدو، وتجعله يفكر جيداً قبل أي عملية يمكن أن ينفذها لاعتقال أو اغتيال مطلوبين.
ورأى أن عمليات إطلاق نار سوف تبقى قليلة الأثر، ما لم تنتقل إلى الشوارع الاستيطانية، أو تستهدف تجمعات الجنود والمستوطنين المنتشرين على مفترقات الطرق، لتصبح بالفعل قوية الأثر، بدلاً من استهداف آليات مصفحة، أو نقاط عسكرية إسمنتية.
ولفت إلى أنه رغم كل محاولات التطويع والتدجين وغسيل الأدمغة التي تعرض لها الشباب الفلسطيني خلال السنوات الأخيرة؛ فإن عمليات إطلاق النار، وبروز ظاهرة المطاردين مجدداً، نسفت كل الآمال التي كان يعول عليها الاحتلال بخلق جيل لا يؤمن إلا بالحلول السلمية الانهزامية.
وأشار سمور إلى أن قوة عمليات إطلاق النار تكمن في عجز قوات الاحتلال عن وقفها، أو الوصول إلى منفذيها، الأمر الذي يعبر عن فشل المنظومة الأمنية الاحتلالية أمام شباب وفتية لم ترق لهم مشاهد الإذلال اليومية، والإخفاقات السياسية المتتالية.
تشكُّل وعي جديد
من جهته، رأى المحلل السياسي عامر المصري أن الواقع شكل وعياً جديداً لدى المواطن الضفّاوي، بضرورة تفعيل المقاومة مجدداً، في ضوء فشل المشاريع الأخرى، بحيث نشأ جيل يؤمن بالعمل المسلح مخلِّصاً وحيداً من الواقع المؤلم المعاش في الضفة.
وقال المصري: إن جرائم الاحتلال والواقع السياسي المأزوم قادا فعلياً لتصاعد العمل المقاوم، خاصة في معقليه التقليديين نابلس وجنين.
وأشار إلى أن الفلسطيني في الضفة الغربية يعيش صراعاً وجودياً متنامياً، في ظل احتلال يقضم يومياً الأرض، ويمارس العربدة والقتل، في مقابل حالة تغاضٍ وصمت مريبين من السلطة الفلسطينية، التي اقتصر دورها على تقديم الخدمات الأمنية للمحتل.
وتوقع المصري استمرار العمل المسلح في الضفة وتناميه في ضوء الصلف “الإسرائيلي”، وفشل السلطة في ردعه؛ لأن الكينونة الفلسطينية ترفض الرضوخ، خصوصاً في ضوء الإجماع الفلسطيني القادر على خلق ظواهر تلائم سياسات المحتل بحقه.
وبحسب الإحصائيات؛ فقد شهدت الضفة الغربية خلال الأسبوع الأخير 25 عملاً مقاوماً مسلحاً، تمثلت في عمليات إطلاق نار، إلى جانب إلقاء عبوات متفجرة وحارقة صوب قوات الاحتلال “الإسرائيلي”.