قال الكاتب والمفكر المصري فهمي هويدي: إن العلّامة الشيخ يوسف القرضاوي أحد المجددين الكبار الذين برزوا في هذا القرن، وإنه كان حاضرًا بفكر ثاقب واجتهاد عميق وصدر واسع وشجاعة في إعلاء كلمة الحق.
وأضاف هويدي لبرنامج «المسائية» على قناة “الجزيرة مباشر” تعقيبًا على وفاة العالم الأزهري الجليل: الكلمات تعجز عن أن توفيه حقه، وأظن أننا سندرك قيمته بعد وقت طويل عقب الفراغ الكبير الذي تركه، وهو الذي كان مناضلًا على كل الجبهات في الفقه والأدب والسياسة والشعر وفي مجالات كثيرة.
فكر ثاقب
وتابع هويدي: أزعم أن جماهير الأمة الإسلامية أعطته حقه وقدّرته بأكثر مما قدرته غالبية الأنظمة الموجودة، وأظن أنه لم يعبأ بهذا؛ لأنه رضي كمجاهد -كانت عينه على الآخرة- بحظّه من الدنيا، وحفاوة الأمّة به وتقديرها لعلمه ونضاله ومواقفه وقدرته الهائلة على التفاعل مع مختلف الأحداث التي مر بها العالم العربي والإسلامي.
واستطرد: لا أنسى له مواقف كثيرة في القاهرة أو في الرحلة التي قمنا بها لمراجعة إخواننا في أفغانستان في موضوع هدم التماثيل، لم يتردد في أن يخوض معارك لا حدود لها ولا آفاق لها؛ لأنه كان دائمًا حريصًا على إعلاء كلمة الحق بآرائه الشجاعة وفكره الثاقب.
وأكد هويدي صعوبة سدّ الفراغ الذي تركه العلاَّمة القرضاوي قائلاً: لهذا أظن أن الفراغ الذي تركه شيخنا الكبير لن يُملأ لسنوات طويلة قادمة؛ لأنه رحمه الله رغم تجاوزه سن التسعين فإنه ظل حاضرًا على كل جبهة برأي فيه من الشجاعة والعلم والفكر العميق الذي يراعي فيه تطورات كثيرة.
وأوضح أنه لا بد أن نلاحظ أنه أحد الفقهاء القليلين الذين عاشوا العالم العربي بأحداثه، والعالم المعاصر بمجتمعاته المختلفة، ورأيناه في أوروبا وآسيا وأفريقيا وفي كل مكان وفي كل جبهة واقفًا شاهرًا علمه بكل جرأة وشجاعة.
وأضاف: وأظن أنه ملأ ثغرات كثيرة، وسنحتاج إلى وقت طويل حتى نعوضه، وندعو الله تعالى أن يعوضنا فيه خيراً، وأن يغفر له ولكل من وقف إلى جواره وأيّده في فكره الذي ظُلم فيه كثيراً، ولكنه ظل ثابتًا لم يتراجع خطوة للوراء.
وعن حرص القرضاوي على التفاعل مع قضايا الأمة، قال هويدي: القرضاوي في حركته لم يكتفِ بعلم غزير، ولكنه كان حاضرًا في الواقع لأن فكرة التماشي مع الواقع شيء مهم كثيرًا، لم يؤلف كتبًا فقط، ولكنه عاش الواقع من ميدان التحرير بالقاهرة إلى غزة إلى أفغانستان إلى أدنبرة في إنجلترا.
وأضاف: لكنه دفع ثمنًا باهظًا وظُلم كثيرًا وشُوهت صورته، وأظن أن بعض الكتابات حتى هذه اللحظة تحاول النَّيْل منه، ولكنه ظل ثابتًا وكانت عينه على الآخرة ولم يخشَ إلا ربه سبحانه وتعالى.