ما شهدناه من فيض التضامن والكرم من مانحين مسلمين في أعقاب مأساة الزلزال في كل من شمال سورية وجنوب تركيا يثبت مرة أخرى أن المسلمين يختلفون عن كل البشر في كل أنحاء العالم أثناء الأزمات الإنسانية.
وهذا يثبت، كما يقول الصحفي الأسترالي «سي جي ويرلمان»، أن «الإسلام أعظم ديانة في العالم»؛ لأن تقديم الصدقة يعبر عن التزام المسلم الجاد بالعمل الخيري.
صحفي أسترالي: المسلمون يختلفون عن كل البشر أثناء الأزمات الإنسانية
ويضيف: الواقع أن الصدقة أو ما يسميه المسلمون الزكاة، هي أحد الأركان الخمسة الأساسية للإسلام؛ ما يعني أن المسلمين ملزمون بالتبرع بجزء معلوم من ثروتهم في كل عام للأعمال الخيرية، في حين أن المسيحيين، من ناحية أخرى، ليسوا ملزمين، ولكن يتم تشجيعهم على التبرع للكنيسة أو الفاتيكان، التي تعد واحدة من أكثر المنظمات فساداً على هذا الكوكب، وبعبارة أخرى: يتبرع المسيحيون لزعماء الكنيسة الجشعين والفاسدين، بينما يتبرع المسلمون للضعفاء الذين هم في أمسِّ الحاجة إلى المساعدة والراحة، والفرق بين الديانتين أكثر إثارة للدهشة!
الروهنجيا.. صورة مشرقة
يقول «ويرلمان»: إذا كنت تبحث عن توضيح لكيفية إلهام الإسلام أتباعه للكرم، فقم بمقابلة هذه المرأة المسلمة من الروهنجيا، فما قصة تلك المرأة؟
لاجئة روهنجية تتبرع بآخر قطعة ذهب تملكها لضحايا الزلزال
يقول: عندما شاهدت أمينة خاتون لقطات إخبارية لامرأة تركية وأطفالها عالقين تحت أنقاض زلزال مدمر ويطلبون المساعدة، لم تفكر هذه اللاجئة الروهنجية في دلهي مرتين قبل بيع آخر قطعة مجوهرات لها لشراء مواد الإغاثة للتبرع بها، وهي التي دمر بيتها وتشتت أسرتها وفرت من ميانمار قبل 18 عاماً، كانت تمتلك سوارين من الذهب؛ باعت واحدة منذ عامين لإجراء عملية جراحية وباعت الثانية لتشتري بها مواد إغاثية لمنكوبي الزلزال في تركيا.
تقول خاتون: هذه كارثة كبيرة، لو عدت إلى الوطن في ميانمار لكنت قد بعت بعضاً من الأرض لأتبرع بها، أشعر بالرضا لأنني قادرة على فعل شيء ما؛ لأنني كنت أمتلك هذه الأسورة، لقد واجهنا ما يواجهه الناس هناك بعد الزلزال؛ ألا وهو العيش بدون منزل ودعم.
أحد الباكستانيين المقيمين بأمريكا تبرع بـ30 مليون دولار رافضاً ذكر اسمه
رابطة غير قابلة للكسر
– هناك مليارا مسلم يتشاركون في رابطة غير قابلة للكسر، وهي رابطة لا تنقطع، أو قد تنقطع مؤقتاً بسبب سياسات القوى العظمى أو المكائد السياسية للأنظمة.
– أدى آلاف الأشخاص صلاة الغائب في مساجد دول عربية عدة على أرواح ضحايا الزلزال في تركيا وسورية، ووفق رصد «الأناضول»، فقد تم ذلك في مساجد الضفة الغربية وقطاع غزة، بجانب المسجد الأقصى بالقدس المحتلة، وجميع مساجد الإمارات والبحرين والأردن، وأغلب مناطق لبنان، بجانب تعز اليمنية، وعفرين (شمالي سورية)، ومسجد بن نابي بالعاصمة الليبية طرابلس.
– زار وفد يمثل المسلمين الروهنجيا في بنجلاديش السفارة التركية في دكا، ودعوا الله بالدموع لصالح ضحايا الزلزال.
– قام المسلمون الأمريكيون، الذين يمثلون أقل من 4 ملايين شخص، بجمع 100 مليون دولار.
– تبرع أحد الباكستانيين المقيمين في أمريكا بـ30 مليون دولار من أمواله الخاصة، حرر شيكاً للسفارة التركية بأمريكا ورفض ذكر اسمه، وقد أثر هذا على رئيس وزراء باكستان «شهباز شريف»، الذي غرد قائلاً: تأثرت بشدة بهذا النموذج، هذه أعمال خيرية مجيدة تمكن البشرية من الانتصار على الصعاب التي تبدو مستعصية على الحل.
أهالي غزة يقفون في طوابير للتبرع بالدم رغم أنهم بأمسِّ الحاجة إليه
– وقف أهل غزة في طوابير طويلة للتبرع بالدم، وهم بأمسّ الحاجة إليه؛ لمساعدة تركيا وسورية، رغم أنهم محبوسون في حصار لا ينتهي منذ نحو عقدين.
– قال وزير الأوقاف الفلسطيني لـ«الأناضول»: إن حصيلة التبرعات التي جُمعت من مساجد الضفة الغربية في ساعة واحدة بعد صلاة الجمعة بلغت نحو 3 ملايين و500 ألف شيكل (نحو مليون دولار).
– تبرع رجل يبلغ من العمر 74 عاماً بالمال الذي يدخره منذ سنين من أجل أداء فريضة الحج.
– جمع الأتراك خلال ساعتين فقط تبرعات بنحو 6 مليارات دولار لصالح حملة «تركيا قلب واحد» الخاصة بالزلزال.
– بلغ حجم التبرعات لحملة «سند وعون» القطرية 168 مليون ريال قطري (46 مليون دولار) في يومها الأول فقط.
– جمعت الكويت من خلال حملة «الكويت بجانبكم» 42.6 مليون دولار خلال 6 ساعات فقط، غير مئات الأطنان من التبرعات العينية، وأسفرت الحملة في حصيلتها النهائية عن تحقيق أكثر من 20.7 مليون دينار كويتي (67.7 مليون دولار) بمشاركة ما يزيد على 129 ألف متبرع.
هذا غيض من فيض، يظهر قوة الرابطة التي تربط المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، رابطة الأخوة التي استعصت على الكسر، وصدق النبي الأعظم القائل في حديثه المتفق عليه: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».