- ما حكم حج التطوع؟
– من القواعد الشرعية التالية: أن الله تعالى لا يقبل النافلة حتى تؤدَّى الفريضة، وبناء عليه، نرى أن كل من يتطوع بالحج أو العمرة، وهو مع هذا يبخل بإخراج الزكاة المفروضة عليه كلها أو بعضها فحجه وعمرته مردودان عليه، وأولى من إنفاق المال في الحج والعمرة أن يطهره أولاً بالزكاة، فالسلامة من إثم الحرام مقدمة على اكتساب مثوبة النافلة، فإذا كان يترتب على كثرة الحجاج المتطوعين إيذاء لكثير من المسلمين، من شدة الزحام مما يسبب غلبة المشقة، وانتشار الأمراض وسقوط بعض الناس هلكى، حتى تدوسهم أقدام الحجيج وهم لا يشعرون، أو يشعرون، ولا يستطيعون أن يقدموا أو يؤخروا؛ كان الواجب هو تقليل الزحام ما وجد إلى ذلك سبيل، وأولى الخطوات في ذلك أن يمتنع الذين حجوا عدة مرات عن الحج ليفسحوا المجال لغيرهم، ممن لم يحج حجة الفريضة.
- هل يغفر الحج للظالم المستمر في ظلمه؟
– جاء في الحديث أن “من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه”، ولكن العلماء خصوا هذا الحديث بالذنوب التي بين العباد وبين ربهم، أما حقوق العباد –خصوصاً الحقوق المالية منها– فهذه لا يكفّرها صلاة ولا صيام ولا حج، بل ولا الشهادة في سبيل الله، فقد جاء في الحديث الصحيح: “يُغفر للشهيد كل ذنب إلا الدَّيْن”، وحديث المفلس يوم القيامة دليل على ذلك أيضاً.
- على من يجب حج الزوجة؟
– الإنسان ليس ملزماً أن يحجج زوجته، فالمسلم ملزم بالحج من ماله الخاص، الزوج من ماله، والزوجة من مالها، لكن من مكارم الأخلاق، إذا كان الزوج ذا سعة ويسار أن يحجج زوجته، فهذا من المعاشرة بالمعروف وخصوصاً إذا كان ذاهباً فيأخذها معه، ولكن هذا ليس واجباً عليه.
- هل الحج بالطائرة أفضل أم المشي على الأقدام؟
– كثرة الثواب في العبادات ليست مبنية على مجرد المشقة فقط، بل مبنية على اعتبارات كثيرة، وشرائط شتى، أهمها الإخلاص لله عز وجل، وإتقان العبادة بأركانها وآدابها على وجه حسن، فكلما كان هناك إخلاص وموافقة للسُّنة وآدابها كانت العبادة أعظم أجراً، ثم تأتي المشقة أيضاً بعد ذلك، والإنسان الذي يبذل في عبادته جهداً أكبر، فجهده لن يضيع عند الله عز وجل، بشرط ألا يتكلف ذلك، هب أن الإنسان كان مسجده قريباً من بيته، فهل له أن يذهب ويلف ويدور ليبعد المسافة ويُكثر الخُطى إلى المسجد، لينال أجراً أعظم؟ هذا ليس مشروعاً، ولكن لو كان البيت بعيداً عن المسجد، فإن له بكل خطوة حسنة، ولهذا لما أراد بنو سلمة أن ينتقلوا قريباً من مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، ويدَعوا بيوتهم في أطراف المدينة، لم يسمح لهم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وأقرهم في بيوتهم، وبشَّرهم بأن لهم في كل خطوة يأتونها إلى الصلاة حسنة، فهذه الحسنات مسجلة لهم في رصيدهم عند الله، ولكن ليس معنى هذا أن الإنسان يطيل الخُطى أو يبعد الطريق حتى يكسب الحسنات، لو أن إنساناً ليس لديه أجر الطائرة، التي تحمله، وجاء راكباً دابة أو ماشياً أو في باخرة رخيصة الأجر، فلا شك أن له أجراً أكبر ممن يأتي في ساعتين أو أقل أو أكثر ولا يحس بتعب ولا نصب، إنما المهم ألا يتكلف ذلك.. فيأتي مشياً، بينما يسر الله له المطية، أو يقدم ممتطياً دابة، وهو يستطيع أن يستقل سيارة، فالمشقة التي يتجشمها الإنسان بسبب أنه لا يملك غير ذلك هو مأجور عليها بشرط عدم التكلف.
العدد (1731)، ص53 – 25 ذو القعدة 1427ه – 16/12/2006م