يوم 20 أكتوبر 2023 قدم الرئيس الأمريكي طلبا للكونجرس لاعتماد ميزانية تبين أنها تغطي تكاليف تهجير أهل غزة إلى ما أسماه “بلدان مجاورة”، في إشارة لا تحتمل الجدال أنه يقصد بها مصر.
الطلب الذي قدمه مكتب الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى مجلس النواب ونشر على “موقع البيت الأبيض“، تضمن طلب الموافقة على “اعتمادات مالية إضافية” بقيمة 106 مليار دولار لأغراض حماية الأمن القومي الأمريكي ومساعدة الحليفتين أوكرانيا والكيان الصهيوني.
في الصفحة رقم 40 من الطلب، يقترح الرئيس الأمريكي اعتماد مبلغ 3 مليار و495 مليون دولار لبرامج وزارة الخارجية الأمريكية “للمساعدة في مجالات الهجرة واللجوء” ويشير في الفقرة الثالثة إلى “الأوضاع الإنسانية في “إسرائيل” والأراضي الفلسطينية”، ما يشير لأن خطط تهجير أهالي غزة أصبحت قيد التنفيذ.
وجاء في نص الطلب المنشور أن هذه الأموال: “لدعم المدنيين المهجرين والمضارين من الصراع الحالي ومن ضمنهم اللاجئين الفلسطينيين في غزة والتعامل مع الاحتياجات المحتملة لأهل غزة الذين سيفرون إلى بلدان مجاورة”!!
تزامن هذا مع طلب بايدن من الكونجرس تسريع لملمة الخلافات داخل مجلس النواب وسرعة تعيين رئيسا لمجلس النواب بعد رئيسه الذي تم عزله، كي يتمكن المجلس من اعتماد المجلس الموازنة التي طلبها بايدن لدعم الكيان الصهيوني وأوكرانيا وتبلغ 106 مليارات دولار، عاجلا، وبالفعل تم اختيار النائب مايك جونسون رئيسا جديد للنواب.
كما تزامن مع طرح خطة فرنسية أمريكية مباشرة، أشار لها الرئيس الفرنسي خلال لقائه نتنياهو، تتضمن تشكيل تحالف دولي يدعم الكيان الصهيوني عسكريا ويتعامل مع “حماس” مثلما تعامل التحالف الدولي مع تنظيم الدولة في العراق، بحيث يشمل ذلك عمليات عسكرية وأخرى للحصار المالي.
حرب تقودها أمريكا
على الجانب العسكري، بدأ يتضح أن واشنطن هي التي ستقود هذا الهجوم على غزة بقوات صهيونية ونخبة أمريكية وصلت الأراضي المحتلة تضم قوة “دلتا فورس” التي سبق أن حاربت تنظيم “داعش”، ومارينز بحسب موقع “أكسيوس” الأمريكي 25 أكتوبر 2023.
الموقع الأمريكي، مع صحيفة “نيويورك تايمز”، أكدا أن بايدن طلب تأجيل الغزو البري لحين وصول بقية القوات الأمريكية ونشر منصات دفاعية في القواعد الأمريكية في المنطقة العربية، تحسبا لتدخل “حزب الله” وهجمات، بدأت تقع فعليا، على القوات الأمريكية خصوصا في العراق وسورية.
وأكد هذا محلل الشئون العسكرية في صحيفة “يديعوت أحرونوت” رون بن يشاي، قائلا: إن “إسرائيل” والولايات المتحدة تخرجان للمرة الأولى إلى الحرب سوياً.
أوضح أن هذا ما دفع الحكومة والمنظومة الأمنية الصهيونية للإصغاء إلى الطلبات والنصائح الأميركية، لأن الكيان الصهيوني من دون هذه الشراكة العملياتية والمساعدة اللوجستية من أمريكا، سيلاقي مصاعب في الصمود في حرب متعددة الجبهات.
وخصوصاً إذا ما قررت إيران و”حزب الله” تصعيد الأمور إلى حد تصل فيه إلى حرب شاملة.
ويخشى بايدن أن يؤدي الهجوم السريع والمتهور على غزة إلى دخول الكيان الصهيوني في معركة شوارع دامية طويلة، يمكن أن تقتل عشرات الآلاف من أهالي غزة وجنود الاحتلال، ودون أن تنجح في تدمير “حماس”.
كذلك يمكن أن يدفع ذلك “حزب الله” وغيره من وكلاء إيران إلى الانضمام إلى الحرب، مع احتمال تعرُّض الأمريكيين في المنطقة للخطر، وفقاً للموقع الأمريكي.
أيضا يريد بايدن تسليم مزيد من المساعدات لأكبر عدد ممكن من الفلسطينيين؛ للحد من الأزمة الإنسانية وردود الفعل العالمية العنيفة، وفق موقع “أكسيوس”.
وكان لافتاً تأكيد صحيفة “أكسيوس” أن “بايدن يريد أن يكون الاجتياح الصهيوني أقرب إلى ما حدث في الموصل عام 2016 وليس الفلوجة عام 2004″، ولهذا السبب أرسل الجنرال جيمس جلين، وهو من قدامى المحاربين في الموصل، لتقديم المشورة للصهاينة بشأن تخطيطهم العسكري وقيادة الهجوم.
ويقصد بهجوم الموصل 2016، الهجوم المشترك الذي قامت به قوات عراقية وقوات برية أمريكية، ودعم جوي أمريكي وأوروبي ضد مواقع “داعش” في الموصل والمنطقة المحيطة بها، وانتهى بإخراج تنظيم الدولة من الموصل، وهي نفس الخطة التي يريدون تطبيقها مع “حماس” في غزة.
أما “هجوم الفلوجة 2004” فيقصد به الهجوم الفاشل الذي قامت به القوات الأمريكية لدخول مدينة الفلوجة والسيطرة عليها، بعد أن قتل أربعة من قوات مرتزقة شركة بلاك وتر الأمريكية هناك وتعليق جثثهم في الشوارع.
وهي المعركة التي تكبد فيها الجيش الأمريكي في العراق خسائر جسيمة دفعت الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن التصريح للحديث عن خسائر قاسية وتراجع، وهو ما يخشى بايدن أن يقوم به نتنياهو مدفوعا بالغضب من إذلال “حماس” له فيتورط في حرب برية يموت فيها مئات الصهاينة والفلسطينيين.
وضمن هذه الخطة كشفت منظمة “Airwars” المعنية بأرشفة الضربات الجوية في النزاعات أن القصف الجوي الصهيوني على غزة تجاوز بكثافة الضربات التي نفذها التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة على الموصل عام 2016 و2017.
قالت: إن التحالف الأمريكي ألقي حينئذ في شهر على الموصل ما يقرب من 5000 قذيفة على الموصل في مارس 2017، أي أقل بـ 2000 قذيفة مما أطلقه الاحتلال في أقل من ثلاثة أسابيع على غزة، رغم اعترافه أنه أسقط 6000 قنبلة في غزة في أسبوع.
وهو ما دفع الممثلة الأمريكية الشهيرة “سوزان سارندون” للقول إن حجم القنابل التي ألقتها “إسرائيل” على غزة وصل 12 ألف طن وهو ما يعادل قنبلة هيروشيما، ومطالبتها إدارة الرئيس الأمريكي بايدن بوقف إبادة غزة.
— Susan Sarandon (@SusanSarandon) October 25, 2023
ويرجع الحرص الصهيوني على انتظار الضوء الاخضر الأمريكي إلى أن مقاتلي “القسام” أبادوا وحدة صهيونية أمريكية دخلت للاستطلاع في غزة.
حيث كشف مستشار البنتاغون السابق دوغلاس ماكغريغور، في حوار أجراه معه المذيع الأمريكي الأشهر تاكر كارلسون وبثه على شبكة “إكس”: أنه جرت تصفية مفرزة من القوات الخاصة الأمريكية و”الإسرائيلية” في قطاع غزة، حاولت استطلاع مكان الرهائن.
وقال ماكغريغور: “على مدى الـ 24 ساعة الماضية أو نحو ذلك، ذهب بعض من قواتنا الخاصة الأمريكية و”الإسرائيلية” إلى قطاع غزة للاستطلاع وتحديد السبل الممكنة لتحرير الرهائن، وتم إطلاق النار عليهم وتحويلهم إلى أشلاء”
Ep. 33 Looks like we’re actually going to war with Iran. Are we ready for this? pic.twitter.com/Ap09hWnvnj
— Tucker Carlson (@TuckerCarlson) October 23, 2023
وقد نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، عن مسؤولين أمريكيين وصهاينة، أن وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” تسعى جاهدة لنشر ما يقرب من 12 نظاماً للدفاع الجوي في المنطقة.
وضمن هذا الدعم الغربي للكيان الصهيوني في الحرب ضد “حماس”، اقترح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن يتولى “تحالف” دولي، ليس فقط من الناحية المالية بل أيضا على نطاق أوسع عسكري، “مكافحة” حماس.
وتبنى ماكرون موقفاً ضد حركة “حماس” أكثر تطرفاً حتى من الرئيس الأمريكي جو بايدن بمطالبته خلال زيارته للأراضي المحتلة بأن يوسع التحالف الدولي ضد الإرهاب الذي يحارب داعش أهدافه لتشمل الحركة الفلسطينية، رغم أن “حماس” حركة تحرر وطني.
ويعني ذلك، بحسب مقربين من ماكرون، إنشاء تحالف جديد، أو توسيع التحالف القائم منذ العام 2014 لمكافحة تنظيم “داعش” في سورية والعراق ليشمل مكافحة حركة “حماس”.
أسلحة كيماوية أمريكية ضد الإنفاق
وضمن هذا الدعم الأمريكي العسكري للكيان الصهيوني تمهيدا لدخول قوات صهيونية وأمريكية غزة بحجة ضرب “القسام” وإطلاق الأسرى، وتنفيذ خطة التهجير، كشف موقع “ميدل إيست آي” البريطاني أن “إسرائيل” ستقوم بإغراق أنفاق “حماس” بغاز الأعصاب والأسلحة الكيماوية، تحت إشراف كوماندوز من قوة “دلتا” الأمريكية.
ونقل الموقع البريطاني عن مصدر عربي كبير أن الخطة ترتكز على عنصر المفاجأة لحسم المعركة، باستخدام غازات محرَّمة دولياً، وبالأخص غاز الأعصاب وأسلحة كيميائية؛ حيث سيتم ضخ كميات كبيرة من غاز الأعصاب في الأنفاق لقتل آلاف الجنود من “كتائب عز الدين القسام” التابعة لحركة “حماس”، حسبما صرَّح به المصدر، الذي أشار إلى أن مصدر المعلومات هو تسريب ورد من داخل الولايات المتحدة.
وقال: إن فرقة دلتا في الجيش الأمريكي سوف تشرف على ضخ “كميات ضخمة من غاز الأعصاب داخل أنفاق حماس، لديها القدرة على شل حركة الإنسان لمدة تتراوح بين 6 و12 ساعة”، لافتاً إلى أنه سوف “يتم خلال هذه الفترة اختراق الأنفاق وتحرير الأسرى، وقتل الآلاف من مقاتلي القسام”.
أيضا كشفت صحيفة “تليغراف” البريطانية أن جيش الاحتلال الإسرائيلي قد يستخدم “قنابل إسفنجية” كيميائية تحتوي على مركبات كيميائية تتفاعل وتُستخدم لسدِّ الفجوات ومداخل الأنفاق التي قد يخرج منها المقاتلون.
ووفقاً للصحيفة، فقد شوهد جنود الاحتلال وهم يتدربون على استعمال هذه القنابل عام 2021 في شبكة أنفاق مُحاكية أنشأها جيش الاحتلال في قاعدة “تسئليم” العسكرية بالقرب من الحدود مع غزة.
تجفيف ينابيع دعم “حماس” مالياً
على الجانب المالي، وضمن هذه الحرب على “حماس”، قالت “وكالة الأنباء الفرنسية”: تسعى الولايات المتحدة الأميركية إلى تشكيل تحالف دولي لمكافحة ما تسميه “شبكة تمويل” حركة حماس، بعدما دعت فرنسا إلى أن يتولى “تحالف” دولي “مكافحة” هذه الحركة عسكريا وماليا أيضا.
ونقلت الوكالة الفرنسية عن والي أدييمو مساعد وزيرة الخزانة الأميركية، أنه سيتوجه إلى أوروبا 27 أكتوبر الجاري، وسيلتقي مع من وصفهم بالحلفاء والشركاء لمناقشة ما يمكنهم القيام به بشكل منسّق للتصدي “للشبكة التمويلية” لـ”حماس”.
وأضاف “هدفنا بناء تحالف مع دول المنطقة ولكن أيضا في جميع أنحاء العالم لمكافحة تمويلها”.
وفي 18 أكتوبر الجاري أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، فرضت عقوبات على نشطاء من حركة “حماس” ومن قالت إنهم “الميسرين الماليين لها” في دول عربية.
وقالت: “فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) التابع لوزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على عشرة أعضاء رئيسيين في حركة حماس ونشطاء وميسرين ماليين في غزة وأماكن أخرى بما في ذلك السودان وتركيا والجزائر وقطر”.