الأسير ما تم احتجازه من قِبَل قوى معادية، فيقال: أسير حرب؛ أي عدِم الحرية ووجود القيود عليه، فهو رهن الأعداء وسجين عندهم لا يملك من أمره شيئاً.
وبالعودة إلى منهج الإسلام في التعامل مع الأسرى، نجد مدى عظمة هذا الدين ورُقيِّه ورحمته وإنسانيته في التعامل مع الأسرى، وذلك من خلال هدْي الرسول صلى الله عليه وسلم في معاملته لهم، وقد تجلى ذلك في معاملته لأسرى «بدر»، حيث اتَّسمت معاملته صلى الله عليه وسلم بحفظ كرامتهم وإنسانيتهم ومراعاة لحقوقهم، بل استوصى بهم خيراً.
ومما يدل على ذلك أن شقيق مصعب بن عمير (أبو عزيز) الذي وقع في الأسر إثر غزوة «بدر»، وكان ضمن رهط آسريه من الأنصار عندما قدَّموا غداءهم وعشاءهم خصُّوه بالخبز، وأكلوا التمر لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأسرى خيراً.
لذلك، لا غرابة أن يسلك رجال «القسام» هَدْيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في التعامل مع أسراهم من حُسن معاملة ورعاية.
وهذا ما أكدته أسيرات الكيان الصهيوني بعد عودتهن من صفقة تبادل الأسرى، حيث ذكرن ما وجدن من حُسن معاملة، ورعاية وتوفير الأكل والشراب والعلاج والدواء والرعاية الطبية لهن من قِبل رجال المقاومة.
ورغم أن أسئلة الصحفيين الذين التقوا بهن تمحورت حول حدوث أي معاملة سيئة تعرضن لها بهدف الوصول لإجابة تشفي صدورهم من سوء معاملة، أو من سوء تصرف، لكن دون جدوى، بل كانت إجابتهن بنفي أي إساءة؛ مما أثار حفيظة المسؤولين اليهود، فطالبوا بمنع نشر مثل هذه اللقاءات، كي تبقى صورة «القسام» مشوَّهة لدى الرأي العام اليهودي.
بل تم مغادرة الأسيرات باحترام وتقدير دون قيود أو إهانة، وداعٌ اتَّسم بحسن المعاملة، وظهر ذلك جلياً على وجوههن من ابتسامات وتحيات حارة.
وبالمقابل، عندما حان وقت تحرير الأسرى الفلسطينيين، من نساء وأطفال، القابعين في سجون الاحتلال، تعرضوا للضرب والتعذيب والإهانة، ومنعوا عنهن أي مظهر من مظاهر الاحتفاء، حيث تم نقلهن بمعزل عن أعين الأهالي، الذين طال انتظارهم حول محيط السجن، بل تعرض الأهالي لإطلاق نار وقنابل مسيلة للدموع لإبعادهم عن محيط السجن، وتم نقل الأسرى من النساء والأطفال مقيَّدين مكبَّلين على مقاعد حديدية مؤذية وستائر محكمة؛ بهدف منع أي مظهر من مظاهر الحرية.
كما تم أخذ تعهّد على كل أسيرة وأسير بعدم إظهار الفرح أو الاحتفاء بالتحرير، وإلا سيكون مصيرهم العودة للسجن، وبلغ الحقد بجنود الكيان منع وصول أسيرة لبيتها حتى يتم خروج أقاربها من الدرجة الأولى، الذين كانوا بانتظارها في بيتها، كما تم منع الصحفيين من تواجدهم في منازل المفرج عنهن.
كشف تبادل الأسرى عن الوجه الكالح للكيان الصهيوني، وجه لا يعرف أي معنى من معاني الإنسانية أو الرحمة، وجه تشبَّع بحقد على بني البشر من غير اليهود.
ولا غرابة في ذلك، فهو وجه مشبَع بتعاليم توراتية محرَّفة فاسدة، لقَّنها لهم حاخاماتهم لجنودهم وشعبهم بشرعنة الإبادة الجماعية، وارتكاب المجازر، وقتل الأطفال، استناداً لنصوص توراتية محرَّفة وردت في كتابهم المقدس أن يوشع بن نون أمر جنوده بحرق أريحا بمن فيها من الرجال والنساء والأطفال، حيث ورد في سفر يشوع: «وأخذوا المدينة وحرموا كل ما في المدينة -أي قتلوهم- من رجل وامرأة من طفل وشيخ حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف».
هذه ثقافتهم.. هذه معتقداتهم.. هذه أخلاقهم!
لهذا، لا غرابة عليهم من معاملة الأسرى من نساء وأطفال معاملة قاسية تتسم بالإجرام والعنجهية، فهذا هو شرعهم ودينهم المحرَّف.
أما رجال «القسام» فقد سلكوا هَدْي رسول الله صلى الله عليه وسلم في معاملتهم لأسراهم معاملة حسنة، تنم عن قيمهم وأخلاقهم، رغم إجرام العدو وفتكهم بالأطفال والمرضى والمسنين والنساء.
هذه أخلاقهم، وهذه أخلاقنا، وشتان بين الثرى والثريا!